ابراهيم البليهي
كانت العالمة الأمريكية مارغريت ميد من رواد علم الانثروبولوجيا فمن أجل العلم عاشت وسط بيئات ثقافية بدائية وعاشرت البدائيين من أجل فهم نسقهم الثقافي وقدمت دراسات انثروبولوجية ريادية تأسيسية ….
ولكن بعد موتها أصدر درك فريمان كتاب (مارغريت ميد- صناعة أسطورة ) لقد زعم فريمان أن الوقائع التي بنت عليها ميد رؤيتها الثقافية كانت وقائع غير صحيحة ….
وثار جدل واسع بين مدافعٍ عن مارغريت، ومتهمٍ إياها بالاختلاق ولكن ذلك حصل بعد وفاتها بخمس سنوات (( والحيُّ يغلب ألف ميت))
التافهون لا تُنبش قبورهم أما الرواد العظماء فيبقون في بؤرة الصراع بعد قرون من موتهم ……
ففي بداية الانبعاث الأوروبي هاجم فرانسيس بيكون أرسطو وزعم أن أفكاره أنامت أوروبا خلال القرون الوسطى وفي خضم النقد تجاهل الناقدون عظمة أرسطو وإسهاماته الفكرية الكبرى؛ فالناقد يركز على ما يراه سلبيات ….
والآن تتوالى الكتب والمقالات لنقد ديكارت لأنه قال بثنائية العقل والجسد بينما اكتشف العلم بأن العقل نشاط الدماغ أي أنه لا يوجد ثنائية تفصل العقل عن الجسد وفي معمعة النقد تناسى الناقدون أن ديكارت هو الرائد الأعظم للانبعاث الأوروبي الحديث ….
هكذا هو الإنسان ظلوم جهول حتى حين يعمل في العمق من العقل والعلم ….