غريب ملا زلال
لم تخطط ماذا ترسم، و لم تفكر كيف ترسم، وجدت نفسها أمام فضاءاتها بكل بساطتها، دون قلق و دون خوف، وقفت و كأن شيئاً لا يعنيها سوى إيقاعها، أراقبها من بعيد، أصغي إلى حركاتها علها تفي حاجتي من الدخول إلى عوالمها أو الإقتراب من الهالة التي رسمتها على نفسها، كانت تتحرك ضمن دائرة ضيقة مبتغاها أن تتخلص من البياض الذي أمامها، كطفلة مفتونة بلعبتها بدأت ترسل هدير ألوانها، فما إختارته من أزرق و في أعقد حالاته قد قلت أنها تورطت و لن تخرج من ورطتها، فالتعامل مع الأزرق مغامرة حتى للمحترفين الكبار، فكيف و هي بهذه العفوية تتحرك و تتعامل مع ألوانها، الأمر خطير، و وجدتها غير مبالية بكل ذلك، تتخذه لتطرشه على المساحات البيضاء غير سائلة إلى أين، حتى تشرع التكوينات بالتشكل، و تعلن عن نفسها في خبايا العمل،
فهي تنجز فعل الإفصاح عما تخفى من ملفوظات و أشكالها، تلك الأشكال القادمة من قصص الجدة و ما كانت تسردها لها قبل النوم حيث الخيال يكون في أقصى نشاطه، كل الشخوص قابلة للنطق و الحركة، من الأشجار، إلى السموات إلى عاشقين يبحثان عن حلمهما في عباب الحياة، قلت إنها في ورطة مع الأزرق، لن تنجو من هديرها لا هي و لا فضاءاتها رغم أنها تمسك ريشتها من الوسط حتى لا تجرها و ترميها في بحارها الهائجة، فأزرقها غاضب و يخيف و يحول البقع الكثيرة من المساحات إلى أشباح تزيد من جرعة إخفاقها و عدم قدرتها على تجاوزها، لكنها غير مبالية لكل ذلك فهي سليلة الحروب و القتل و الخراب، تتخذ من الكآبة و لونها مسنداً تتكىء عليه و هي تحيل ما خفي إلى وقائع مهما كانت هذه الوقائع مُرّة و حزينة و بائسة، و هي لا تقف عند حدود الكلام حين تبني عالمها و هي تخشى من تلاشيه، بل تتوحد مع شخصيات حالمة، متماسكة لا تفقد ذاتها مهما كانت العاصفة هوجاء، بل تعيد الكشف مرة تلو الأخرى علها تعيد إنتاج المشهدية من خلال تخيلاتها الخاصة و هذا نوع من التوحد مع الذات أولاً، و مع العمل المنتج ثانياً، و بذلك تعزز وجودها، و تدعم إكتشافاتها على نحو أكثر .
الشجرة التي زرعتها ناز في هذا السيمبوزيوم أثمرت فاكهتين بهما وقعت حضورها، و قالت كلمتها، أثمرت عملين بهما حاكت رؤى من الطبيعة و الحياة و ما تشتمل من بشر و نباتات و جماد، و من حركة و سكون، ومن حلم و واقع، من وجع و دواء، من ألم و متعة محاولة تجديد تصوراتها عن كل ذلك علها تجد الشكل الذي تبحث عنه للتعبير عن وجهة نظرها المعرفية منها و الإنفعالية، الجمالية منها و الإجتماعية، فهي تحوم حول الذات / ذاتها و العالم علها تلتقط لحظة معينة كانت غائبة آنى لها أن تمثل شكلياً و تعبيرياً، و هنا قد تتدخل بعض القيم التي يبحث عنها المتلقي / المتذوق و التي يضعها في مرتبة عليا من عمليتي التذوق و التقييم لديه، فناز تركز على مفردات الحكاية و ولادتها على نحو أكثر من تركيزها على طريقة سردها و على كيفية ولادتها، و هذا ما جعلتها تغزو المساحات بألوانها على نحو مكثف و بتأثير بعص المنبهات الفنية التي تشتمل على القيم الإيقاعية و الصوتية، و تستمر للربط بين التفاصيل بمرونة تكيفية تمنحها القدرة على تغيير زواياها الذهنية التي منها تطل على مشهديتها البصرية، و منها تنظر إن كانت هذه المشهدية ما تزال تحتاج إلى جهودها التجريبية أم لا، أم أنها تعيش حالة الرضا، و تشعر بالإرتياح المنزه تماماً الذي سيحيلها إلى إهتمامات معينة هي بمنزلة حكمها الخاص المتعلق بالمتعة الجمالية و موضوعاتها .
في ضوء ذلك و بحكم ناز تتجاوز في توسيع الكلام فإنها لا تساير الواقع و لا تصف ما ظهر منه، بل تبتني رموزها الحاضنة لمشروعها، و الحال أن هذه الرموز، بل بناؤها هي التي أمنت بقاءها و ضمنت إستمرارها و مقدرتها على الفعل في متلقيها، و كأنه كان من الطبيعي ألا تهتم بكيفيات بناء تلك الرموز، و بكيفيات تشكلها و نهوضها، فهي المنخرطة في زمنها، زمن الإبداع و المكاشفة، و هي التي تلغي مسافات التغاير بوصفها غلواً و مبالغة، و كأنها تشد عملها إلى الحضور الفاعل و التأمين على بقائه، و كأنها تشده في نوع من التأسي على الذات و في نبرة طافحة بالشجن إلى ما يتمحور حول الإنسان من طريقة إقامته على الأرض إلى غيابه عنها، و هذا من أسمى أشكال الحضور و تمايزه .
ناز علي :
من مواليد أربيل ١٩٨٩
التحصيل الدراسي: بكالوريوس هندسة برمجيات ٢٠١١
المشاركات؛-
* المعرض المشترك بمناسبة يوم الطفل ٢٠٠٦
معرض مشترك ٢٠١٣-٢٠١٢
* معرض نساء كردستان والذي أقامته مؤسسة جمال عرفان الثقافية٢٠١٨.
*حائزة على المرتبة الثانية في مهرجان فني لنساء كردستان في مدينة كفري ٢٠١٨.
*مهرجان نساء مبدعات ٢٠٢٠
معرض فردي بعنوان (هيلان)٢٠٢١.