نضال المرأة الكوردية

د. قاسم المندلاوي .

امتازت المرأة الكوردية منذ العصور الغابرة بالشجاعة و قوة الارادة  والتحمل و شاركت جنبا الى جنب مع الرجل في النضال من اجل الحرية و الاستقلال وتميزت بالصبر و الصمود والقدرة العالية في مواجهة قسوة وشقاء و بؤس و حرمان الحياة الرعوية و الريفية ، وتولت تربية الطفل و تعليمه الكتابة والقراءة والاغاني و الاناشيد الوطنية و الشعبية و الفنون التراثية والاعمال اليدوية و الفروسية سواء أكان ذكرا ام انثى، وفي معظم الاحيان تقوم مقام زوجها . و تتمتع المرأة  في المجتمع الكوردستاني بسلطة واسعة و مكانة عالية و منزلة استثنائية داخل الاسرة ” فهي سيدة البيت ” لذا فان مفهوم الاسرة الكوردية اقرب الى المفهوم الغربي ” و تتصف المرأة الكوردية بقوة الشخصية وصدق الحوار و لديها طريقة جذابة في الكلام و الاحاديث و في غياب الزوج تستقبل الزوار و تضيفهم و تتحدث بحرية اليهم و لا تخفي وجهها كما تفعل غيرها من النساء في البلدان المجاورة الاخرى ..
 يقول ” كومت ده سيري 1840″ راينا ان النساء الكورديات غير معزولات عن الرجال رغم كونهن مسلمات ، وان وجوههن مكشوفة و يعتبر ذلك امرا غير مألوف لدى الشعوب الاسلامية الاخرى ، ولم يفكر الكوردي قط بالتضيق على حرية المرأة ، لانه يعتبرها دائما اهلا لتلك الثقة و الحقوق و المسؤوليات التي تمتع بها الرجل ” كامران  علي بدرخان 1933 “، وساهمت المرأة الكوردية في جميع ثورات الكورد الماضية و الحاضرة دفاعا عن شعبها و ارض بلادها ” كوردستان و تحملت انواع  العذاب و الكوارث و المآسي و يعرف التاريخ الكوردي الكثير من الزعيمات و المقاتلات الشهيرات التي قادة فرق قتالية كالبطلة ” مشلات و قمرة و فاطمة و غيرهن ” حيث قادة فرقة قتالية قوامها خمسمائة مقاتل من المتطوعين الكورد أبان الحرب الروسية العثمانية عام 1875 م في أرضروم و فارس، كذلك الثورة التي قادتها الثأرة الكوردية الفيلية ” قدم خير بنت الامير قندي القلاوندية ” في أقليم لورستان ضد نظام “رضا شاه ” أحدى الثورات الكبيرة للكورد الفيليين ضد النظام الايراني التي اخمدت و انتهت بقتلها عبر مؤامرة جبانة، و الثائرة “نازي خانم” التي ثارت على شاه ايران الاخير، لقد  تمكنت المرأة الكوردية من عدم حمل الحجاب لانه لم يكن يتلائم وواجباتها المعيشية و النضالية و القتالية و العسكرية، وقد أسفر ذلك عن تسلم الكثير منهن وظائف و مناصب عالية في المجتمع الكوردي حيث  كانت ” صفيه خاتون ” ابنة الملك الصالح نجم الدين ايوب اميرة منبج عام 1231 امتازت بشخصية قوية وكانت ملجأ للهلربين من ظلم الخوارزميين ، وحكمت ” خانزاده سلطان ”  امارتي حرير و سوران ”  بعد وفاة زوجها ” وكانت تتولى قيادة الجيش بنفسها في 1623 – 1640 ” و الثائرة ” فاطمة خانم ”  كانت تتولى قيادة فرقة كوردية في حرب القرم 1853 واشتهرت بلقب ” السيدة السوداء ” انها المرأة التي سجلت اسمها في التاريخ الكوردي، وهناك بعض النساء الكورديات الائي  أظهرت كثيرا من المقدرة و حسن الاستعداد لتولي  الامور العامة، فعرفت بحسن التدبير و لا سيما نساء ” الكلهر ” نخص بالذكر شهيرات نساء الكورد في التاريخ الحديث ” حليمة خانم وعادلة خانم ” وفي اواخر القرن التاسع عشر كانت السيدة ” حليمة خانم ” من هكاري ” شمال كوردستان ” هي حاكمة ولاية ” باش كالا ” الى ان اجبرت على الاستسلام للحكومة العثمانية بعد قمع ثورة  بدرخان عام 1847  ”  بتليسي – شرف نامه 1597 ” اما بالنسبة للبطلة المقاتلة ” عدلة خاتون ” في عام 1909 – 1924 شغلت  ” اردلان ” قائم مقام شهرزور في حلبجة  ” والتي اطلق عليها الانكليز  ” أميرة الشجعان ” وكانت شهيرة وشديدة تحكم حلبجة وتمارس نفوذا كبيرا في شؤون قبيلة ” الجاف ” في سهل ” شهرزور ” على الحدود التركية – الايرانية ” وهي احدى اكبر القبائل الكوردية في منطقة ” زاغروس ” ، والمقاتلة الايزدية ” ميان خانم ” التي كانت اقوى قائدة ايزدية خلال الفترة 1913 – 1937 ” …  وخلال الحرب العالمية الاولى تفاوضت القوات الروسية مع المقاتلة الكوردية ” مريم – من عائلة ” نهري الشهيرة ” والتي كانت تتمتع سلطة كبيرة على قبيلتها التي كانت تحكم  المنطقة، من اجل  ممر آمن  عبر المنطقة التي كانت تحكمها ” باسيلي نيكيتين ” وغيرهن من النساء الكورديات المقاتلات و المناضلات حيث تحملن قسوة الحياة و شدتها و صعوبتها، فالمرأة الكوردية كانت شجاعة و تحمل الصفات الانسانية و الاخلاقية و الوطنية و الثورية و شاركت في بناء  و تنمية  المجتمع الكوردستاني  سياسيا و اقتصاديا وتربويا وتعليميا و ثقافيا و اجتماعيا، وهناك نساء كورديات اشتهرن في مجالات اخرى منهن ” اسيئاث بارزاني ” اول حاخان في التاريخ اليهودي من اصل كوردي قامت في نشر مجموعة كبيرة من المنشورات  في القرن السابع عشر، وهناك كورديات اشتهرهن  بالادب وكتابة الشعر منهن الكاتبة و الشاعرة الكوردية ” مستوره اردالان 1805-1848 ” و ” حفصه خان نقيب ” التي اسست اول جمعية نسائية في جنوب كوردستان وفي عام 1930 بعثت برسالة الى عصبة الامم شاكية لها تنكر الكيان العراقي لحقوق الشعب الكوردي  و الشاعرة  ” نرجس ” خانم شهرزوي، و الشاعرة و المؤرخة ” خانمي ” ، والاميرة ” سينم بدرخان ”  اول امراة كوردية حصلت على وسام الشرف الفرنسي سنة 2013 ، والشاعرة الكوردية ” ديا جوان ” من مدينة ” قامشلو ” غرب كوردستان قامت بتقديم جائزة الاديب ” عثمان صبري ” للسيدة ” دانيال ميتران ” سنة 2004 ، و الاديبة ” روشن بدرخان ” التي كانت تجيد اكثر من اربعة  لغات  مثلة الكورد في مؤتمر ضد الاستعمار والتي اقيمت في اليونان عام 1957  و” جميلة جليل ” التي اختصة بالموسيقى الشعبية الكوردية ومن النساء الكورد المشهورات ايضا ” وداد عقراوي ” خبيرة صحية في الدنمارك وناشطة في مجال حقوق الانسان الكوردي من اصول كوردية و” هيرو مصطفى ” دبلوماسية امريكية من اصول كوردية و” فيليكناس اوجا ” سياسية ايزدية ناشطة في المانيا و تركيا وغيرهن من النساء الكورديات المناضلات والمقاتلات وهن يعملن في صفوف البيشمركة في جنوب وغرب كوردستان نذكر الشهيدة ” ماركريت جورج ” اول ثائرة مناضلة كوردستانية آشورية انضمت الى صفوف البيشمركة الاوائل ابان قيادة الملا مصطفى البارزاني عام 1961 ولقب من قبل الكورد ” دايا كوردستان ” اي ام كوردستان لدورها البارز و الشجاع في المعارك التي خاضها الكرد وتم اغتيالها من قبل بعض مرضى العقول و المتخلفين الكورد في ” برواري بالا ” مع جرح والدها في اليوم الثاني لعيد السيد المسيح ” ع ” تخلفا منهم انه لا يجوز مشاركة المراة في صفوف البيشمركة ” سندس النجار 2021  صوت كوردستان  16 / مايو ” ، وكذلك مشاركة مقاتلات الكورد في شمال كوردستان وشرقها وخاصة المقاتلات البطلات في صفوف حزب العمال الكوردستاني و المناضلات في صفوف حزب الشعوب الديمقراطية في تركيا امثال المناضلة البطلة ” ابرو غوناي ” وغيرهن، وعلى الرئيس التركي ” رجب طيب اردوغان ” اطلاق سراح جميع المناضلات و المناضلين من النواب و السياسين الكورد المعتقلين و المسجونين في تركيا ظلما امثال ” عمر فاروق جير جيرلي  اوغلو – من حزب الشعوب الديموقراطي ” و النائبة الكوردية المناضل “ليلى جوفين” حكم عليها زورا وبهتانا 22 سنة، والمقاتلة الكوردية ” جيجك كوباني ” التي وقعت في الاسر عام 2019 وحكمت عليها بالسجن مدى الحياة وغيرهن من المناضلات و الناشطات الكورد . 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…