النساءُ الكُردستانيَّاتُ رمزُ الكفاحُ والصمودُ

أمَـل حَـسَــن

استمدَّتِ المرأةُ الكرديَّةُ نورَها وشجاعتها من سيداتِ التاريخ العظيمات اللواتي تركنَ بصماتٍ نيرةً في سجلَّات الحياة ، و السيدة الأولى (همايل محمود آغا زيباري) ابنة زعيم قبيلة زيباري القوية، و زوجة الزعيم المُلَّا مصطفى البارزاني، و والدة الرئيس مسعود البارزاني، كانت من إحدى النساء الشامخات اللواتي كانَتْ لهنَّ القوةُ و الإرادةُ المتميزتان في كردستان العراق خلال فترة الستينيات من القرن العشرين،  فقد تحلَّتْ بالصبر و الإيمان ، وحافظت على بيتها وأولادها، و استطاعت أن تغرسَ روحَ القومية و الوطنية في نفوس أبنائها عند غياب زوجها  “الملا مصطفى البارزاني” عندما كانَ مُضطرَّاً للسفر إلى الاتِّحاد السوفياتي سابقاً، لمدة اثنتي عشرةَ سنةً.
لم تتوقفْ يوماً عن الجهاد و الكفاح بل استمرَّتِ المرأةُ الكرديةُ في بذل الكثير من الجهود، و المثابرة من أجل إثباتِ ذاتها في جميع مجالات الحياة، لِكي تلعبَ دورَها في مجتمعها، و تبقى نموذجاً للحريَّة في المجتمعات الأخرى،
و أكبرُ مثال لحركة المرأة في سبيل التضحية والنضال من أجل القضية الكردية العادلة، نجدُ في التاريخ الكرديّ المعاصر الملحمةَ التاريخيةَ في عصرنا الحالي، البطلةَ التي خرجتْ من رحم المعاناة للمرأة الكرديَّة، و التي لقَّبها الرئيسُ مسعود البارزاني باللَّبوةِ الكردستانيَّة ( Şêrejina Kurdistanî (بيمان عثمان) أمُّ الشهداء الثلاثة الذين استُشهدوا إثرَ هجومٍ غادرٍ نفَّذَهُ عناصرُ تنظيم داعش على قرى تابعة لقضاء مخمور.
ورغم جُرحها العميق و ألمها الشديد بفقدان فِلذَّاتِ كبدِها ، فقد كانتْ إرادتُها أقوى من قوة غدر الدواعش وخُبثِ العدو، حيثُ بقيتْ صامدةً أمام الجميع، وكانت تقفُ بكل إصرارٍ و عزيمةٍ أمام الإعلام و القادة السياسيين و العسكريين و الشخصيات الوطنية، وتناشدُ المجتمعَ الدوليَّ 
من أجل التصدِّي لهذا الظلم ، و إيجادِ الحلِّ للخلايا الإرهابية، و القضاء عليها بأسرع وقت،
ليسَ من أجل أولادها فحسب، إنما من أجل كلّ الكرد و شعوب المنطقة و العالَم ، حيثُ قالتْ بكلّ فخر و اعتزاز : أفتخرُ باستشهادِ أولادي ، و إذا لزمَ الأمرُ، فسأضحِّي بأرواح البقية في سبيل الرئيس ” مسعود البارزاني ” و أراضي كردستان المقدَّسة، بل من أجل أن لا يحترقَ قلبُ أمَّهات الوطن أكثر من ذلك، مثلما احترقَ قلبي على أولادي الشهداء .
ومثل هذه الأحداث دفعتِ الكُتَّابَ و الزعماءَ إلى الكتابةِ عن النساء الكرديات، و معظمُ الكُتَّاب الذين كتبوا عن المناضلات الكرديات المتميزات أثناء حياتهنَّ قد اعتبروهنَّ في الواقع صاحباتِ لقبِ البطولة بامتياز، لذا كتبَ الكثيرُ عن المرأة الكردية،  وقد رصدَ الكاتب الروسي باسيل نيكيتين، و الذي شغلَ منصبَ القنصل الروسي في إيران سماتِ المرأة الكردية، قائلاً : النساءُ الكرديَّاتُ أيَّاً كانتْ طبقاتهنَّ، و مهما بلغنَ من العمر يُجِدنَ الفروسيةَ، بل يتحدَّينَ الرجالَ في امتطاء الخيل 
كما رأى ميجرسون الحاكمُ الإنجليزي لمدينة السليمانية في العشرينات من القرن الماضي في كتابه ( رحلة مُتنكِّر إلى بلاد النهرين و كردستان ) أنَّ نساءَ الكرد أشجعُ النساء في استخدام البنادق، و هنَّ على صهوة الفرس، وقد عُرِفنَ ببسالتهنَّ في القتال على مرّ التاريخ الكردي،
و كما قال الرئيس مسعود البارزاني: إنَّ النساء الكرديات كُنَّ يتبرَّعنَ بحُليِّهنَّ من أجل الثورات.
عاشتِ الروحُ الوطنيةُ التي تمتلكها المرأةُ الكرديَّةُ، و عشقُها للمقاومة في سبيل نيل حقوقهنَّ، وحريَّةِ وطنهنَّ الكرديّ.
المجدُ لشهداء كردستان، و الخِزيُ و العارُ لأعداءِ الإنسانية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

يا عازف العود، مهلا حين تعزفه!
لا تزعج العود، إن العود حساس..
أوتاره تشبه الأوتار في نغمي
في عزفها الحب، إن الحب وسواس
كأنما موجة الآلام تتبعنا
من بين أشيائها سيف ومتراس،
تختار من بين ما تختار أفئدة
ضاقت لها من صروف الدهر أنفاس
تكابد العيش طرا دونما صخب
وقد غزا كل من في الدار إفلاس
يا صاحب العود، لا تهزأ بنائبة
قد كان من…

ماهين شيخاني

الآن… هي هناك، في المطار، في دولة الأردن. لا أعلم إن كان مطار الملكة علياء أم غيره، فما قيمة الأسماء حين تضيع منّا الأوطان والأحبة..؟. لحظات فقط وستكون داخل الطائرة، تحلّق بعيداً عن ترابها، عن الدار التي شهدت خطواتها الأولى، عن كل ركن كنت أزيّنه بابتسامتها الصغيرة.

أنا وحدي الآن، حارس دموعها ومخبأ أسرارها. لم…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

فَلسفةُ الجَمَالِ هِيَ فَرْعٌ مِنَ الفَلسفةِ يَدْرُسُ طَبيعةَ الجَمَالِ والذَّوْقِ والفَنِّ ، في الطبيعةِ والأعمالِ البشريةِ والأنساقِ الاجتماعية، وَيُكَرِّسُ التفكيرَ النَّقْدِيَّ في البُنى الثَّقَافيةِ بِكُلِّ صُوَرِهَا في الفَنِّ، وَتَجَلِّيَاتِها في الطبيعة ، وانعكاساتِها في المُجتمع، وَيُحَلِّلُ التَّجَارِبَ الحِسِّيةَ، والبُنى العاطفية ، والتفاصيلَ الوِجْدَانِيَّة ، وَالقِيَمَ العقلانيةَ ،…

إبراهيم اليوسف

الكتابة البقاء

لم تدخل مزكين حسكو عالم الكتابة كما حال من هو عابر في نزهة عابرة، بل اندفعت إليه كمن يلقي بنفسه في محرقة يومية، عبر معركة وجودية، حيث الكلمة ليست زينة ولا ترفاً، مادامت تملك كل شروط الجمال العالي: روحاً وحضوراً، لأن الكلمة في منظورها ليست إلا فعل انتماء كامل إلى لغة أرادت أن…