حديثٌ من الذاكرة.

خورشيد محمد ملا سعيد

قبل ثلاث سنواتٍ خَلَتْ و بعد تعقيبه على مقالةٍ لي كتب إليَّ في المرة الثانية: هل عرفتني؟. قلت: عذراً. قال: كنت جاراً لك قبل قرابة أربعين عاماً، أنا (- -)، والآن الطبيب (- -). فرحّبت به أجمل ترحيبٍ. و بعد لحظات تحدّثنا عبر الواتس. و بعد تبادل الأسئلة عن مكان الإقامة، و الصحة، والعمل، و بقية الأمور قال لي: إنك تلفظ كلمة (الله) في كلامك معي بشكلٍ ملحوظٍ: الحمدلله، الله يوفّقك، الله يحفظك. قلت: وما المشكل في ذلك؟. قال: إنّني قبل عشرين سنةً مضت عندما كنت في موسكو و قبل المجيء إلى هولندا بعدة سنوات أصبحتُ ملحداً، وارتحتُ من سماع هذه القصص: وجود الله، القيامة والحساب، الجنة و النار…إلخ. قلت له يا جاري الطبيب: هناك أمران فقط، أريد مناقشتهما معك برويةٍ، فما رأيك؟. لأنني أرى اللهَ ربي من خلالهما، وهما :
الأول: إنّ الله تعالى تحدّى كل الأحياء بالموت، فكلّ نفسٍ ذائقةُ الموت. فإِذا استطعتَ أو استطاع غيرُك إيقافَ الموت، والبقاء حياً إلى ما لا نهاية من الزمن فعندئذ للكلام وجهٌ آخر. وإلاّ فعليك أنْ تعود إلى الإيمان بوجود الله عزّ وجل والإيمانِ ببقية أركان الإيمان. ﻷنّ الخالق تحدّى بالموت كلَّ الكائنات .
الثاني: إنّني أرى رحلة هذه الحياة/الدنيا ناقصةً غيرَ مكتملةٍ، ولا تكتمل إلاّ بوجود يومٍ للحساب بعدها. قال لي كيف؟. قلت له: إذا جعلناك قاضياً، فماذا تقول في هاتين القضيتين؟.
القضية الأولى: أثناء محاولة اعتداءٍ لأخذ مالٍ بالقوة دون وجه حقّ قتلَ المجرمُ صاحبَ المال المراد أخذه بقوة الباطل، ثم قُتِلَ المعتدي أيضاً. فهل ترى العدالة في موتهما أي في مصيرهما؟. هل مات الاثنان وانتهى كلُّ شيء؟!!. قال: تكمن العدالة في أنّ الأول يذكره الناس ذكراً طيباً. والآخر يذكرونه ذكراّ سيئاً. قلت: و لكنْ، بعد عقود من الزمن ستنسى الأجيال القادمة ما حدث. و لذلك لا عدالةَ في انتهاء حياة المعتدي و الضحية – الدنيوية – بالموت.
القضية الثانية: إذا جاء غزاةٌ إلى أرض غيرهم ليحتلّوها بالقوة، و حدثت معركةٌ بينهما، فقُتِل من الغزاة الطامعين، و قُتِل من أصحاب الأرض المدافعين عن أرضهم وعن أنفسهم و عن عزتهم و كرامتهم .  فهل ترى في انتهاء حياة هؤلاء وهؤلاء عدالةً ؟. أي هل يكون موتُ الغازي المعتدي الطامع في الاحتلال و الذي يقتل و يدمّر و يسرق و…إلخ، و موتُ المدافع عن نفسه و أرضه و ماله و كرامته نهايةً عادلةً لحياة الاثنين الدنيوية؟!!.
قلت: فلا بدّ من يوم الحساب بعد الموت لتكتملَ رحلةُ الحياة الدنيا التي تتوقف ناقصةً عند الموت.
وبعد هذا الحديث المتبادل افترقنا بسلامٍ و هدوء. على أمل التواصل مرةً أخرى.
فما رأيك أنتَ يا عزيز القارئ؟.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…