الحياةُ الثقافيةُ بالّلغة الكورديّة في الجزيرةِ و مسيرتي الأدبية

سعيد يوسف
هو عنوانُ كتابٍ للأديب اللامع والكاتب والباحث المعروف ” كونى ره ش”. 
الكتاب المذكور هو آخر إضافاته، للمكتبة الكوردية، غنيٌّ بمعلوماته، ثريٌّ بمعارفه، وهو بذلك يسدّ ثغرة في المكتبة الكوردية، سيما وأنه يغطي فترةً تاريخية معاصرة. ١٩٣٢-٢٠١١.  ويوثّق لمئات الأسماء من شخصياتٍ مؤثّرة في الثقافة الكوردية… وعناوين مجلاتٍ وصحف، وجمعياتٍ ونواد، وفي ذلك حماية لها من الاندثار والضياع  ولم لا…!. فالباحثُ له باع طويل في الحقل الثقافيّ، مجدٌّ ومكافحٌ، عنيد و خبير، لا يكلّ ولا يملّ، عاشق وفضوليّ  للكشفِ عن الجديد، ومعرفة الخفيّ  والمستور والمخبوء. يعملُ منذ أكثر من أربع عقودٍ من الزمن بروحٍ حيوية وإرادةٍ دؤوبة… 
الكتابُ من اصداراتِ مدينة قامشلي- ط١. عام : ٢٠٢٢/. يتألفُ من حواليّ  ٢٠٠/ صفحة من القطعِ الوسط. 
يقسمُ الكتابُ إلى قسمين، يضمّ القسم الأول : سرداً عن جغرافيةِ الجزيرة وعراقةِ تاريخها… يتنقّلُ المؤلّف  بينَ حواضرها وقراها، تلالها وسهولها، ومزاراتها، مدارسها وفولكلورها وفرقها الفنية، ومركز اشعاعها الثقافي، وأشهرِ محطاتِ الثقافةِ الكوردية المدوّنة. يسجّل ويدوّن عن  كلّ ما له أهمية وفائدة… وبذلك يكون أشبه ما يكون بموسوعة ثقافية مختصرة…ومن ثمّ يشكلّ مرجعاً مهمّاً  لكلّ باحثٍ ودارس، أو هاوٍ وتوّاق للمعرفة. 
أمّا القسم الثاني فمخصّصٌ، لسيرتهِ الذاتية والثقافية. التي تبدأ منذُ أنْ فتح عينيهِ على نور قريته “دودا”. التي لها وقعٌ مميّز في سجلّ حياته وسيرته…
فيها تعرّف القصصَ والحكايات والأساطير الشعبية، استماعاً لحكايات الجدّات والأمّهات، والأجداد والآباء من خلال مضافةِ القرية الأشبه بمنتدى ثقافيّ. 
تعرّف لاحقاً على السياسييّن  والمثقّفين الفارّين من موطنهم في شمالي كوردستان وجنوبيها…تعرّف من خلالهم على الحياة السياسية والثقافية الكوردية، والمعاناة التي يكابدها الشعب الكوردي، وتعرف على الصحفِ والمجلات…
تواصلَ مع المعهدِ الكورديّ في باريس، وإذاعة يريڤان، من خلال شخصياتٍ عديدة مثل عسكر بويك… وجگر خوين…
في بداية التسعينيات، تواصلَ مع كورد إيران في أورميه … وبعد الانتفاضة المليونية في جنوب كوردستان صيف ١٩٩٢.بدأ ينشرُ مقالاته في صحفها ومجلّاتها… 
سافر إلى ألمانيا إلا أنّه عاد سريعاً… ليثابر نشاطه الثقافي، وينهل من إرث البدرخانيين سواء المكتوب منه، أو من خلال لقاءاته الأميرة روشن  بدرخان في بانياس، وكذلك سينم بدرخان في دمشق…عام ١٩٩٩.
طرق “كونى ره ش”. بوابةَ الشّعر كتبَ بالكوردية، له العديدُ من الدواوين…عدا العشرات من المؤلفات الأخرى… والمئات من المقالات…نالَ العديد من الجوائز والتكريمات من جهاتٍ عديدة. 
وبذلك يكون  أحد أعمدة الثقافة الكوردية المعاصرة عامةً.، وفي غربيّ كوردستان خاصةً، ولا يزالُ يعمل بروحٍ عالية مدفوعاً بعشقهِ لوطنه ومحبته لشعبه وثقافته. هذا الاستشرافُ السريع لا يغني قطعاً عن قراءةِ الكتاب، فعلى صفحاتهِ، وبين سطورهِ الكثير الكثير من المفيد والممتع. 
تحية تقديرٍ للكاتبِ والشاعر والأديب الكورديّ “كونى ره ش”. أطالَ الله عمره، وأمدّه القوّةَ في عطائه. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…

صدر مؤخرًا عن دار نشر شلير – Weşanên Şilêr في روجافاي كردستان، الترجمة الكردية لرواية الكاتبة بيان سلمان «تلك الغيمة الساكنة»، بعنوان «Ew Ewrê Rawestiyayî»، بترجمة كلٍّ من الشاعر محمود بادلي والآنسة بيريفان عيسى.

الرواية التي تستند إلى تجربة شخصية عميقة، توثّق واحدة من أكثر المآسي الإنسانية إيلامًا في تاريخ كردستان العراق، وهي الهجرة المليونية القسرية…

حاوره: ابراهيم اليوسف

تعرّفتُ على يوسف جلبي أولًا من خلال صدى بعيد لأغنيته التي كانت تتردد. من خلال ظلال المأساة التي ظلّ كثيرون يتحاشون ذكرها، إذ طالما اكتنفها تضليلٌ كثيف نسجه رجالات وأعوان المكتب الثاني الذي كان يقوده المجرم حكمت ميني تحت إشراف معلمه المجرم المعلم عبدالحميد السراج حتى بدا الحديث عنها ضرباً من المجازفة. ومع…

مروى بريم

تعودُ علاقتي بها إلى سنوات طويلة، جَمَعتنا ببعض الثَّانوية العامة في صفّها الأول، ثمَّ وطَّدَت شعبة الأدبي صحبتنا، وامتَدَّت دون انقطاع حتى تاريخه.

أمس، انتابني حنينٌ شبيهٌ بالذي تقرّحت به حنجرة فيروز دون أن تدري لمن يكون، فوقه اختياري على صديقتي وقررتُ زيارتها.

مررتُ عن عمَدٍ بالصّرح الحجري العملاق الذي احتضن شرارات الصِّبا وشغبنا…