قمة الجودي

مهما ازدادت حدة المؤامرات وشراستها ، ومهما أخرج الحاقدون مكنونات الحقد من أعماقهم ، ومهما حاول العابثون تشويه صفحات التاريخ بأفكارهم السوداء ، ومهما زرعوا الطريق بالمتفجرات والمفخخات ، تبقى الإرادة الخيرة أقوى ولابد أن تطهّر الطريق ليصبح سالكاً ، ولابد للتاريخ في النهاية من أن يصحح مساره . 

توفيق عبد المجيد
أيتها القمة الشاهقة العلو
يا مرسى سفينة نوح
 ومهد البشرية الأول
لم يستطع الفيضان العظيم أن يغمر قمتك
بل تصدت له بكل ما تملك من الجبروت والقوة
 فأفرغت السفينة ما في جعبتها
من الأجناس البشرية والأزواج
على قمتك 
وكانت الانطلاقة التالية من جديد
ومن على قمتك الشامخة
باتجاه أرض الله الواسعة
للإعمار والبناء
يقول المثل
على القمم الشاهقة
الشامخة    
تهب العواصف دوماً
تدمن الهبوب في النهار
وتتضاعف شدتها في الليل كالحمى
لتفتك بالجسد المنهك             
ولكن
شيئاً فشيئاً
تضمحل
تتلاشى
ثم تصبح
هباء مبثورا
تضيع في فضاء الكون السحيق
ولكنها استطاعت – ولو للحظة –
وفي غفلة عن الدهر
أن تجرف بعض النتوءات
أن تأخذ معها بعض الحجارة الصغيرة
إلى القاع
ويقول المثل ثانية 
قد تلدغ الحشرة
حصاناً أصيلاً
فتبقى الحشرة حشرة
ويبقى الحصان أصيلاً
ويقول المثل كذلك
يظل الفرد محترماً في الشرائع
 وفوق الجميع
إذا لم يذنب بحق البشر
فإذا أذنب
فالويل له
ومحاكم التاريخ بانتظاره
وسيرمى في الحاويات
إن طال الزمن
أو قصر
 
ويقول ( ماو ) أخيراً
إن النملة قد تطاول السنديان
والزائلون المؤقتون يضعون الخطط
للإطاحة بالشجرة العملاقة
لكن البحار ترتفع
والغيوم والمياه تتزايد
لتكنيس كل الحشرات
لأن إرادة الشعوب لا تقهر
فيا جودي
تشامخ بقمتك العالية
ويا جذور السنديان
اضربي عميقاً
في القاع
فقد خرجنا
من عنق الزجاجة
وبلغنا نهاية النفق المظلم
ولن تقهر إرادة الشعوب دائماً
لأنها
من إرادة الله 

في 6/7/2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…