الشاعر محمد عفيف الحسيني

عبداللطيف الحسيني
1ـ تاريخُ محمد عفيف تاريخُ شعرٍ وأمكنةٍ وأسفار, ليس له رصيدٌ آخرُ غير الأدب وهمومه ومثالبه و محامده, وهذا أبهى عمل يقوم به المرءُ في هذه الحياة التعيسة, لم أعرف محمد عفيف إلا والشعر ثالثُنا, ليس بَدءاً بريتسوس وبريفير وليس انتهاءً بمحمود درويش وسليم بركات,مَن يعرف هؤلاء الشعراء بمعيّة محمد عفيف لن يكون من الخاسرين, ومَن يتعرّف على قصيدة النثر عن طريقه فلن يكون من النادمين, فالرجلُ لم يكتب إلا قصيدة النثر مُضرباً صفعةً على ما سواه, أتذكّر الوجه الأجمل لقصيدة النثر في الجزيرة “منير دباغ” الذي ظلمناه نحن الذين أتينا بعدَه بنفس الظلم الذي أتى قبلَه أو معَه.
2ـ عاصفةُ حجلنامة: أتاحت مجلةُ حجلنامة فرصةً للصوت الكردي الثقافي ليكون عالياً  في العَالم العربي, فهي المجلةُ التي تتأبط الروحَ الكردية المكتوبة بالعربية, فقد كانت المجلة بمثابة احتجاج على الدوريات الثقافية الكردية المؤدلجة التي تتبخّر موادُها بمجرّد قراءتها, فالقاءُ حجر على ماء الثقافة الكردية لم يكن بالأمر الهيّن, ولذلك جاء الاحتفاءُ بها شرقاً وغرباً, وكذلك جاء أعداؤها جنوباً وشمالاً, فقبلَ أن تصل المجلةُ لعددها الخامس عشر توقفت  بسبب عدم دعمها طباعةً و توزيعاً… فقد كانت تُطبع وتُوزّع بمجهود فرديّ.
يكفي المجلة معنىً ومبنى أنها عرّفت القارىء العربي على أجمل ما يكونه الأدبُ الكرديّ المكتوب بالعربية, إن لم يكن منافساً للأدب العربيّ المكتوب بالعربيّة.

3ـ بهارات هندوـ أوربية:يدرك قاريء هذا الكتاب بأنه متى يبدأ بقراءته, وكأنه كتابُ “أطلس العَالم”. فهو رحلاتُ محمد عفيف وأسفاره في مناكب الدنيا, تلك الرحلاتُ والأسفار المكتوبة بلغة نثرية قريبة من الشعر, وأحيانا تقرأ نصّاً من الكتاب وكأنّه شعر مصفّى يحمل جرساً صوفياً, وهذا ليس بغريب عليه, فهو خرّيج حجرة الشيخ عفيف.
يعرف القاريء متى يبدأ, لكنه لا يعلم متى سينتهي من الكتاب, أتذكّر كتاب الرمل لبورخيس الذي لا ينتهي, من المستحيل أن يبدأ المرءُ بقراءة هذا السِفر دون أن تمرّ به حالاتُ استراحة أو فسحة. إذ كيف سيُقرأُ عمرُ محمد عفيف بشهر أو شهرين من خلال أحداث و أبطال و هوامش الكتاب, يُخيّل إليّ بأنه جزءٌ من عمر المؤلّف.
من باب التجربة أنصح القاريء بقراءة أجزاء منه و تركه جانباً, و من ثَمّ معاودة قراءته لئلا يفقد الادهاشُ رونقَه وجمالياتِه, فالكتاب يدهشك من أي جزء بدأتَ بقراءته أو ما انتهيتَ إليه, ومن الممكن قراءته  من الوسط  ثم العودة لبدايته, أو قراءته من الأخير ثم المعاودة لبدايته.
خطر لي هاجس بعد قراءة الكتاب: هل سيفهم جيل 2000 محتوى الكتاب. قصدي جيل “الفسابكة” الذي لم يحترق بنيران عامودا, كيف سيدلق هذا الجيل الماءَ على نيران أطلال عامودا.
بهارات هندوـ أوربيّة ماءٌ لا يُكَفُّ صبيبُه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…