أيقونات علي ملا

كيفهات أسعد

قبل سنتين من الآن إن كنت تريد أن تقرأ شيئآ للشاعر علي ملا، الكردي المقيم في السويد، لم تكن لتجد شيئآ في صفحات الانترنت او المواقع الإلكترونية له، رغم كل ذلك، ولأني أعرفه عن قرب، وتجمعنا صداقة تمتد إلى ما قبل الفيس بوك، كنت على اطلاع على ما يكتبه هذا الشاعر الخلوق. فقبل عام تقريباً كان قد أصدر له مجموعة شعرية بعنوان “فهرست الكائنات” كي يعلن للعالم حضوره، ويسجل اسمه بين الفئة التي تعتني بالأدب والثقافة كتابةً. ثم يتبعها هذه السنة بمجموعته المقتضبة “أيقونة الأسفار” هذا المنجز الأدبي الممتلئ بالقلق الوجودي الواقعي وبلغته الدارجة والسهلة، وكأنه يقول للقارئ إنه الملحق أو الجزء الثاني من “فهرست الكائنات” وبلغة تعبيرية رشيقة عامرة بالتأمل، وتحمل في طياتها الكثير من الصياغة المجازية للأمكنة والصور والشخوص.  
وترى أن علي ملا في أيقونة الأشعار لم يحلق بعيداً عن سرب نصوصه القديمة، ولم يتطرق – كما أغلب شعراء الحداثة – إلى الإيقاع أو الوزن، لكنه جاراهم في المدح، وقد تخطى جلهم في رسم الشخوص في نصوصه والبوح الجميل والوجدانيات. هنا، هذا نص من أيقوناته:
الأرمن
“آرماني”، “آراراطو”، “خلدي”،
يغنون للحياة،
أعينهم لاتفارق “آرارت”،
عاشوا آلاف السنين هناك.
سلكوا الطرقات الوعرة الملتوية، 
طريق بادية ماردين
طريق عامودا.
حملوا نواقيسهم على ظهورهم.
سلكوا طريق الرسل.
تحت الصلبان الحجرية السماوية والمنمنمات.
عاشوا صوت النبيذ، وهو يتخمر،
في دنان الفخار الأسطورية.
صدى الأنين في الأودية الجبلية يحتفظ بالأشلاء
“موسيس خوريناتيسي” يكتب التاريخ الشعري.
“نرسيس” يعزف على أربعة آلاف وتر شعريّ!؟.
ينفضون الغبار عن مهاراتهم.
يطلون كنائسهم بالذهب والفضة والنحاس.
جمعوا الفسيفساء الأغريقيَّ بأمان،
رتّل الرسلُ في كنائس مدنهم..
نواقيسهم الخضراء تنوح على عتبات الليل. 
يعزف “كيفورك” على الكمنجة أغنية الوداع،
ضجيج وأصوات صاخبة من خلفهم،
وهم على مشارف “آراكس”.
بقي ان اقول ان هذه المجموعة صادرة عن دار( هنّ ) القاهرة

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…