الشاعر إبراهيم اليوسف يصدر روايته الرابعة

صدرت للشاعر السوري الكردي إبراهيم اليوسف رواية جديدة بعنوان “جرس إنذار” عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر – القاهرة  2022، وهي العمل الروائي الرابع للشاعر، ضمن سلسلة أعمال إبداعية ونقدية وفكرية صدرت له.
تدور أحداث الرواية ضمن عمارة في إحدى مدن ألمانيا،  يسكنها الراوي، مع عدد من أفراد أسرته الذين يتوزعون على شقق العمارة ذات الطوابق السبعة، وذلك خلال الأشهر الستة الأولى من حالة الحجر الكوني العام، إذ لاذ المواطن الكوني في بيته، وتوقفت مظاهر حياتية عدة: حركة الأسواق. المطارات. المهرجانات والأولمبيادات. المؤتمرات الدولية. الحروب، وحتى بعض الشعائر الدينية: دور العبادة. الحج. 
وساد الرعب في كل مكان، وبات فيروس كورونا يحصد أرواح الناس على امتداد قارات العالم، بعد أن انطلقت أول فيروساته من ووهان الصينية في أواخر العام 2019، ودفع الطبيب الصيني لي ويلينيانغ حياته ثمناً، لقول الحقيقة بعد أن نشر على صفحته الفيسبوكية خبراً عن حالة إحدى المصابات بهذا الفيروس، فتم الاعتداء عليه، ليكون أحد أوائل ضحايا هذا الوباء الذي سرعان ما انتشر في قارات العالم، وبات وكأن لا خلاص منه: أرضاً، وجواً، وبحراً، لأن الفيروس بالمرصاد من الجميع في آن واحد!
ترصد الرواية أول حالة إصابة بالفيروس كوفيد19 في أسرة الراوي عندما تلتقط زوجة أحد أبنائه الفيروس من طبيب أسنان ألماني عجوز، ويدب الهلع في الأسرة، إذ تبتعد المريضة عن أسرتها المكونة من ثلاثة أشخاص: هي وزوجها وابنتهما الصغيرة ساي، وتبدأ أزمة البيت بشكل واضح إذ إن الطفلة الصغيرة ترفض حالة عزلة أمها عنها وأبيها، ويضطر الوالد لخدمة زوجته والعناية بالطفلة التي تشتاق إلى قريباتها من الطفلات الصغيرات، فتتطوع طفلة أكبر منها سناً، وهي ابنة عمها لكسر جدار العزلة، ولتعود إلى أسرتها بعد أيام، من دون أن يلتقط أحد من أسرتها الفيروس، وهكذا بالنسبة لزوج وطفلة المريضة.
تقسم الرواية الزمن إلى ما قبل كورونا وما بعد كورونا  الذي اصطلح له ب: 1-1-1 ب ك، وثبته في مستهل الرواية، مشيراً بذلك إلى ساعة الصفر في  زمن ما بعد كورونا. بعد أن يقدم لها  مفتاحاً أول هو: كفي اليمنى باتت تحكني، أربعون يوماً ولم أصافح أحداً، إنه أكبر حدث من نوعه في حياتي”. وفي مثل هذا النص المفتاحي ما يتضمن النوستالجيا الآدمية في الحنين الاجتماعي، كرد على حالة التباعد، والعزلة.
وإذا كانت حالة مجرد أسرة هي أحد محاور الرواية إلا إنها تتناول قضايا عديدة، من بينها ارتباط المغترب بمكانه، إذ إن حالة الأهل. داخل الوطن تظل مدار تفكير الأبناء والبنات الذين يتألمون لأحوال ذويهم في ظل حالة الحرب والحصار، وعدم توافر سبل الوقاية ومستلزمات علاج المرضى،  إذ إن عوالم الرواية أوسع من هذا الملمح الأولي المشار إليه، لأنها تتناول عالماً كاملاً، في ظل الحرب على السوريين، واضطرار الكثيرين والكثيرات للهجرة، في إطار هجرة الأدمغة والعقول، بالإضافة إلى هجرة الناس العاديين، وتوزعهم في بلدان العالم، إذ نجد إحدى الشخصيات تترك كل شيء وراءها لتعود إلى الوطن، وتقف إلى جانب الأهل في هذه الحرب الكبرى، كما نجد شخصية أخرى تعمل في أحد مراكز البحوث الدولية، وهدفها إيجاد اللقاح المناسب لهذا الوباء، على أمل أن تضطر سلطات البلد الذي هاجرت إليه لتقديمه إلى أبناء بلدها.
استخدم الروائي تقنيات عدة في عمله الجديد: توظيف النص الشعري، وتوظيف المقال أو الدراسة، ليختلط الحلم بالواقع، بل الخيال بالواقع الذي يتجسد في الاستعانة بأسماء حقيقية، إلى جانب شخصيات  ووقائع من صنع الخيال، كما فعل ذلك في أكثر من عمل سابق، وعبر لغة يومية هي لغة المؤلف الصحفية، وبعيداً عن لغة الشاعر التي يحاول الابتعاد عنها في أعماله السردية
ومن الجدير بالذكر أنه قد صدرت للكاتب ثلاثة كتب سابقة في  إطار أدب الجائحة ومنها:  “خارج سور الصين العظيم- من الفكاهة إلى المأساة”، و”أطلس العزلة: ديوان العائلة والبيت”، و”جماليات العزلة  في أسئلة الرعب والبقاء”.
ناشرون فلسطينيون

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…