لا تذبحوا الإوزة !!

عبدالعزيز آل زايد 

الآن تواجهني مشكلة مستعصية، ولكوني عجزت عن حلها قررت أن أدعها وأن أحمل القلم لأكتب شيئًا مفيدًا، ربما أعود فيما بعد لحل مشكلتي، لا تذبحوا الإوزة، هي الحكمة التي استخلصها من قصة ذلك الأحمق الذي كان يجني البيض الذهبي كل يوم من إوزته، لكن الطمع قاده لحمل السكين ليفري أوداج الإوزة المسكينة، وبالفعل فعل وبالفعل قتل الإوزة ولم يجنِ الذهب، هذا ما نفعله مع أبنائنا، نطمع منهم أن يقدموا لنا سلة الذهب دفعة واحدة فنقتلهم كما قتل الأحمق إوزته، كلنا نعاني من تربية الأبناء، لكن الحقيقة المرة هي أن الأبناء هم من يعانون منا لكوننا لا نحسن التربية، فالآباء لا يفكرون إلا في النتائج والسطو على البيض الذهبي!
لا تسخطوا مني معاشر الأمهات والآباء، فلقد قررت اليوم أن أنصف الأبناء من أمهاتهم وآبائهم، دعونا نعود لأيام طفولتنا للحظة، هل نقبل أن يصرخ الآباء والأمهات في وجوهنا؟، فلماذا نصرخ؟، هل نقبل للكبار بإخافتنا بحمل العصا وضربنا؟، فلماذا نرهب ونضرب؟، المسألة بسيطة هي أن المشكلة فينا نحن الآباء والمربون، ببداهة نحن لا نحسن التربية، فلماذا لا نعترف بالتقصير؟، بالنيابة عن كل طفل وطفلة، أقول: أيها المربون لا تحملوا العصا، أيها الآباء والأمهات أوقفوا الصراخ في البيوت، أيها المربون تعلموا فنون التربية، فنحن جواهر وأنتم الحدادون!
لماذا نستعجل قطف الثمر قبل النضج؟، لماذا نعشق أكل الحصرم؟، الفراشة لا تكون فراشة إلا بعد مخاض؛ فلماذا نبيد اليرقات؟، أضحكني أحد الزملاء حينما اخبرنا أنه استخدم مبيدًا حشريًّا لجسمه بعد الإستحمام ظانًا منه أنه مزيل عرق، كيف حدث ذلك؟، لتشابه العبوتين، إنه الخطأ المغفور له حينما يرتكبه الكبار، فلماذا لا نشفق على الصغار حينما يخطئون؟، لماذا نحلم باستلام قرطاس البيض في كبسة زر؟، إننا لا نجد إلا أمعاء خاوية حينما نذبح الإوزة، والسليم أن نرعى الإوزة البياضة بدلًا من سلخها، فلماذا نسلخ الأبناء لمجرد خطأ؟، ألم نخطأ في إغلاق أزرار أقمصتنا؟!، ألم نخطأ في التفتيش عن مفاتيح السيارة وهي في أيدينا؟!، ألم نخطأ؟!، ثم نضج بالضحك بصوت عال، بينما لا نضحك ولا نبتسم حينما يخطأ الصغار، لماذا نرسم فوق جباهنا رقم (ألف ومائة وأحد عشر) ونمعن في التقطيب؟، لماذا 
نكيل بمكيالين؟، هناك نضحك مِلْء الأفواه وهنا نزبد ونرعد، لا تذبحوا الإوزة، ولنقنع ببيضة الذهب، فلربما حقق الأبناء ما لم يحققه الآباء حينما نلقي السكين جانبًا، والتجربة خير برهان. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عصمت شاهين الدوسكي

 

ربما هناك ما یرھب الشاعر عندما یكون شعره تحت مجھر الناقد وھذا لیس بالأمر الحقیقي ، فالشاعر یكتب القصیدة وينتهي منھا لیتحول إلى تجربة جدیدة ،حتى لو تصدى لھ ناقد وبرز لھ الایجابیات وأشار إلى السلبیات إن وجدت ، فلیس هناك غرابة ، فالتحلیل والتأویل یصب في أساس الواقع الشعري ،وكلما كتب الشاعر…

فيان دلي

 

أرحْتُ رأسي عندَ عُنقِ السماءْ،

أصغيْتُ لأنفاسِ المساءْ،

بحثْتُ فيها عن عُودٍ ثقاب،

عن فتيلٍ يُشعلُ جمرةَ فؤادي،

ناري الحبيسةَ خلفَ جدرانِ الجليد.

 

* * *

 

فوجدْتُه،

وجدْتُه يوقظُ ركودَ النظرةِ،

ويفكّكُ حيرةَ الفكرةِ.

وجدْتُه في سحابةٍ ملتهبةٍ،

متوهّجةٍ بغضبٍ قديم،

أحيَتْ غمامةَ فكري،

تلك التي أثقلَتْ كاهلَ الباطنِ،

وأغرقَتْ سماءَ مسائي

بعبءِ المعنى.

 

* * *

 

مساءٌ وسماء:

شراعٌ يترنّحُ،

بينَ ميمٍ وسين.

ميمُ المرسى، عشبٌ للتأمّلِ وبابٌ للخيال

سينُ السموّ، بذرةٌ للوحي…

ربحـان رمضان

بسعادة لاتوصف استلمت هدية رائعة أرسلها إلي الكاتب سمكو عمر العلي من كردستان العراق مع صديقي الدكتور صبري آميدي أسماه ” حلم الأمل ” .

قراته فتداخلت في نفسي ذكريات الاعتقال في غياهب معتقلات النظام البائد الذي كان يحكمه المقبور حافظ أسد .. نظام القمع والارهاب والعنصرية البغيضة حيث أنه كتب عن مجريات اعتقاله في…

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…