لم تعد تؤرقني فكرة الحب

أڤين إبراهيم
لم يعد يؤلمني الخريف
باتت تضحكني فكرة الالتحام مع الكون
نسيت آخر مرة سحرتني فيها الموسيقا
طفلتي متعبة
أقول لها:
نامي في فراشي قليلا
تنظر إلي بعيون حمراء
هل أستطيع النوم إلى الأبد؟
طفلتي متعبة والحكمة تقول:
لتكتب عن شيء ما عليك أن تخرج منه
أن تكون مخلصاً ونقياً للحب
ربما للكراهية
لكني لا أرغب بتغيير شيء
أُريد للأشياء أن تبقى على حالها
أُريد أن تتخلص طفلتي من فكرة الموت
الموت الذي لا أخاف منه
لا أدري لماذا أرتعب
عندما أراه في عيناها
طفلتي متعبة
والسرير واسع
صنع من جذع شجرة عجوز
شجرة مأخوذة
بعلاقة غامضة
جمعت النار بالرماد
تمر الأنهار تحت سريري
مخدوعة طوال الوقت بالحياة
تترك ورود فضية على جسدي
تقطفها طفلتي صباحا
تضعها في شعرها الأخضر
ثم تبكي
لماذا على الإنسان أن يعرف الحقيقة متأخرا
تروي لي كوابيسها فتقول:
ليلة أمس كنت أتوسل أبي ليقتلني
بينما كنت أنت تكتبين قصيدة لرجل خرافي
عاش معك عشرين عاماً ولم ألتقي به
رجل كلما أحببت سماء
قمرا
حجرا
أراني أبحث عنه
مثلك لا أجده سوى في الخيال والكوابيس
فجأة تخرج امرأة أخرى من جوفي تقول لها
من القسوة أن نعالج ألمنا من الجمال
بالعزلة وحبوب الاكتئاب
لكنها حياتنا الشقية
حياتنا ابنة الكلب
هذا الوقت المستقطع
الوقت الذي تحتاجه قطعة الكعك الجافة
قبل أن تسقط في قعر الكأس
طفلتي متعبة وأنا عاجزة
أهرب من روحي التي تتمزق
لزوبعة ترابية هجمت على القرية
صرخت جدتي ادخلوا البيت
لا أحد يستطيع يتغلب على رياح تعبث بالتراب
لكني بقيت
ككل النساء احتميت بجدار
خرج أخي من الزوبعة برموش بيضاء يضحك
إلهي 
كان عليّ أن أتعلم وقتها
ألا أعبث ثانية مع التراب
لكنني
مثلكم أنجبت أطفالا عراة
رميتهم بقسوة للحياة
طفلتي متعبة
أقول لها:
نامي في فراشي الليلة
تنظر الي بعيون حمراء
هل أستطيع النوم إلى الأبد؟
أجيبها
سيزورك الرجل الخرافي الليلة في المنام
سيأتي مع الفجر ليقص شعري الطويل
يسألك عن الأظافر الطويلة التي تخرج لي عند الكتابة
ستبحثين عنها كل البيت حتى آخر ساعة من الضحى ولا تجديها
بينما يختفي الرجل الخرافي بلمسة من يدي التي تلامس شعرك
انهضي طفلتي
لم يبق الكثير من الوقت
قطعة الكعك الجافة تكاد تسقط في قعر الكأس
من سيضع يده على رأسي لأستيقظ؟
ليمر كل هذا الوقت
أنا المزدحمة بكل هذا الشقاء الشفيف
لم تعد تؤرقني فكرة الحب
تقول الحكمة:
لتكتب عن شيء ما عليك أن تخرج منه
أن تكون مخلصاً ونقياً للحب
ربما الكراهية
لا أرغب بتغيير شيء
أريد للأشياء أن تبقى على حالها
أريد أن تتخلص طفلتي من فكرة الموت
الموت الذي لا أخاف منه
أبتسم له دائما
وارتجف
أرتجف فقط
عندما أراه في عيناها.
……..
أڤين إبراهيم
الولايات المتحدة الأمريكية
21/11/2021

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…