أجزاءُ مبعثرةُ

أنجيلا درويش

أنا لستُ أنا
جسدي رغيفٌ طازجٌ
وألفُ جائعٍ في البابِ
أقرأُ الوجوهَ
كأنّي عرافةٌ نبعتْ من كفّيها
جداولُ زمزميةٌ
بها تسقي وإليها تحتضرُ
كذاك الوادي الوعرِ
الحمامُ فيه تضاجعُ
والزهرُ ضلَّ طريقَها
في غيابِ الشمسِ !!
أتوهُ ولا أتوهُ
كعنوانِ قصيدةٍ
لا يُعرفُ كاتبُها
في غيابِ الأوطانِ
أنا لستُ أنا
حينَ يُمضغُ لحمي
على أغنيةِ الموتِ
وأنا مازلتُ قطعةَ لحمٍ لمْ تنضجْ
مفكوكةٌ أزرارُ قمصاني التسعةُ
على مشجبٍ في سوقٍ ما
كطفلٍ تملصَ منْ بينِ يدِ المغتصبِ
تملصتُ منَ الكمِّ العاشرِ
عدتُ وكأنّي لمْ أعدْ
مازالَ الطريقُ حالكاً
والبومةُ تنذرُ
والحانةُ يملؤها السكارى
والنرجسُ ناعسٌ
على نافذتِها ثملٌ
والعجوزُ السمراءُ تسردُ
حكاياتِ أزواجِها الخمسةِ
وأطفالَها الشقرَ !!
وكمْ كانتْ طاهرةً
بعلامةِ إزارِها المثقوبِ !! 
أنا لستُ أنا
حينَ أُعلِنتُ العصيانَ
والتهمَ الرأيُ العامُ
رقصتِ الفراشاتُ حفاةً
والأرصفةُ مليئةٌ بالأحذيةِ الوطنيةِ
والكتبِ الشرعيةِ
كمْ يبلغُني النعاسُ في حضرةِ النعاسِ
وكمْ منْ جثةٍ منّي بلا هويةٍ
حينَ كنتُ أنا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي

حين وقعت بين يديّ المجموعة الشعرية “مؤامرة الحبر، جنازات قصائد مذبوحة”[1] للشاعر فرهاد دريعي، وأردت الكتابة عنها، استوقفني العنوان طويلاً، بدا لي كمصيدة، كمتاهة يصعب الخروج منها فترددت في الدخول، لكن مع الاستمرار في القراءة وجدت نفسي مشدوداً إلى القصيدة الأولى بما تحمله من غنى وتعدد في المستويات، فهي تكاد تكثف فلسفة…

فراس حج محمد| فلسطين

لا أقول صدفة، فأنا لا أحبّ موضوع الصدف، ولا أومن فيه، لكنّ شيئاً ما قادني إلى هذا الكتاب، وأنا أتصفّح أحد أعداد جريدة أخبار الأدب المصريّة (عدد الأحد، 26/10/2025)، ثمّة نصّ منشور على الصفحة الأخيرة لـ “نجوان درويش”، بعنوان “بطاقة هُوِيّة”، لوهلةٍ التبس عليّ الأمر فبطاقة هُوِيّة اسم قصيدة لمحمود درويش، وهي…

مصطفى عبدالملك الصميدي/اليمن*

تُعدّ ترجمةُ الشَّعر رحلة مُتفَرِّدة تُشبه كثيراً محاولة الإمساك بالنسيم قبل أن يختفي سليلهُ بين فروج الأصابع، بل وأكثر من أن تكون رسماً خَرائِطياً لألوانٍ لا تُرى بين نَدأَةِ الشروق وشفق الغروب، وما يتشكل من خلال المسافة بينهما، هو ما نسميه بحياكة الظلال؛ أي برسم لوحة المعاني الكامنه وراء النص بقالبه…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

تَتميَّز الرُّوحَانِيَّةُ عِندَ الكاتب اللبناني الأمريكي جُبْرَان خَليل جُبْرَان ( 1883_ 1931 ) بِعُمْقِها الفَلسفيِّ، وقُدرتِها عَلى تَجاوزِ الماديَّاتِ ، والتَّعبيرِ عَن الحَنينِ إلى مَا هُوَ أسْمَى وأرْقَى في النَّفْسِ البشرية . وَهُوَ يَرى أنَّ الرُّوحَانِيَّة لَيْسَتْ مُجرَّد شُعورٍ أوْ طُقوسٍ تقليدية ، بَلْ هِيَ حالةُ وَعْيٍ مُتكاملة…