خالد إبراهيم
متعبةٌ هذه الشوارع
لا أصدقاءٌ أشدُّ بهم عُهر هذا الزمان، ولا أبناء دمي ينفضون عني سِلال التربة الرطبة من على وجهي، ولا طبقات الأسفلت تمنع هشاشة أضلعي المائة بالون وألف رصاصة
لا أسمعُ سوى حشرجات أقدام المّارة و طنين ريح تمزق حجر الأرصفة المتراصة بعناية بين أيادي الجزارين، و صرخة الزنجبيل المتوارية مِثل خيط دخان يلتوي حول عنق المدائن و يرحل
يهلعُ المتوافدون إليه بريشة فنان
و شاعرا فاشل
******
الشعر
هو أن تبكي فرحاً
ترقص وجعاً
الشعر ريحٌ و إن فقد اتجاهه تبكي الملائكة تحت فيافي نخيل العراق، وصخور جودي وسنجار
إن تسابق الريح تحت مياه دجلة و الفرات
إن تبلع حزن جبل عبدالعزيز وجفاف الخابور
وعلى سفح قاسيون الألم
لترسم طائرا
وشجرة بلا جذور وأغصان
إن تعبر هذا التيار و أنتَ تتعرى من التيه والعطش والكفر
الشعر هو
أن تنبتَ الورود في فوهة البندقية
و ليسَ ندماً
و لا ذكرى عابرة
هو الوقت الذي تضع فيه ركبتيكَ على صدر العدو
هو اليوم و غداً
خنجرٌ و حجرة مِن الصوان
****
أحياناً
دائماً
فينةً
لبعض الوقت
صلابة الدمعة
حذَّاءُ الوجوه
*****
أحياناً
أن تكون شاعرا بلا إحساس
سياسياً بلا كرامة
إنسانا بلا روح
دائماً لديكَ بعض الوقت بين الفينة و الأخرى لتنحت غضب الأنبياء على جدار الهلع المرصع بقبح الوطن و المواطن
برثِّ العادات والتقاليد المشبوهة على تخوم اللذة المُخبأة في الطين المُعلق على شبابيك الموت الزائف الهاطل من سماءٍ تحمل السكاكين المكسرة
يا هذه الأرض التي تحمل الخطايا
الأب و الأم
الأخ و الأخت
الابن و الابنة
الخال والخالة
العم والعمة
الجد والجدة
في أعماقي ألف معركة فاشلة
جيران الكآبة والكذبة المطبوخة بمخاض الرحم وَصِلة القُربة المزيفة
أنتَ و أنا أيها التافه الإنسان
لديكَ الوقت الباذخ لتصنع صلادة مِن اللاهوت الفاسد
هكذا تحفر الطريق و الوجوه تبدو مِثل أحذية فولاذية تنقر مسافة الزنجبيل ما بين الأرض و السماء أيها الإنسان
أحياناً صلابة الدمعة هي
خنجرٌ بيد الله
أحياناً
قمة الشرف أن تكون بِلا شرف