دُروبُ الهَجْرِ و الوَطَنِ

علي موللا نعسان 

قَضَّ النَّوى كَبِدَ الأحلامِ في التُّرَبِ
و الهَجرُ راحَ يقي الأنفاسَ في المِحَنِ
و الرُّوحُ هلَّتْ على حقل يجوسُ جَنىً
كما وَجيبُ البَرى يَهفو إلى اللَّسَنِ
طلتْ صُوى رَشَدٍ تحنو إلى وطنٍ
أطلالُهُ قد فنَتْ من سَطْوةِ الحزنِ
و أرْضُهُ من شَظايا الرَّوْعِ قدْ نَدَهَتْ
قلائدَ الذَّوْدِ في الأصْقاعِ و الجُرُنِ
إذْ هاجَها عَوْسَجُ الآلامِ في كَمَدٍ
يغشى رؤى صَحْوَةٍ ترجو سُوى اللَّبَنِ
فاستَمرأ العقلَ سَعْفٌ جادَهُ وَرَعٌ 
فالرَّبُّ أوعزَ في سُقيا إلى المُزُنِ
لينهلَ الجوُّ عِطرًا مِن شذا أرَبٍ
يَهدي النُّفوسَ رحيقاً من جنى الزمَنِ
فليسَ من حاسَ أهواءً تشي طُنُباً
مثل الذي هَجَّهُ مرأى قَذى الشَّجَنِ
لَيْسَ الهَيامُ بما في القلبِ مُرْتَكِضُ 
إِنَّ الهَيامَ فِداءُ الرُّوحِ للوَطَنِ
و إنَّ عَيٌشَ الورى يمضي إلى كَدَرٍ
إن لاكهُ مطلبٌ يعثو معَ الدُّجُنِ
فالرَّبُ يُعطي البرى أمناً يعي دعةً
تلوس عزماً حباهُ القلبُ للبَدَنِ
و العقلُ يمضي على أمراسِهِ فَرَجٌ 
و الشرُّ يَرْصُدُهُ مَشْتى أذى الوُجُنِ
مَن يدركِ الصبرَ سعياً في جدا أملٍ
يأسي لواعِجَ وعدٍ جاسَ في السُّفُنِ
و غيمةٍ بايَعَتْ زُلفى رؤى سُحُبٍ
يجدْ منىً حافِلاً من مُرْشدِ المُزَنِ
طيشٌ تَجَلّى عَلى خوضٍ حثى تُرَباً
على مشاهدِ حَرْبٍ في ذُرى العَطَنِ
و وعكةٌ خالجتْ آجالَ من عقصوا 
مسعى حِمى يحتسي من جرعةِ الوهَنِ
فالكونُ في رقدة الأوجاعِ هاجمهُ
سطوٌ طوى جوهرَ الأفكارِ في العَفَنِ
ففي المدائِنِ أمجادٌ حَوَتْ عُصباً
و في القُرى قفرَ المرعى دُجى الغَبَنِ
دروبُ كارِثةٍ تأسو على خَلَلٍ
و فوجُ نصرٍ يُرائيهِ عَرى الفِتَنِ
فمن يفضْ برداءِ العدلِ في بَلَدٍ
يُخْشى عليْهِ الشَّرى المُهتاجُ في البَدَنِ
يَعِشْ كريمَ الذَّرا في سِرْبِهْ شغفاً 
فالخيرُ يهدي الجَنى فوزاً على الإحَنِ
و من يفضْ بعثارِ الرَّوْعْ في كبدٍ
يلوسُ لوعَ الضَّنى في كومةِ الأُمُنِ
يَشْهَدْ شُدادَ الأذى في كَرْبِهِ تَعِباً
فالشَّرُّ يغزو قُرى تعفو عَنِ السَّنَنِ
فَدَعْ رزايا حروبٍ لَسْتَ تُدْرِكُها 
فالرَّبُ يمحقُها بالصَّبْرِ في المَحَنِ
و كنْ كريمَ النًوايا إنْ دهاكَ شجاً
فالخيرُ تحملهُ حُسْنى حِسى القَمَنِ
و كنْ حليماً على أهوالِ مَهزلةٍ
فالحِلْمُ تغلِفُهُ عُقبى سُوى الجُنَنِ
إذا الهُمامُ يرومُ الصَّبر في شِيَمٍ
تشتاقُ مكرمةً تدعو إلى الحُسُنِ
سيرة بسيطة عن حياة الشاعر 
– شاعر و كاتب و مترجم كردي من سورية من مدينة عفرين القابعة تحت الاحتلال التركي .
– مدرس لغة فرنسية في مدينة دمشق و عضو نقابة المعلمين السوريين منذ عام ١٩٩٠ 
-شغف بتعلم اللغات و آدابها منذ الصغر فبدأ تعلم اللغة الفارسية بجهده الشخصي و شغف أيضاً بحب السينما و الموسيقا إذ كان يحضرالأفلام السينمائية باللغات الثلاث العربية و الفرنسية و الفارسية .  
– قام بترجمة بعض القصائد الشعرية التي تحمل طابعاً تعليمياً للأطفال من اللغة العربية إلى الفرنسية عام ٢٠٠٧ و التي كانت قد ألَّفَتْهاالشاعرة الأديبة و المربِّية الفاضلة مريم يوسف فرج .
– قام بترجمة قصيدتين من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية و اللتان تتسمان بالقيم الانسانية الإسلامية النبيلة( فتاة استوقفتني ، فتاةسورية لبنانية ) 
– قام بترجمة بعض القصائد للشاعر الفرنسي الكبير شارل بودلير من اللغة الفرنسية إلى العربية ( نشيد للجمال ، الشعلة الحية ) في ربيععام ٢٠١٣ و نُشِرت في مجلة الآداب العالمية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق .  
– نشر بعضاً من قصائده باللغة العربية في عدة مواقع الكترونية كالحوار المتمدن ، واحة الفكر ، جريدة عالم الثقافة ، مجلة الثقافة الجزائرية، مجلة مصر صحافة من أجل الوطن ،آفاق حرة للثقافة و مجلة القلم الجديد الصادرة عن اتحاد الصحفيين الكرد في أوروبا
 ( pênûsa nû ) و يعمل على إصدار أول ديوان له باللغة العربية قريباً بعنوان دُروبٌ مُتَعَرِّشة .
– كتب عدة قصائد باللغة الفرنسية و الكردية و لم ينشرها بعد و يعمل علي تنسيقها .
– نشط في اللغة و الموسيقا فهو ناشط ثقافي موسيقي يعمل على إحياء الثقافة الموسيقية و الشعرية بعدة لغات الكردية و العربية و الفرنسية .
– غادر سوريا الوطن منذ عام ٢٠١٤ إلى تركيا التي أقام فيها مدة سنة و قام بتدريس اللغة الفرنسية و من ثم غادرها إلى النرويج حيث يقيم في أوسلو عاصمة النرويج و يعمل مدرساً للغة الفرنسية و العربية . 
Ali Molla Nasan
Oslo 20-3-2022

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…

د. سرمد فوزي التايه

 

عندما تُبصر عنوان “فقراء الحُبّ” للكاتبة المقدسية رائدة سرندح، والصادرة عن دار فهرنهايت للنشر والتوزيع عام 2023، تُدرك أنَّ هناك أُناساً فقراء يفتقرون إلى الحد الأدنى من مُتطلبات الحُبّ كوسيلة من وسائل العيش الرغيد على وجه البسيطة، فتراهم يقتاتون ذلك الفتات على أملٍ منشود بأن يغنوا يوماً ما من ذلك المعين حتى…