رغم فقدانه البصر اصدر ديوانه الشعري الثالث

 
خالد بهلوي
 
الشاعر هادي بهلوي ولد في قرية كردية من قرى محافظة الحسكة التي تميزت بالمثقفين وخريجي جامعات وعلماء دين. كبر وتربى على يد والده المرحوم ملا شيخ موس قرقاطي العالم الديني والشخصية الوطنية والاجتماعية والقومية، الذي زار الصين وقابل شوون لاي في عام 1952 انعكس علومه وتربيته في تكوين شخصية الشاعر/ هادي بهلوي الذي يكتب منذ 1966 باللغتين العربية والكردية ويعتبر بحق من الأوائل الذين كتبوا الشعر باللغة الكردية متأثرا بالشاعر جكرخوين وملا ي جزري لكنه أسس لنفسه خصوصية في كتابة الشعر التي جسد فيها الحس والشعور الوطني لديه وانعكست كل ذلك في اعماله الأدبية منها
 ولادة اوجاع محبوكة اوعقد من الاوجاع المنسوجة (” Ristek Janên Hûnayî) الديوان الأخير الذي كتبه واصدره في فترة مرضه على مدى سنوات من معاناة وصراع مع مرض السكر الذي أفقده بصره وحرمه من الاستمرار في ممارسة دوره الوظيفي في الحياة والقيام بواجباته الاجتماعية والإنسانية واجبره على ملازمة الفراش، 
 بعد ان قضى سنوات من خيرة شبابه وعطائه وعمره في تدريس وتعليم الأجيال مادة اللغة العربية وتحديدا في مدرسة القادسية للبنات في القامشلي على مدى عشرون عاما دون كلل او ملل. بذل فيها من الجهد والعطاء ليترك بصمة وأثرا طيبا في عقول طالباته وغرس في نفوسهن الطيبة والمثابرة وحب المعرفة والتعليم. 
 خرج أجيال يفتخر بهم وهم لازالوا يفتخرون بمدرسهم الذي لم يبخل يوما في مساعدتهم او تعليمهم لينالوا درجات متقدمة من العلم والمعرفة ليخدموا بعدها مجتمعهم وشعبهم. 
مرض السكر الذي أفقده بصره واقعده الفراش وجعله يعاني من الالام والاوجاع والمعاناة اليومية الصعبة والقاسية لشخصية نشطة مثقفة واعيه بقامته لكن كل ذلك لم يفقده عزيمته وإصراره على تمسكه بالحياة كان لديه ما يكفي من الايمان والعزيمة بان فقدان نعمة البصر يجب ان لا يقف عائقا امام اجتهاده ومثابرته في كتابة الشعر، لينقل من خلال كلمات شعرية هموم ومعاناته ومعاناة شعبه وقضيتهم المشروعة وان يبقى فاعلا في المجتمع. 
وان يقدم ما يمكن من كتابة الشعر فأصدر ديوانه الثالث ولادة اوجاع محبوكة : وهو فاقد البصر ويصارع المرض والالم والظروف النفسية لكنه بقي صامدا متحديا كل الصعوبات الجسدية والنفسية تاركا العنان لفكره الوقاد في كتابة ونقل الشعر لزميله الذي دأب في كتابه ما يقوله من الاشعار المتزنة المعبرة عن روحه الوطنية معبرا عن مأساة وهموم شعبه من خلال احساسه المرهف والصادق.  
 بحق يتفق الكثير من الشعراء والكتاب بصعوبة كتابه شعر بحجم ديوان مليء بالحس الوطني القومي لفاقد البصر لأنه لا يرى ما يكتبه ولا يراجع أفكاره الا من خلال ذهنه وقدرته على انعكاس ما بداخلة على ورق دون ان يستطيع مراجعة وتدقيق ما كتبه. 
صدر له حتى الان ثلاث دواوين غدا قادم (Sibe wê bê) من القلب ji dil عقد من الاوجاع المنسوجة (” Ristek Janên Hûnayî) 
  رغم فقده بصره كان لديه من الايمان والعزيمة بان فقدان البصر يجب ان لا يقف عائقا امام إصراره ومثابرته في كتابة الاشعار ويبقى فاعلا في المجتمع.  له اشعار ضم 400 بيت عن سيامند وخجي والكثير من الاشعار عن عفرين وراس العين والحسكة وعن احداث عام 2011 والذي سطر فيها معاناة والصعوبات والكوارث والمصائب التي احلت بشعبنا في هذه المناطق من تشريد ونهب للممتلكات وضياع لمستقبل أجيال لديه الكثير من الشعر باللغة العربية كل هذه النتاجات بانتظار ان ترى النور وتصل ليد القارئ. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حيدر عمر

تمهيد.

الأدب المقارن منهج يعنى بدراسة الآداب بغية اكتشاف أوجه التشابه والتأثيرات المتبادلة بينها، ويكون ذلك بدراسة نصوص أدبية، كالقصة أو الرواية أو المقالة أو الشعر، تنتمي إلى شعبين ولغتين أو أكثر، و تخضع لمقتضيات اللغة التي كُتبت بها. ترى سوزان باسنيت أن أبسط تعريف لمصطلح الأدب المقارن هو أنه “يعنى بدراسة نصوص عبر ثقافات…

نابلس، فلسطين: 2/7/2025

في إصدار ثقافي لافت يثري المكتبة العربية، يطل كتاب:

“Translations About Firas Haj Muhammad (English, Kurdî, Español)”

للكاتب والناقد الفلسطيني فراس حج محمد، ليقدم رؤية عميقة تتجاوز العمل الأدبي إلى التأمل في فعل الترجمة ذاته ودوره الحيوي في بناء الجسور الثقافية والفكرية. يجمع هذا الكتاب بين النصوص الإبداعية المترجمة ومقاربات نقدية حول فعل الترجمة في…

سربند حبيب

صدرت مؤخراً مجموعة شعرية بعنوان «ظلال الحروف المتعبة»، للشاعر الكوردي روني صوفي، ضمن إصدارات دار آفا للنشر، وهي باكورة أعماله الأدبية. تقع المجموعة الشعرية في (108) صفحة من القطع الوسط، و تتوزّع قصائدها ما بين الطول والقِصَر. تعكس صوتاً شعرياً، يسعى للبوح والانعتاق من قيد اللغة المألوفة، عبر توظيف صور شفّافة وأخرى صعبة، تقف…

عبد الجابر حبيب

 

أمّا أنا،

فأنتظرُكِ عندَ مُنحنى الرغبةِ،

حيثُ يتباطأُ الوقتُ

حتّى تكتملَ خطوتُكِ.

 

أفرشُ خُطايَ

في ممرّاتِ عشقِكِ،

أُرتّبُ أنفاسي على إيقاعِ أنفاسِكِ،

وأنتظرُ حقائبَ العودةِ،

لأُمسكَ بقبضتي

بقايا ضوءٍ

انعكسَ على مرآةِ وجهِكِ،

فأحرقَ المسافةَ بيني، وبينَكِ.

 

كلّما تغيبين،

في فراغاتِ العُمرِ،

تتساقطُ المدنُ من خرائطِها،

ويتخبّطُ النهارُ في آخرِ أُمنياتي،

ويرحلُ حُلمي باحثاً عن ظلِّكِ.

 

أُدرِكُ أنّكِ لا تُشبهينَ إلّا نفسَكِ،

وأُدرِكُ أنَّ شَعرَكِ لا يُشبِهُ الليلَ،

وأُدرِكُ أنَّ لكلِّ بدايةٍ…