صدر حديثاً عن دار موزاييك للدراسات والنشر في تركيا رواية «مسرح العمى» للكاتب السوري «أحمد خميس»، التي جاءت في مائة واثنتين وتسعين صفحة من القطع الوسط، وهي رواية تقبع داخل رواية أخرى، وحملت الاسم ذاته، بحسب الروائي.
تدور أحداث الرواية بين الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة كوينز ولاية نيويورك وبين النرويج في أوسلو عاصمتها، وصولاً إلى البرازيل وانتهاء بمدينة كَانْ الفرنسية، وفي مكان آخر تمت كتابته وحكايته من قبل أبطال الرواية أنفسهم في مكان ما داخل غابة بالقرب من وادي السفرجل كما أطلق عليه كاتبها.
مسرح العمى رواية ذات مضمون إنساني بحت، تتناول العمى أو إن جاز القول تتناول حكايات متعددة أهونها العمى بمعناه الصريح، حيث وزعت فصولها بناء على الأمكنة التي تناولها الكاتب.
وعن الرواية قال أحمد خميس: «لماذا مسرح العمى؟! تؤرقني فكرة البقاء وحيداً، تسيطر علي لدرجة أنني أصبحت وحيداً بالفعل وهذا ما دفعني لكي أكون على ما أنا عليه اليوم».
وأوضح خميس: «الوحدة هذا المفهوم الجاف، الممحل، يتقاطع بشكل كبير وحالة اللاعدمية الكبرى المتمثلة بالموت ولربما هذا هو السبب الوحيد الذي يمنحه – أي الموت – صفة مقدسة لا تشبهها صفات أخرى، تلك العزلة الخرساء، والسكينة المخيفة، المهيبة التي لم ولن ترق مخيلتي حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذه الاعترافات، إن جاز لي تسميتها كذلك، من وصفها كما يجب، والإحاطة بها إحاطة الخبير العالم، اعترافات أناس يعيشون وحدتهم الفريدة، وسط عالم أجوف عميق كثقب أسود، كنفق طويل مظلم تصطف فيه مفاهيم الحياة البسيطة منها والمجردة بشكل لن يتمكن أحد مهما بلغ من رشد، وعلم، وخيال، ومعرفة من سبرها وتشريحها والحديث عنها».
وأكد: «كلنا منقوصين حتماً، نقص يُرى، وآخر لا نراه، مكتملين بقدر ما نثق وليس بالقدر الذي نحن عليه حقّاً، عميان بطريقة أو بأخرى.
ولن أقول وأنا جازم تمام الجزم إننا إذ نتحدث عن حالة إنسانية يعانيها ملايين الناس حولنا في هذا العالم الرحب الوسيع ألا وهي (العمى) بأن الأمر عاديّ، وإن مواضيع كهذه يجب علينا عدم تناولها، لأن أبوابها زجاجية، وتحطيمها وارد بالفعل، وقد تتسبب بنبش ما لا ينبغي نبشه، وإنها محرمات لا ينبغي علينا الاقتراب منها إلا إذا ما أردنا معالجتها معالجة سريرية تطبيقية بحتة».
وأردف: «في روايتي هذه كتبت عن العمى لأنني أعمى؛ رغم أنني أمتلك القدرة على رؤية الأشياء، أبحرت في نفوس أناس يحيطون بي كيفما تلفّت، ولأنني لا أرى فيهم شيئاً غريباً كتبت ما هو غريب فيهم. في هذه الرواية القصيرة شخصيات حقيقية أحبها إيما حبّ، تعلمت منها أن الحياة ليست حلبة صراع فحسب بل مكان واسع وكبير للحلم، وللسلام، والأمنية».