هل سيقتل الموت؟

عبدالعزيز آل زايد 

طرح عليّ أحد الأصدقاء سؤالًا ديكارتيًّا، بقوله: هل يستطيع العلم أن “يقتل” الموت؟، الغاية من هذا السؤال إدراك أنّ للعلم حدود، وهو مصداق قوله تبارك وتعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا)، فالحياة لغز والموت والفناء من الألغاز التي لم تدرك بعد، وإن إدعى العلم بها من إدعى!
نعود للسؤال الجوهري: هل يستطيع العلم قتل الموت؟، إذا تجاوزنا المغالطات فإننا سنقر أن العلم عاجز حتى اللحظة عن الإجابة عن الكثير من التساؤلات الهامة، رغم هذا الإخفاق إلا أن العلم بدأ في الإجابة على تساؤلات أخرى، وهذا يكشف لنا أن العلم يسير في مضمار حلزون بطيء أمام لغز الكون والموت والحياة. 
في بعض الروايات الدينية نصوص تشير إلى أن الموت يأتى به على هيئة كبش يذبح لاعلان الخلود، البعض أنكر صحتها، وعلى فرض صوابها، هل بمقدور العلم أن يصرع الموت؟، من الصعب الجزم بالإجابة على التساؤلات المستقبلية نفيًا أو اثباتًا، فهناك مستحيلات في نظر العصور الماضية تحققت اليوم، وهذا الحديث يقودنا لكتاب ميشيو كاكو (فيزياء المستحيل)، الذي يدعو في حديثه لتفكيك المستحيلات، ويرى كاكو أنّ المستحيلات قابلة للتحقق إذا أمست ممكنة، ولكن بعد آلاف أو ملاييين الأعوام. فهل يستطيع العلم قتل الموت؟، حاليًا الموت هو الفريق الأقوى، ولكن هل نجزم أن السعي وراء قتل العلم للموت لا يكون؟ 
لدينا عدة تجارب تشير أنّ العلم أوقف شلالات الموت بنسب مرتفعة مقارنة بالأجيال الماضية، من أبرزها مكافحة الأمراض والأوبئة، صحيح أن المرض ليس هو الموت، ولكنه نافذة تطل وسبب يؤدي إليه، العلم يتقدم ولكن لايزال بطيء الحركة، فهل سيقتل العلم الموت يومًا؟ 
العلم ليس فردًا وكذلك الموت ليس فردًا؟، كلاهما جيشان يتصارعان، كما يتصارع الليل والنهار، الموت والحياة، ومن الثابت أنّ العلم قد تمكن من هزيمة الكثير من جنود الموت.. بمعنى أنه ربح العديد من المعارك، ولكنه لم يربح الحرب حتى اللحظة، الموت لم يهزم بعد .. والحرب لم تنتهِ، والرجم بالغيب توقعات تحتاج لدليل، ولهذا نطرح السؤال، والمستقبل القريب أو البعيد من سيجيب على تساؤلاتنا الملحة . 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فراس حج محمد| فلسطين

المقدمة

تُمثّل رواية “ميثاق النساء” للروائية والشاعرة اللبنانية حنين الصايغ، الصادرة في طبعتها الأولى عن دار الآداب عام 2023، إضافة نوعية في المشهد الثقافي العربي المعاصر. لقد نجحت الكاتبة في تقديم عمل أدبي عميق يتجاوز كونه سرداً فنياً ليلامس قضايا اجتماعية ونفسية حساسة، خاصة في مجتمع يتسم بالخصوصية والانغلاق مثل المجتمع الدرزي في…

فواز عبدي

إلى أخي آزاد؛ سيد العبث الجميل

في مدينة قامشلو، تلك المدينة التي يحل فيها الغبار ضيفاً دائم الإقامة، وحيث الحمير تعرف مواعيد الصلاة أكثر من بعض البشر، وبدأت الهواتف المحمولة بالزحف إلى المدينة، بعد أن كانت تُعامل ككائنات فضائية تحتاج إلى تأشيرة دخول، قرر آزاد، المعروف بين أصدقائه بالمزاج الشقي، أن يعبث قليلاً ويترك بصمة…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

يُعْتَبَر عَالِمُ الاجتماعِ الألمانيُّ ماكس فيبر ( 1864 _ 1920 ) أحَدَ الآباءِ المُؤسِّسين لِعِلْمِ الاجتماعِ الحَديثِ . وَقَدْ سَاهَمَ بشكلٍ فَعَّالٍ في دِرَاسَةِ الفِعْلِ الاجتماعيِّ ، وتأويلِه بشكلٍ مَنْطقيٍّ وَعَقْلانيٍّ ، وتَفسيرِه بطريقةٍ قائمة عَلى رَبْطِ الأسبابِ بالمُسَبِّبَاتِ .

عَرَّفَ فيبر الفِعْلَ الاجتماعيَّ بأنَّهُ صُورةُ السُّلوكِ الإنسانيِّ الذي يَشْتمل…

سيماف خالد محمد

أغلب الناس يخافون مرور الأيام، يخشون أن تتساقط أعمارهم من بين أصابعهم كالرمل، فيخفون سنواتهم أو يصغّرون أنفسهم حين يُسألون عن أعمارهم.

أما أنا فأترك الأيام تركض بي كما تشاء، تمضي وتتركني على حافة العمر وإن سألني أحد عن عمري أخبره بالحقيقة، وربما أزيد على نفسي عاماً أو عامين كأنني أفتح نافذة…