لا مو حزن ، بس حزين

أحمد مرعان 
تتوالى الأحداث بأشكال متعددة، بؤسا وشقاء وعوزا ورثاء ، منهم من قضى نحبه في تراث المجد يتلو أناشيد الخلود ، ومنهم من وقف على الأبواب يستجدي المارة بالنهوض ..
الحزن أن نستعيد الماضي وأيام الرخاء بالكرامة والسخاء، والحزين من يتلوى جوعا وينبش في المزابل عن كسرة خبز تناساها أصحاب الكروش والثراء ..
الحزن أن نمزج الألوان ونرسم تضاريس الحدود بخطوط تعانق السماء، والحزين من يبحث عن المعابر لعله ينفذ بسلام، رغم العناء والضياع بين أسلاك وغابات وقوارب الموتى، خوفا من حراس الحدود، بحياء ..
الحزن لمن استقرض المؤونة من أصحاب الحوانيت وجفاهم ، والحزين من لم يجرؤ على المرور بشوارعهم ، وبقي حبيس جدرانه المتصدعة، ومطبخه الخاوي من كل مقومات الحياة، وعيش الكفاف ..
الحزن إن نفذت علبة الحليب لأطفال الأمهات، والحزين من صبر على علة وليده ولا يقوى على علاجه بالمستشفيات ..
الحزن باد بعيون الأمهات عن غياب أبنائهم على الجبهات ، والحزين من يرتقب قائمة المفقودين والشهداء الصادرة عن الثكنات ..
الحزن هو الخوف الخافت الغافي بين الأمنيات، والحزين من فقد الأمل والتوى بالرقاع يرتقب طرقات فاعلي الخير على الأبواب ..
تتهافت المشاعر وتنتحر الأماني في زحام المواقف ، والطبول تنظم تخبط الأرجل المتهالكة ، وتتراقص القلوب بتراتيل الناي الحزين لموسيقى الوداع بلحظات الرحيل ..
رايات متعددة ترفرف وأكفانا بألوان البراءة تناجي الصخب بساحات التجمع لكلمات نسجت من خيال المتخمين والمزاودين بدماء الشهداء..
زغاريد الأمهات ورقصة الآباء ، ترسم معالم خريطة الطريق بخيال الغافلين للنجاة ..
قرقعة البنادق تغازل الروح لحظة الانتقال إلى المثوى الأخير..
أي حزن يدوم ، مادامت الأحزان تبحث عن ملاجئ الشتات في البلاد والمخيمات ..
أنا العنيد ، أتكابر على الجراح وأضمدها ، فكلما اندمل جرح ، تقيح الآخر ، وانفطر بلا موعد من محكمة الذات ..
سطوة الغريب أهون عليّ من سطوة القريب ولو غار بالجرح أملاح، رغم هذا عليّ أن أنيط عن فمي اللثام ، وأكشر عن أنيابي ببسمة الرضى والوئام ..
أي عدل سيسود مادمنا نفتقد الرحمة ومقومات الوجود ، ضاعت بنا العناوين مادمنا نستجدي الحزن بالحزين ../ ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…