لكل جيل دور ورسالة في الحياة

خالد بهلوي

 
الحضارة الإنسانية سلسلة من العلوم المعرفية ليست ملك جيل واحد، بل هو تراكم معلومات وتجارب وخبرات شارك فيها كل جيل وجاء الجيل الاخر ليكمل ما بناه الأول، وهكذا يتطور ويزدهر بعلاقة إيجابية بين الأجيال (الأبناء والاباء) .
يقول بعض علماء النفس لا يوجد صراع الأجيال ما يظهر من خلافات في الرأي بين الأجيال المتتالية هو حراك طبيعي يعيشان عالمين مختلفين يلتقيان ويختلفان بالكثير من الأمور. لكل جيل رؤيته ومعاييره في جميع المجالات وله ومواهبه ومهاراته وابداعاته وابتكاراته وتطلعاته للمستقبل.
حقيقة الجيل القديم كان جيلا جديدا يوما ما، امام من سبقه من الأجيال فأصبح قديما مع الزمن والجيل الجديد سيصبح قديما وهكذا، ولكل جيل دوره ورسالته في بناء الحضارة الإنسانية وطبيعة العلاقة بين الجيلين هي علاقة حرص ونصح ونقل المعرفة من الجيل الى جيل.  
لهذا لابد من احترام وتقدير الجيل القديم مما قدمه واسسه ورسخ مفاهيم واكتشافات واختراعات والتنويه بحكمته واحترام أفكاره بما توحي به من النضج والعقلانية نتيجة تراكم التجارب والخبرات ليصل الى حد الكلام عن القيم والمبادئ والمعتقدات. وهذا سيؤدي الى بناء تراكمي للمعرفة والخبرة والثقافة عند الجيل الجديد.
 الذي يتسم بالحداثة والحيوية والنشاط والأفكار المتجددة لانه توفرت لهم استخدامات الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي وأصبح الكون قرية صغيرة بدليل ظهور فيروس كورونا كوفيد 19 في الصين بعد فترة قصيرة وصل الى قريتنا في الشمال الشرقي من سوريا.
ناهيك في ثوان يستطيع المرء ان ينقل كتاب من أي مكتبة بالعالم ويطبعها ويحتفظ بها في مكتبته بالمجان وينتقل بالطائرات بين الدول، بينما الجيل القديم كان يسافر على الجمال للوصول الى الحج .
ان التطلع الى غد أفضل أكثر طموحا واجتهادا هو هدف مشروع لكل الأجيال  
البعض من الجيل القديم يقول ان الجيل الجديد لا يتقن الفضائل التي تلقيناها عن آبائنا واجدادنا مثل الاحسان بالتعامل واحترام الكبير وحق الجار والأمانة واكرام الضيف ومساعدة المحتاج والصدق والإخلاص في العلاقات الاجتماعية  والتعاون والمحبة.
بالمقابل علينا الاعتراف اننا تعلمنا من جيل الشباب طموحهم وسعيهم لنيل الدرجات العلمية والتطور الصناعي والاقتصادي والذي ازدهر منذ سنوات قليلة يعادل ما تحقق منذ مئات السنوات. مع ذلك من واجبنا إذا كان لدى الجيل الجديد أخطاء وعثرات في حياتهم علينا نحن الكبار ان نقومها ونصححها لتسير في الاتجاه والمنحى الصحيح.
 نلاحظ حين انقطاع أجيال عن التعليم والمدارس مع اضعاف التربية عند بعض الاسر لظروفها المعيشية او الهجرة وتشتت العائلة الواحدة، بروز ظواهر الانحراف في أوساط الشباب خاصة بعدم الانصات وعدم تقبل النصيحة وفقدان احترام الصغير للكبير، ويظهر أحيانا من بعض المراهقين مظاهر العربدة ورفع صوت الموسيقى والسهر حتى الصبح دون مراعاة راحة باقي السكان.  يستنتج بان وضعية بعض الشباب اليوم تحتاج الى تقويم عبر برامج تربوية ورعاية ابوية واسريه مع تطبيق القوانين والاحكام الصارمة بحق المخالفين والمستهترين.
واضح في مسيرتنا الحياتية دور الأجيال القديمة وتأثيرها على الأجيال القادمة رغم التكنولوجيا التي غطت ودخلت كل بيت بمفاهيم جديدة وفكر نير لخدمة البشرية جمعاء. ان هذا الأرض ملك جميع الأجيال ولا يحق لجيل مصادرة حق الجيل الذي سبقه في دوره ببناء الحضارة الإنسانية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…