عبداللطيف الحسيني
إلى الشاعرين محمد نور الحسيني و محمد عفيف الحسيني.
الشعراءُ فقط جعلوا الحياةَ بهيةً لتُعاش رغمَ نذالتِها وقبحها لِمَا
يتمتّعون من إضفاء الخيال والدهشة عليها …..أينما حلّوا وارتحلوا
يتركون خلفَهم رائحةَ اﻷلفة وملمسَ الدفء البديع.
تعرّفتُ على نخلة الله “حسب الشيخ جعفر” من خلال مجلّة الكرمل التي كان
أخي محمد عفيف يحصّلُها أينما انوجدت ودفعني لقراءته وﻷكتشف لاحقاً
جماليات النثر من خلال قصيدة حسب رائد التدوير في الشعر العربيّ الذي جعل
أوزان الشعر نثراً قلّما يكتبُها شعراءُ النثر، إنّه الميّالُ للشيوعية
لكن هذا الميلان لجماليات الحياة بعيداً عن القضية والثورة أكثر جمالاً،
الرجل صامتٌ حتّى لو تكلّمَ عن القضايا الكونية الكبرى التي أسبغَ عليها
عوالمَ التصوّف واﻷساطير والحكايات فكان قريباً من إخماتوفا وألسكندر
بلوك ويسينين وقد ترجمَ لهم الكثير.
ما فهمتُه من قصيدة حَسَب أنّها كتابةٌ بصَرية تهتّم بالتشكيل البنائي
للكلمة، تبرز أهميتُها من خلال التوليف واستثمار عوالم السرد والدراما
والحكاية.تدوير القصيدة منحَه طاقة شعرية متدفقّة ﻷنّه عاش بين فضائين:
موسكو وبغداد أو بين شاعرين : شاعر المجون أبو نواس وشاعر الثورة
ماياكوفسكي.
قبل ثلاثين عاماً من اﻵن كنتُ مغرباً به وما زلتُ، لكنّه بدا لي غامضاً
فاستنجدتُ بالشاعر محمد نور الحسيني ليدلّني على جماليات حسب أكثر،
فحبّبني فيه أكثر حين قرأ له عدّة قصائد مبيّناً مواطنَ الغرابة والدهشة
بلسان فصيح وبإلقاء خافت أقربَ إلى نحت لوحةٍ في جدار.
لكن ماذا سنفعل إن كانت”الريحُ تمحو والرمالُ تتذكر”.