ياسر إلياس
Hoben her kes
هل ظلم الكرد أنفسهم كما ظلمهم الآخرون !؟
جاء في الآفستا : Naska ،
الصوت بحسب الكردية اللاتينية Neske
الصوت بحسب الأبجدية العربية : نَسْكَهْ
بمعنى ( كتاب ) (Book) .
نفس الكلمة وردت في البهلوية : Nask
بمعنى : كتاب أيضاً .
اقتبس العرب هذه الكلمة فقالوا : نسخ : بمعنى كتب نصاً بخط اليد ، نسخ ينسخ نسخاً و حصل على نسخة ، و صنعة النسخ : قديماً صنعة كتابة الكتب بخط اليد و بيعها ، ومنها الناسخ و النسّاخ و النساخون .
الكلمة لا تزال متألقة في الكردية مع ضمور في التوسع في الاستعمال ، و منها : pênûs , pênîvs
Pê: بها ، سابقة تعمل عمل الآلة أو الأداة في الدلالة
أي التي بها ، بواسطتها
Nûs , nûstin, nivîstin: كتابة ؛ أي نسخ
أي القلم ، و يبدو أن الكرد بسبب من القطيعة فيما بينهم و بين تراثهم اللغوي الضخم الذي يجسده التراث الديني الضخم متمثلاً بكل كتب دياناته العريقة الأقدم على مستوى التاريخ ( آفستا ، سرنجام ، كتيبا رش الخ
قد فقد البوصلة تماماً لاستيعاب كنوزه الثقافية ، و صلاتها الوثيقة بالترسانة اللغوية الضخمة للأمم المجاورة ، و الحضارة العالمية التي استفادت من تراثه لأبعد الحدود ، بينما بقي هو بعد أن كان مصدراً رئيسياً لنهضتها و حيويتها – فقيراً هزيلاً يتلمس الفتات على موائدهم .
هذه الكلمة الآفستانية الكردية هي نفسها مصدر كل الكلمات في كل لغات العالم التي تتمحور حول النسخ و الكتابة التي تعد بالمئات ويضيق المجال لحصرها ، على سبيل المثال لا الحصر : note , notebook, notes
Net , ولا يتسع المجال لذكر الكلمات المقتبسة من الأصل الكردي في كل لغات العالم فهذا مما يضيق عنه كتاب مستقل في هذه المادة اللغوية لوحدها .
هذه كلماتنا و ثروتنا و مالنا و حلالنا ، هل نتركها للناس
الغرباء أم نعيد إحياءها و البناء عليها !؟
بإمكان الكرد استعمال كلماتهم برأس شامخ
و بإمكانهم أن يقولوا : ، neske, , neskek ,nuske , أي نسخة , و bi neskê : أي انسخ ، إلى مالا نهاية من الاشتقاقات من غير أن ينتابه أي شعور بالضيق و التوتر من مظنة العجمة فيها !
إذا لم توضع كلماتنا بهذا الشكل مع صلاتها بتراثنا اللغوي القديم فسيستمر الضياع و الاغتراب و الانسلاخ عن الذات و الهوية ، و ستستمر مركبات عقدة النقص و حالةالاستلاب الثقافي و التبعية.
و من الغريب أن الفرس يستعملون لمعنى نسخ : كپي شد ، من Copy : الإنكليزية ، و يستعملون لمعنى الكتابة كلمة : نوشت ، نوشتن ( الكلمة الآفستانية القديمة ) و هذا الضياع و التخبط مرده الغسل الدماغي الكارثي
من أثر سطوة الثقافة العربية و خاصة بعد الثورة الإسلامية غير المباركة في إيران ( بلاد آريا )
و من المدهش أن العرب استنبطوا من هذه الكلمة الكردية القديمة عدة جذور وضعوا بعضها بمعناها الأصلي في مادة نسخ ( من الكتابة) و وضعوا بعضها الآخر في باب ( نسك ) لما للكتابة في عهودها التدوينية الأولى من صلة بالدين و العبادات ، فأولى النصوص التاريخية المكتوبة ( نصوص دينية للتلاوة و التعبد )!
و من هنا اشتق العرب كلمات من مثل :
النُّسْكُ وَالنُّسُكُ: الْعِبَادَةُ وَالطَّاعَةُ
وَرَجُلٌ نَاسِكٌ: عَابِدٌ.
وَقَدْ نَسَكَ وَتَنَسَّكَ أَيْ تَعَبَّدَ
وَالنَّسِيكَةُ: الذَّبِيحَةُ التي يتقرب بها لله
وَالنُّسُكُ: مَا أَمَرَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ.
وَفِي القرآن: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا، أَيْ مُتَعَبَّدَاتِنَا.
ثُمَّ سُمِّيَتْ أُمُورُ الْحَجِّ ڪُلُّهَا مَنَاسِكَ.
و قد حاول ابن منظور تعليل تسمية العابد بالناسك
لكنه تعليل سطحي و ساذج لا قيمة له مطلقاً ، فقال :
وَقِيلَ لِلْمُتَعَبِّدِ نَاسِكٌ لِأَنَّهُ خَلَّصَ نَفْسَهُ وَصَفَّاهَا لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ دَنَسِ الْآثَامِ ڪَالسَّبِيكَةِ الْمُخَلَّصَةِ مِنَ الْخَبَثِ.
و ها أنت ترى كيف اتصل العرب و سواهم بالتراث الديني الكردي الزرادشتي ، اليارساني ، الإيزداني و بقدرة انتقائية مدهشة اصطفوا الإنجازات الحضارية بكل ما احتوته من كنز ثقافي ولغوي ضخم و هائل و طوروا به لغتهم و معتقداتهم و أسسوا بها لأفكارهم و مفاهيمهم و دلالاتهم ، و بنوا على أساسها ثقافة خاصة بهم . و بعد ثلاثة قرون من تمثل ذلك التراث و استلهامه ، يعملون بكل السبل على بتر الكرد و فصلهم عن تراثهم و ماضيهم !! بذريعة ( أنه حرام ، كفر ، ردة ..الخ ) !!
بينما تدهور حال الكرد في كل الميادين بقطيعتهم مع تراثهم ( الديني و اللغوي ) و بتماهيهم مع الثقافة العربية الهجينة الوليدة الناشئة ( مدفوعين على الأغلب بالعاطفة الدينية ، فأصبحوا من غير أن يشعروا بمرور الزمن نسخة أخرى من العرب و العروبة و لم يبقى من شخصيتهم و هويتهم المتميزة المتمايزة سوى الانتماء الشكلي الظاهري لقوميتهم بجوهر قشري هزيل فاتر .
Hoben her kes
( حول و ، حيل : بمعنى قوة ، و كلمة حاول يحاول محاولة ، و كلمة حول : بمعنى محيط الشيء و كلمة : حيلة )
كل هذه الكلمات بدلالاتها مقتبسة من الكلمة الكردية
Hêl : التي تعني الطرف ، الجانب ، كما تعني المحيط ،
المحيط الدائري .
و تعني : المنطقة ، الناحية : المنطقة الجغرافية : لأن المنطقة عبارة عن مركز و أطراف ، وسط و جوانب تحيط به ، لذلك سميت الأرجوحة والدوامة و سرير الطفل : Hêlan , Hêlekan , و Hêlanek
لأنها تدور و تلف و تجوب و تتحرك بك من طرف لطرف و من جانب لجانب ..كما تأخذ حركة دورانية حيناً آخر .
ف كلمة حول : من Hêl
حاول الشيء يحاوله ، التماس الحيلة لتحقيقه ، كله مقتبس من Hêl : لأنك تدور حول الموضوع أو الهدف تلتمس نقطة أو ثغرة للنفاذ إليه و اختراقه و من هنا كانت كلمة المحاولة ، و كلمة الحيلة أيضاً ..
انظر قاموس كردي انكليزي ،ابراهيم تقي الدين ، ص ١٣٥٣)
كذلك كلمة Hêl : تعني كثيراً و جداً بالكردية
انظر :قاموس كردي انكليزي ، تأليف Michael L. Chyet
ص ٢٥٠
كذلك Hêl : بالكردية تعني القوة و الاستطاعة و العزم
فيقال : Hêla ba
Hêla avê
و نقول : Hêla xwe da ser tiştekî
أي بذل جهداً ، و ضاعف قوةً على الشيء أو الموضوع لدفعه للمطاوعة و المواتاة.
انظر :قاموس كردي انكليزي ، ابراهيم تقي الدين ص ١٣٥٣
فأنت إذ تحاول شيئاً فإنك تبذل فيه قصارى قوتك و استطاعتك لتحقيقه بالإضافة لما كان من معنى (المحيط، و الأطراف التي دلت عليه الكلمة الكردية ، و في العربية العامية الشعبية يحتفظون حتى الآن بالأصل الكردي مع تحور بسيط فيقول : حيل : قوة
يقولون : شد حيلك ) ( أي أقصى ما عندك من قوة)
الشيء الفلاني حيل زين . ( أي جداً ، كثيراً )
حولوا الهاء إلى حاء .
و التعبير بمفرادات القوة للدلالة على معنى ( جداً ) دارج معروف في لغات الشعوب و تقاليدها
مثال ذلك في مصر ( أحبك گوي ) قوي
أو أحبك أوي ، أي قوي و المعنى كثيراً
ولذلك نظائر في الإنكليزية و الكردية أيضاً .
أما كلمة ( حيلة ، الاحتيال )
فالدليل على أن كلمة حيلة أيضاً مقتبسة في هذا الصعيد من كلمة Hêl , ( بمعنى المحيط الدائري ) هو أن ابن منظور رد أصل معنى ( يحاول إلى الحيلة ) ! لكنه لم يستطع تأثيل كلمة الحيلة ( الاحتيال ) ففسر مجهولاً بمجهول ! و الأصل في التأثيل هو تعليل مجهول بمعلوم
و الصواب أنها جميعاً من كلمة ( Hêl) الكردية
و أكرادنا حتى اليوم في كل أجزاء كردستان
يقولون عن المحتال : ، Hêlebaz , hîlebaz
و هو استعمال صحيح مئة بالمئة
أصله من hêl , محيط الشيء ( المقصود به الهدف المنشود بكليته من كل أطرافه و جوانبه )
و Baz : عداء ، من العدو ، الجري السريع
أو من Bazî , و هي كلمة كردية دخيلة على العربية (الطائر الجارح) المعروف باحتياله و سرعته و نظرته الثاقبة ، فهو يحسن الالتفاف على هدفه و اصطياده و الانقضاض عليه من أنسب زواياه و جوانبه .
فكأنه كالبهلوان في مراوغاته و مناوراته على كل الزوايا و الأطراف و في كل الاتجاهات لاستغلال أضعف نقطة في محيط موضوعه للنيل منه و تحقيق مراده فنقول حين ذلك :
Hêla dikê
Hîla dikê
Ew Hêlebaze
Ew hîlebaze
و يجوز القول Ew Hêlewane
قياساً على pêlewan
في اللغة الكردية بناء على ما تقدم
إذا قيل سأحاول : من الدوران حول الموضوع لإيجاد ثغرة للنفاذ إليه فيجدر أن يكون مثلاً :
Ezê hêlê lê kim
و إذا أريد قول ذلك استناداً إلى بذل ما يستطاع من جهد يقوى عليه فلا بأس أيضاً و كله صحيح مستند إلى الفضاء الدلالي الفسيح لكلمة Hêl , الكردية ،فيجدر القول : ezê hêla xwe ser dim
أو : ezê hêlê lê dim
و يمكن للغويين التوسع في اشتقاق المناسب من ذلك .
و جاء في الآفستا الصغير ص ١٣٨ ، طبعة جديدة منقحة
(Avval )يستعملها العرب بصيغة ( أولاً ) و جاءت هذه الكلمة مخالفة لقياس الأعداد العربية ( واحد ، اثنان ، ثلاثة ، أربعة ) فيقال : ثانياً و ثالثاً و رابعاً و لكن لا يقال واحداً
لكن يقال : أولاً .
الصوت بالأبجدية الكردية اللاتينية : Evvel
بتضعيف (v) الصوت بالأبجدية العربية : أَڤَّلْ
ترجمتها الانكليزية في الآفستا : foremost
أي قبل كل شيء ، أولاً .
صيغتها المتحورة في الكردية الحديثة : ewwilî
أوِّلي .
و جاء في نفس الصفحة من الآفستا الصغير kavî
يستعملها العرب بصيغة ( قوي )
الصوت بالكردية : kevî
الصوت بالعربية : كَڤي ، الفاء كفاء ( River) في الإنكليزية ، ترجمة الآفستا الإنكليزية ( powerful) أي قوي ، جبار .
…………