أحمد عزيز الحسين
لاتؤدي (غريزةُ القطيع) إلى استبعادِ (العقل) او ( تدميره)، بل تعيد توظيفَ معطياته بما يتناسب مع مفاهيمها القارّة، كما أنها تعيد تشكيلَ (العقل الفرديً) ليتوافق مع السلوك الذي ترغب (الجماعة) في القيام به؛ ولذلك فهي تلغي شخصية الفرد المتميّزة، وتجعله تابعاً لها، وتدفعه إلى تبنّي مفاهيمها الجمالية والأخلاقية؛ أو تحثّه على ذلك؛ بحيث يغدو أسيراً لما تريده؛ وذلك في رأيي ليس مفصولا عما تريده السلطة، التي تقع في أعلى الهرم الاجتماعيّ، وتلعب الدّور الأساس في عملية التشكيل موظِّفةً مؤسساتها التربوية والإعلامية والثقافية للنهوض بذلك؛ وحينَ يتأتّى لها النجاحُ، وتكتمل عمليةُ التشكيل؛ تقوم بعد ذلك بحثّ الأفراد المتميزين ( أو الذين أتيح لهم الإفلاتُ من الشبكة) على تبني استراتيجياتها، وتنفيذ مآربها، وقد تستخدم أساليبَ مختلفة لفعل ذلك، بما فيها التّرغيب، أوالإقصاءُ، أوالسجنُ، أو القتل،
وكتابُ ( التعذيب في الإسلام ) لهادي العلوي يقدم وقائع كثيرة، وأسماء لمفكرين وشعراء طالهم عسف السلطة؛ لأنهم لم ينضووا تحت لوائها، ورفضوا الانصياعَ لأوامرها؛ ولم يسلكوا ما رغبتْ في انتهاجه؛ فنالهم من التعذيب والعنف ما يؤكد أنها سوف تعاقب كل من يستعصي عليها؛ أو يقف حجر عثرة في تنفيذ خططها الاستراتيجية، ومآربها الخفيّة.
———————
كاتب سوري