جيهان شيركو
قصر شمامك تل وموقع أثري كبير يقع في ناحية ( شمامك ) على بعد 25كم جنوب غربي مدينة أربيل في منطقة واقعة على نفس المسافة تقريبا من نهر دجلة والعاصمة الآشورية
كالح / نمرود (1)، يتم الوصول إلى الموقع عبر طريق أربيل باتجاه الكوير وعلى ضفاف نهر شيوازور ، حيث يقع التل بين قرية ترجان في الشمال و قرية سعداوة في الجنوب (2).
يتكون الموقع من تل مرتفع ( قلعة ) تبلغ مساحتها 8.3 هكتارا على ارتفاع حوالي 20م فوق السهل المحيط ، ومدينة سفلى ممتدة نحو جنوب التل تبلغ مساحتها 49.5 هكتارا ، وسور خارجي للمدينة ، و قرية حديثة ( سعداوة ) (3) ونهر شيوازور .
بدأ التنقيب في هذا الموقع أولاً من قبل عالم الأثار البريطاني أوستن هنري لايارد (4) ، الذي ذكر عنه بأنه موقع كبير ومرتفع ، وهو محاط ببقايا سور ترابي ، والموقع مقسم إلى قسمين متساويين يفصلهما وادٍ أو مجرى ماء حيث يحتمل أن يكون هناك موضع ارتقاء كان يقود ذات يوم من السهل إلى صرح مشيد على قمة مصطبة ، في تلك التنقيبات عثر لايارد على الطبقات الآشورية على عمق حوالي ثمانية أقدام تحت سطح الموقع ، وعثر أيضاً على كتابة مسمارية مكتوبة على الآجر تعود إلى الملك الآشوري سنحاريب ( بالأكدية سين ـ أخي ـ إريبا 704 -681 ق.م ) يتحدث فيها الملك عن بنائه سور مزدوج في مدينة اسمها كلزي*/ كيليزو كتب فوقها
” سين آخي أريبا ملك بلاد اشور، بنيت السور الداخلي والخارجي العائدين لمدينة كلزي بالآجر“(5) بعد هذا الاكتشاف تم تحديد الموقع على أنها المدينة الآشورية الهامة كيليزو . بعد فترة وجيزة من هذا الأكتشاف زارعالم الآثار الفرنسي فيكتور بلاس الموقع وقام بتنفيذ بعض العمليات الأثرية دون ان يحصل على النتائج المتوقعة التي تبرر المزيد من الحفريات ، وفي عام 1933 نقبت فيه بعثة أثرية إيطالية برئاسة عالم الآثار جوزيبي فورلاني لموسم قصير، وقد كشفت تنقيبات تلك البعثة عن مقبرة تعود للعصر البارثي (139ق.م – 226م ) و بناية آشورية تحتوي على ساحة مبلطة بالآجر(6)، وعثر المنقبون أيضاً على كسر من رقم طينية مكتوبة في المقبرة البارثية ، ووجدوا كذلك مخروطا طينيا يحمل نصا للملك آشوردان الثاني (912-934 ق.م) ، اعتقد هؤلاء الآثاريون بأن الطبقات الآشورية المكتشفة لم تكن هامة وغنية جدا ، لذلك فضلوا العمل في أماكن أخرى مثل نمرود ، خورسباد ، ونينوى. بعد هذه التنقيبات فقدت معظم احجار التل بسبب نهب السكان المحليين ، وانتقلت احجار هذه التلة إلى القرى المجاورة واستخدمت في المباني الحديثة وكشواهد للقبور .
• التسمية :
فيما يخص معنى اسم كيليزو هو مثل بقية الأسماء الجغرافية من الصعب تحديد معنى لها حتى وإن وجدت مفردة قريبة منها ولها معنى فلا نستطيع إثبات الصلة معها ، الكلمة القريبة من الاسم هي Kullizu/I ومعناها ” ثور الحراثة ” أو راعيه ولكن لا نستطيع إثبات الصلة ، وكذلك أن كلمة kalzu الأكدية التي يرجح أن تعني ” باحة القصر” لها صلة محتملة باسم كِلِزِ . وقد ورد أقدم ذكر لشمامك من قبل عالم الآثار الايطالي دومينيكو سيستيني ، الذي سافر بين البصرة والقسطنطينية في سنة 1781 ، وقد ذكر ” بين الزابين ، بالقرب من نهر دجلة ، هناك مساحة كبيرة تسمى أرض شياماميك Sciamamik “ وقد أشار العالم الايطالي جوزيبي فورلاني ، على أهمية الملاحظات التي ذكرها سيستيني في رحلته لأنها كانت تحتوي على أول ذكر لـ “قبيلة شماموك” التي ربما تكون أساس الاسم الجغرافي الحديث للموقع ، وهناك العديد من الآراء الأخرى في تفسر اسم شمام ، يقال ( شمام ) الحسناء التي تزوجت من احد الدراويش الذي كان مالكا للمنطقة ومن شدة حبه له أو شغفه بها سمى المنطقة بأسمها ، الاسم في الأصل (شاه مولك) اي املاك الشاه أو السلطان ، ويسمى التل ( تل سعداوة ) نسبة إلى قرية سعداوة التي يقع في عقارها هذا التل الأثري وسميه التل أيضاً ( قصر شمامك ) لوجود قصر أو حصن في الفترة العثمانية (1534 – 1920م ) والتي أعطت الموقع أسمه ، والجدير بالذكر هنا أن المدينة تغير اسمها أيضاً في عهد الملك أسرحدون (٦٨٠-٦٦٩ ق.م) إلا ان كتاباته لا تذكر الاسم الجديد الذي اطلق عليها.
سُجل هذا الأثر من قبل مديرية الآثار العامة عام 1940م ، تحت اسم بعرور أو شمامك( تل ) ، واعتبر منذ ذلك الوقت موقعاً اثريًا . كان التل يستخدم كمقبرة لدفن الموتى العائدة للقرى المجاورة وفي الثمانينيات والتسعينات تحولت إلى ثكنة عسكرية للجيش العراقي .
وقبل الحديث عن نتائج التنقيبات الفرنسية لا بد من إلقاء الضوء على تاريخ مدينة كيليزو في ظل الامبراطورية الآشورية .
• المدينة الآشورية كيليزو :
كانت مدينة كيليزو ضمن البلاد الآشورية خلال العصر الآشوري الوسيط (1500- 911 ق.م) ، وعلى وجه التحديد منذ عهد الملك آشور- أو بالط الأول (1365-1330 ق.م ) ، بعد هذا التاريخ حارب الملك الآشوري أنليل – نيراري (1329 – 1320 ق.م ) جيش الملك الكاشي في مدينة كيليزو ، وفي عهد الملك تجلات – بلا صر الأول (1114- 1076 ق.م ) أدرجت المدينة ضمن المناطق الأدارية وحدد موقعها باعتبارها محافظة ، فيما بين محافظتي أربيل وخلاخو . وتذكر نصوص الوقائع التأريخية الآشورية الخاصة بنهاية عهد ذلك الملك إنْ كيليزو ومعها نينوى أيضاً ، قد استولى عليها الآراميون ، ومنذ بداية العصر الآشوري الحديث (911 – 612 ق.م ) أصبحت مدينة كيليزو مركز محافظة تحمل اسمها ، وقد وصلتنا اسماء العديد من محافظيها الذين أطلقت أسماؤهم ، في التقويم الآشوري ، على أعوام من مدد بقائهم في مناصبهم ، ان هذه الإشارات إلى محافظي كيليزو تثبت أن هذه المدينة كانت مركزا اداريا طوال العصر الآشوري الحديث .
كيليزو تلك المدينة التي كان لها احترامها الخاص لدى الآشوريين ، إذ كان ملوكهم يأتون اليها في مواكب ضخمة قاصدين معبدها وقد تزينوا بحللهم وزينتهم ومنها يقصدون أربيل للمثول امام معبدها التأريخي، كان أدد إله الأمطار والعواصف ، الذي يوصف في النصوص الآشورية بأنه الإله الرئيسي للمدينة ، إلى جانب تلك المعابد كانت المدينة تضم العديد من القصور الملكية قصر الملك سنحاريب وقصرالملكة ( مي – أي- كال) ، وحسب النصوص التي وصلتنا فقد كانت المدينة أحد أهم مراكز التدوين في بلاد آشور، ومثل غيرها من المدن الآشورية ، كان لدى مدينة كيليزو نظام مزدوج من الجدران ، الأول حول( القلعة ) إلى الشمال ، حيث كانت توجد القصور و المعابد ، والثانية حول ( المدينة السفلى ) إلى الجنوب .
يطل موقع كيليزو على الضفة اليمنى لوادي شيوازور الذي يجمع مياهه من المرتفعات الواقعة إلى الشمال – الشرقي من أربيل ويصبها في نهر الزاب الأعلى إلى الشرق من الكوير، إن لهذا الموقع أهمية خاصة تأتي من ثلاثة أمور وهي :
أولاً : ان وجود الموقع في بداية سهل شمامك مكنه من السيطرة على واحدة من أخصب المناطق الزراعية في شرق نهر دجلة .
ثانيا : يسيطر هذا الموقع أيضاً على المنطقة الممتدة على الضفة اليسرى لنهر الزاب الأعلى حتى مصبه في نهر دجلة ، وهذه المنطقة كانت تؤمن طرق المواصلات بين نينوى ‑ كالح ‑ آشور على طول الضفة الشرقية لنهر دجلة ، كما أن موقع المدينة الآشورية المهمة كساپّا ، التي كانت تعود إلى محافظة كيليزو موجود في هذه المنطقة أيضاً .
ثالثا : إن موقع كيليزو على الطريق بين كالح وأربيل ، على مقربة من قرية أبو شيته حيث يمكن عبور نهر الزاب الأعلى خَوْضاً ، كان يضفي على مدينة كيليزو أهمية خاصة فيما يتعلق بالمواصلات بين مركز البلاد الآشورية ، عبر كالح ، والمناطق الجبلية في الشرق عبر أربيل ، ولهذا استخدم الملك أشور ناصربال الثاني سنة 882 ق.م مدينة كيليزو لتكون قاعدة انطلاق له في حملته الحربية على إقليم زاموا في تلك المناطق.
رغم أهمية مدينة كيليزو ألا أنها لم تتخذ عاصمة لبلاد آشور لأن العواصم الآشورية المعروفة اشتركت في مواصفات متشابكة منها القرب من دجلة والكثافة السكانية المحيطة بها و الخاصية الدفاعية والعمق التاريخي والوقوع في مثلث القلب الآشوري ، وجميع هذه الخواص لم تكن متوفرة في مدينة كيليزو لذلك لم يرقَ دورها لأكثر من عاصمة محلية ، ولم تكن المدينة تملك الخواص نفسها التي تملكها مدينة أربيل لتستمر الحياة فيها طوال العصور المتعاقبة وتأخذ الأهمية الأكبر.
• التنقيبات الفرنسية في تل قصر شمامك :
بدأت البعثة الأثرية الفرنسية بالتنقيبات في الموقع ما بين عامي 2011-2014 برئاسة د.أوليفية روو وما بين عامي 2016- 2019 برئاسة د.ماريا غراسيا ماسيتي (7) ، بمشاركة باحثين وطلابا قادمين من مختلف الدول الأوربية وكذلك أساتذة ومدرسون وطلاب من جامعات كوردستان – صلاح الدين في أربيل وسوران وممثلين عن دائرة آثار أربيل . بعد الاستعانة بدائرة شؤون الالغام لرفع الكثير من القنابل غير المتفجرة في الموقع بدأت البعثة الأثرية الفرنسية في عام 2011 بعمل خارطة طوبوغرافية مع مسح سطح التل ، وقد أظهرت نتائج المسح أن موقع تل قصر شمامك لا يتحدد فقط بالتل بل يمتد إلى المدينة السفلى مع بقايا جدران السور الذي شيد من قبل الملك الآشوري سنحاريب ، والمدينة توسعت إلى حافتي نهر شيوازور وخاصة الحافة الشمالية .
بما ان تل قصر شمامك معروف جيدا بطبقاته العائدة للعصر الآشوري فقد كان الهدف الرئيسي من التنقيبات الفرنسية هو دراسة عصور الانتقال قبل وبعد دخول الموقع والمنطقة في ظل الامبراطورية الآشورية ، ومن أجل تحقيق ذلك الهدف قام الفريق الفرنسي بإنشاء خمس مواقع للتنقيب ( A ، B ، C ، D ، E) (8) ، من القلعة إلى الضفة الأخرى من نهر شيوازور ، وقد تم فتح الموقعين الرئيسيين على التلة : الموقع A و الموقع B ، وبقية المواقع لم اجد لها تفاصيل تذكر في نتائج التنقيبات .
الموقع A (9): يقع هذا الموقع على المنحدر الجنوبي للتل ، وقد تم تقسيم هذا الموقع إلى A -الشرقي ، A – الغربي.
الموقع A- الشرقي :
لدراسة طبقات العصر الآشوري الحديث ، قام الفريق الفرنسي بفتح مربع على شكل خندق متدرج على المنحدر الجنوبي للتل ، يبلغ طوله 68م وعرضه 5م يبدأ من قمة التل حتى حدود المدينة السفلى المغطى حاليا بالحقول الزراعية من قبل اهالي قرية سعداوة ، في الجزء الاول من الخندق وفي مقبرة إسلامية من العصر الحديث تم حفرها في أول مستوى بناء على حافة التل ، عثر المنقبون على قطعتين من الآجر المفخور استخدمت كشاهدة قبر على الأولى نص ملكي يعود للملك الآشوري سنحاريب وهي بنفس صيغة الآجر التي اكتشفها عالم الاثار أوستن هنري لايارد وعلى الثانية بعض الرسومات الهندسية . وفي الجزء الثاني من الخندق كشفت ازالة المواد أسفل السطح مباشرة عن بقايا منصة / مصطبة أرضية مبنية من الطوب الأحمر (10) وقد لاحظ المنقبون ان هذه المصطبة قد تم إعادة بنائها فوق بقايا مصطبة قديمة تم تدميرها عمداً ثم تم تسويتها لاحقاً ، عثر المنقبون قرب هذا الجزء من الخندق على بعض القطع الفخارية الكبيرة التي يعود بعضها إلى العصر الآشوري الوسيط بالإضافة إلى جزأين من مسامير الطين (مسامير الأساس) تحمل إحداها أسم الملك الآشوري أريك دين إيلي (1317‑ 1306 ق.م) وقد أعطى هذا الاكتشاف أول مؤشرعلى وجود السيطرة المبكرة للآشوريين على المدينة اعتبارا من منتصف الالف الثاني ق.م. وفي الجزء الثالث من الخندق بالقرب من الأراضي الزراعية كانت هياكل المصطبة تغطي منحدراً ضخماً (11) ، مكون من سلم متعدد الدرجات ذات ارتفاع منخفض جدا ، الدرجات مبنية من الآجر المفخور جيدا ، قياس 404012 سم ، من الواضح أنه كان منحدرًا ضخمًا ، يبلغ عرضه حوالي 2.80 م ، والذي سمح للتنقل من قاعدة التلة إلى قمتها ، وقد عثرعلى نص مسماري (12)على واحدة من الآجرات المفخورات التي بني بها الدرج يحمل اسم الملك الآشوري سنحاريب ، أثبت النص المكتشف بأن المنحدر المتدرج المرتبط بالمصطبة الحمراء العائدة للعصر الآشوري الحديث تعود إلى عهد الملك سنحاريب .
كانت المصطبة الآشورية الحمراء تغطي جزءا كبيرا من المنحدر الجنوبي للتل وحتى الدرج أي بامتداد 37م مع تدرج لأكثر من 5م ، وقد أتاح اتساع نطاق أعمال التنقيب فوق المصطبة الكشف عن بقايا مستوطنات متعاقبة ، من العصر الهيلنستي (330-323 ق.م ) والعصر البارثي ( 139ق.م -226م ) ، وقد توزعت المدينة الهيلنستية المتدرجة على منحدر التل اخذة نفس شكل بقايا المصطبة الآشورية ، وقد تعرضت المصطبة للتخريب في قمتها ، ليس فقط من قبل الحفر الهيلنستية الكبيرة (13)، لكن أيضاً من قبل الأبنية البارثية الكبيرة ، ومن خلال توسيع الحفرة الهيلنستية الكبيرة على المصطبة الآشورية ، تمكن المنقبون من تحديد بقايا مصطبة آشورية حديثة أكثر قدما (14)مباشرة تحت المصطبة الأحدث ( التي تعود للملك سنحاريب ) ، وقد عثرعلى الطبقة الأشورية الوسيطة تحت المصاطب الآشورية الأحدث وهي متآكلة ومبعثرة لكنها مازالت تحفظ ضمنها مواد كافية تسمح بمعرفة تاريخها بشكل موثوق ، والجدير بالذكر هنا هو العثورعلى قبر طفل مباشرة تحت أساسات المصطبة الآشورية الأقدم مغطى بقطعتين من الطابوق من نفس النوع ، ربما يمكن ربط هذا الاكتشاف بالطقوس المعروفة بتقديم شخص ما كأضحية عند الإقدام على أعمال بناء كبيرة ومهمة .
كانت المصطبة والمنحدر الضخم المكتشف في هذا الموقع احدى اهم أعمال العمران الضخمة المنجزة في عهد الملك سنحاريب والتي تضاف إلى بناء السورين المحيطين ، ووفقا للمنقبين ، ان هذه المصطبة لعبت دورا مهما في حياة المدينة ، فقد كانت تشكل قاعدة لأبنية فخمة تغطي طبقات أقدم لا سيما تلك العائدة للعصر الآشوري الوسيط ، ربما كانت اغراض الملك سنحاريب من اعادة بناء هذه المصطبة المتينة عديدة منها لربط المدينة السفلى بقصرة الشخصي والذي يبدو أنه كان منتصبا في قمة القلعة ، وربما كانت لها علاقة بربط بوابة المدينة بالشارع الخارجي الذي كان موجها نحو مدينة أربيل وربما لأغراض اخرى لم تكتشف بعد وبسبب اكتشاف نص مسماري للملك سنحاريب في المنحدر الضخم في الجهة الجنوبية من التلة يعتقد المنقبون بأن قصر الملك سنحاريب كان موجودا في هذه الجهة من التلة وليس في الجزء الشمالي الذي كان مخصصا للقصور الملكية .
رغم العثورعلى مواد من العصر الآشوري الوسيط في الموقع A الشرقي ، مع ذلك لم يتم حتى الآن اكتشاف أي بناء مهم من هذا العصر في هذا الموقع ، بأستثناء بقايا متآكلة لأساسات منزل في قاعدة التل ، بين التلة والمدينة السفلى .
الموقع A – الغربي(15) :
لدراسة مراحل بناء أسوار المدينة والطبقات البرونزية المتأخرة ( العصر الآشوري الوسيط و العصر الحوري – الميتاني) في محيط التلة ، قام الفريق الفرنسي بفتح هذا الموقع الذي يقع في الجزء الغربي من المنحدر الجنوبي للتل ، حيث كانت تكثر فيه اللقى الأثرية بشكل كبير ، إضافة إلى اجزاء من نصوص مسمارية ، وقد تم العثورعلى عدة طبقات أثرية في هذا الجزء بدءاً بطبقة الردم السطحي ( الطبقة 1) التي كانت تغطي قبور وحفرعائدة للعصر البارثي ( الطبقة2 ) والتي تخترق الطبقة الأقدم العائدة للعصر الفارسي/ الهيلنستي ( الطبقة 3 ) ، التي كانت تغطي المصطبة الآشورية الحديثة ( الطبقة 4 )، تحت الطبقات البارثية والهيلنستية المستندة على المصطبة الآشورية عثر المنقبون على كسر فخارية ملونة ، وعثر في نفس المكان على اجزاء من نصوص مسمارية مكتوبة باللغة الأكدية تحمل أسماء ذات أصول حورية – ميتانية ، والاسماء التي وردت في هذه النصوص هي آريشتني إيني شيريني أو ( إرِشةِ – أَنِّ شيريني )
[(?) štenni Širen[ni-x [Iri] ، والذي يظهر كمسؤول عن بناء أسوار المدينة ، لكن تسمية المدينة في هذه النصوص جاء ﺒ ( توءي Tu””””e) وليس كيليزو، وقد أدى هذا الاكتشاف إلى تعقيد التاريخ غير المكتمل للمدينة التي اطلق عليها الآشوريون كيليزو.
أثبت أحد الأسبار التي تم حفرها بأن أساسات المصطبة الآشورية الحديثة – والذي ربما يشكل جزءا من سور القلعة الذي يعود الى فترة إعادة الإعمار في عهد الملك سنحاريب – كانت
تغطي البناء الأقدم للمصطبة الآشورية الحديثة الأكثر قدماً ( الطبقة 5 ) الذي كان مشابها للمصطبة التي عثرعليها في الموقع A الشرقي ، والتي تمتاز بوجود درج آخر مبني بالحجارة واللبن المشوي، لكن يبدو أنه هجر بعد ذلك ، سمحت التنقيبات الى الوصول الى ما تحت طبقة المصطبة الأقدم ، أي إلى طبقات البرونز المتأخر ( الطبقات 6 إلى 9) والتي تتألف من بيوت تحتوي على فخار نوزي (16) في طبقات الأرضيات المكونة من التراب المدكوك ، وقد اعتبرت لجنة التنقيبات هذه الطبقة إحدى أخر طبقات المدينة في الوقت التي كانت تسمى فيه توءي في عهد الملك إريشتي إني شيريني ، وقد اكتشف المنقبون طبقة استيطانية سكنية مُلفِته للإنتباه أحدث من تلك التي أعطت فخار نوزي ، تحتوي على عدد من الكسر الفخارية المزخرفة بأشكال لا تنتمي إلى فخار العصر الآشوري الوسيط ولا إلى فخار نوزي كانت هذه الطبقة تحدد فترة من التواصل والتبادل بين الثقافة المحلية من النوع الميتاني التي يبدو انها استمرت مع مرور الزمن ، دون أن يتم محوها من خلال فرض ثقافة العصر الآشوري الوسيط في المدينة والمنطقة.
إلى اسفل المنحدر ، جنوب الموقع ، كانت بيوت العصر البرونزي المتأخر تستند على سور قديم (17) مبني من طوب من مختلف الاحجام ، مرتبة بحيث تحيط بقلعة ذات شكل دائري، يعود للعهد البرونزي المتأخر والذي يعود بناؤه ربما إلى وقت ابكر بكثير ، يميل الجانب الخارجي ( الجنوبي) للجدار إلى الداخل ، وربما يوفر مقاومة اكبر ، استمر هذا الجدار الذي يزيد عرضه عن 10م بعد العصر البرونزي المتأخر وبقيت معالمه ظاهرة في المشهد المعماري لفترة طويلة جدا ، ووفقا للمنقبين ان السور المكتشف يمثل السور الذي قام ببنائه الملك آريشتني إيني شيريني الذي تم ذكره في النصوص المسمارية المكتشفة في الموقع ، كما عثر المنقبون وراء سور العصر البرونزي ، على أشياء تعود لفترات أحدث أو التي سقطت خلال تفكك المباني المجاورة الكسرالفخارية الساسانية والبارثية والهيلنستية ، وخاصة جزء مهم من رقيم مسماري مع طبعة ختم اسطواني ، كان يمثل عقدا يسجل معاملة مؤرخة في عهد الملك الآشوري أسرحدون ابن الملك سنحاريب سنة ليمو بنبا 767 ق.م .
الموقع B (18): لدراسة الطبقات الأقدم والسابقة للاستيطان الآشوري قام الفريق الفرنسي بفتح الموقع B الذي يقع في قمة التل في الجزء الشمالي الشرقي مقابل ضفاف نهر شيوازور ، وقد اطلق عليها المنقبون الجهة الملكية ، و تم تقسيم الموقع إلى : B – الشرقي ، B – الغربي و B – الشمالي.
الموقع B – الشرقي :
تنتهي حدود التلة من جهة الشمال بحفرة كبيرة أحدثها القصف بقنبلة كبيرة ، مما سمح بالتعرف على الطبقات الأثرية الأكثر حداثة من العصر الآشوري الحديث التي تم اكتشافها في مواقع اخرى من التلة ، في شرق هذه الحفرة تم تحديد مصطبة من الطابوق الطيني التي يمكن ان تشير إلى موقع القلعة العثمانية(19) ، والتي دمرت بالكامل ، ويبدو ان البنائين العثمانيين قاموا بتسوية الطبقات الاقدم التي كانت تشكل جزءاً من بناء واحد واسع ذات طبيعة غير سكنية من العهد الساساني (226 – 637 م) (20) متوضعة مباشرة فوق بناء كبير ذات طبيعة غير سكنية ، يوحي الفخار الذي تم العثورعليه بتبعية هذا البناء للعصر البارثي (الطبقة 6) كان البناء البارثي متوضع مباشرة فوق أطلال بناء أكثر قدما يظهر من خلال بقايا الطابوق الموجود فيه وأدوات النسيج والكسرالفخارية أنها تعود للعصر الهيلنستي/ الفارسي ( الطبقة 7 ) ، وقد أكتشفت البعثة أنه خلال هذه الفترة تمت إعادة إعمار كثيفة فوق التلة مما أدى إلى محو جميع المباني السابقة ، تم الحفاظ فقط على بقايا مبنى سكني عائد لطبقة أقدم ( الطبقة 8 ) التي ما تزال بعض الخصائص المعمارية للعصر الآشوري الحديث ظاهرة في بنائه ، مثل قناة صرف ( كهريز ) تحت الأرض ، بقيت سليمة ، ربما هذه الطبقة معاصرة لأول استيطان لما بعد العصر الآشوري وقد تم بناء هذا المبنى السكني فوق سطح لوحظ فيه بقايا بناء مخصص لإحدى الحرف ، متميز بحضور طبقات من الرماد (الطبقة 9 ) وبقايا أفران مما يعني أن هذه الطبقة كانت منطقة صناعية وغير سكنية.
كانت طبقات الرماد الكثيفة ﻟ ( طبقة 9 ) تغطي اساسات مبنى سكني( الطبقة 10 ) (21) باق في مكانه الأصلي ، وقد كان هيكل هذا البناء بسيط للغاية بدون إنشاءات ضخمة ، رغم العثورعلى القليل من المواد في هذه الطبقة ، رجح المنقبون تاريخ هذا المبنى إلى الفترة البابلية الحديثة (626- 539 ق.م) بسبب اتجاه هيكل البناء وطريقة البناء وشكل الطوب ، ويبدو ان هذه الطبقة قد تم تدميرها وهجرها بسرعة ، وقد كانت أساسات هذا البناء مسندة على طبقة من الأتربة والطين ( الطبقة a11 ) بأرتفاع أكثر من متر كانت مخصصة لأنشطة صناعية بدون أثر لمنشأة سكنية ، عثر في هذه الطبقة على بقايا فرنين وبعض مخلفات صناعة الفخار والسيراميك ، وقد أبدى فريق التنقيبات استغرابه من اكتشاف منطقة صناعية في الطبقات (9 ،a 11 ) ، بعيدا عن النهر وفي جزء من التلة يفترض بأنه مخصص للمباني الملكية وطبقة النبلاء.
كانت ( الطبقة a11 ) منتصبة ضمن أطلال جدران مفككة لقصر أو صرح كبير( الطبقةb 11) يحمل بصمة الخصائص المعمارية لقصور العصر الآشوري الحديث ، يعتقد بأن القصر تم بناؤه من قبل الملك الآشوري سنحاريب ، العثورعلى لبنة كبيرة (22) الحجم تحمل كتابة مسمارية لهذا الملك ، مستذكرًا بناياته في مدينة كيليزو ، بين أنقاض أحد الجدران ، أكدت بشكل غير مباشر تأريخ الطبقةb 11 ، وقد دمر الصرح أو القصر و استثمرت لأنشطة صناعية ، لا يعرف متى تم ذلك ولكن من المحتمل هو نهاية الإمبراطورية الآشورية الحديثة ، عندما هاجم التحالف الميدي – البابلي العواصم الآشورية (614ق.م) مثل آشورو نينوى ، و دمرتها وقد كانت مدينة كيليزو في طريقهم .
الموقع B – الغربي :
في عمق 7م من الطبقة السطحية على نفس المنحدر الشمالي ، على بعد 5م إلى الغرب (23)، أكتشف المنقبون بفضل حفر بعض الأسبار أن المهندسون المعماريون كانوا قد دمروا بقايا قصر كبير سابق ( الطبقة 12 ) لبناء قصر الملك سنحاريب ، وقد عثر في هذا القصر الكبير على سلسلة من الأرضيات المؤلفة وبشكل متناوب من الآجرات التي بنيت على مر الزمن فوق الأرضية الأولى ، المرقمة ﺒ ( e52) ، كانت الأرضية الأولى مرصوفة بالآجرات وقد تم اكتشاف كتابة مكررة على أربع قوالب من هذه الآجرات تتكلم عن الاحتفال ببناء قصر في مدينة كيليزو من قبل الملك الآشوري أدد نيراري الأول (1308‐ 1275 ق.م ) (24) ، وقد كان اكتشاف بقايا قصر الملك أدد نيراري نقطة علام مُهِمّة جِدًّا لفريق التنقيبات لمعرفة تسلسل الطبقات الأثرية في الموقع ، وذكر اسم مدينة كيليزو على هذه القوالب من الآجرات في موضعها الأصلي يؤكد بشكل قاطع اسم المدينة إبان العصر الآشوري الوسيط .
كشف فريق التنقيبات عما يمكن أن يكون بقايا واجهة لقصر الملك أدد نيراري الأول (25) موجهة نحو الشمال الشرقي ، ووجود درج للوصول إليه ، مبني من الطوب المشوي ، كان يستقبل الزوار اعتبارا من بوابة المدينة المؤدية إلى الطريق المفتوح على ضفاف نهر شيوازور، انتهاء بقاعة ذات أرضية متقنة بشكل خاص من المفترض أن تكون الأرضية مغطاة بالسجاد بفسيفساء يتكون من حصى صغيرة وتطعيمات من الحجارة البيضاء والحصى الملونة التي يمكن أن تتلألأ تحت ضوء المصابيح الزيتية. كان الدرج مدعوما بواسطة طبقة من التراب القاسي واللبن المشوي ، مغطاة بدورها بأجزاء من الطوب بألوان مختلفة والحجر ، مصفوف وفق شكل دقيق يشابه شكل أرضية الدرج نفسها ، ليعطي جانبا جماليا يترك انطباعا بالتناسق ، كان المنحدر ، والجدار المرتبط به وطبقة الدعم تهدمت كلها على المنحدر . فيما يبدو أن المساحة الداخلية للقصر نفسها قد تم ملؤها قصدا حين بناء جدار جديد على الأرضية نفسها ، من الصعب القول فيما اذا كان انهيار القصر والهجرة من قصر الملك أدد نيراري الأول سببه هجوم عسكري أو ثورة داخلية أو ببساطة التموضع الجغرافي للقصر في مكان غير ثابت من سطح المدينة ، ربما هذا يستطيع تفسير سبب نقل وإعادة بناء مكان سكن الملك الآشوري سنحاريب في منطقة أقرب إلى شرق الموقع .
بعد الكثير من البحث ، لم يعثر المنقبون على أساسات لقصر الملك أدد نيراري الأول ، فقد تم وضعها مباشرة على كتلة طينية من اللبن الآحمر تختلف عن بقية البناء الآشوري الوسيط ، هذه الكتلة التي يستند اليها الجدار تشكل ( الطبقة 13) والمواد الفخارية التي تم العثورعليها في هذا السياق تتضمن سمات ميتانية ، وبعد تنظيف الموقع أكتشف المنقبون بأن قصر الملك أدد نيراري الأول كان نتيجة تدخل معماري مكثف من قبل الآشوريين على قصر قديم لأحد الملوك الميتانيين (1475 – 1275 ق.م ) (26) كان يعيش في هذه المدينة معاصرا للملك أدد نيراري الأول ، من المفترض أنه قصر الملك آريشتني إيني شيريني الذي طرده التوسع الآشوري ، التسلسل الزمني والأدلة الخزفية تؤكد ذلك ، وقد تم بناء قصر الملك الميتاني فوق كتلة طينية أو مصطبة كبيرة ، المرقمة ﺒ (6e). إن حفر أحد الأسبار في أقصى شمال الموقع B – الغربي ، مكن المنقبين من التعرف على أساسات ( الطبقة 13 ) ، التي تشكل آخر أثر للبناء الذي تهدم من قبل المعماريين الآشوريين وهي طبقة جديدة (الطبقة 14) مكونة من اللبن المكسور .
الموقع B – الشمالي: (27)
من أجل مراجعة تسلسل الطبقات المكتشفة ولمعرفة تمديد المصطبة (6e) أو العثورعلى بنية مقابلة في الاتجاه الشمالي الغربي للتلة ، قام المنقبون بفتح مساحة جديدة للتنقيبات (B الشمالي ) ، قرب مجرى ماء طويل وعميق ينحدر من أعلى التل تكون من جراء هطول الامطار أطلق عليه المنقبون الفرنسيون تسمية ( الوادي) يفصل بين الموقع الجديد والموقع
– B) الغربي (، تمت التنقيبات في جزء شديد الانحدار نسبيًا على المنحدر ، وشكل ما يشبه خندقاً تدريجياً ، وقد عثرعلى مصطبة كبيرة متدرجة المرقمة ﺒ (23e +25e e27+) ، مكونة من صفوف من الطوب الكبير ، مشابه للمصطبة التي وجدت في الجهة المقابلة (6e) ، افترض المنقبون أن يكون التدخل الآشوري الكبير على المصطبة والمباني التي تدعمها هي التي فصلت جزأي المصطبة . كما أظهرت الحفريات أن الهيكل e27 للمصطبة يغطي ويتأسس على سطح قديم للتل ( تل نينوى 5 ) ، من الطين ، أبيض اللون ، تحتها تمكن الفريق الفرنسي من الكشف عن سلسلة من الجدران والطبقات ( e35 ، e43 ، e48 ) ذات مساحات مختلفة ربما تنتمي إلى مبنى واحد ، تقطع وتآكل بسبب تدفق المياه إلى الوادي، كان يكثر تحت هذه الطبقات فخار من فئة ( نينوى 5 ) ، المحفور في الغالب ، وهذا النوع هو نموذجي لفترات ما قبل التمدن في شمال بلاد ما بين النهرين ، ومؤرخة من قبل المختصين بشكل عام إلى بداية العصر البرونزي المبكر فى بداية الألفية الثالثة ق.م ، وقد كان هذا الاكتشاف في غاية الأهمية لأنها المرة الأولى التي يتم فيها تحديد مباني هذه الفترة في موقع تل قصر شمامك ، مما يدل ليس فقط على قدم الاستيطان على الضفة الجنوبية من شيوازور ، ولكن أيضاً استمراريتها الطويلة المحتملة – ربما بعد التخلي عنها في منتصف الألفية الثالثة ، قد توفر الأبحاث في السنوات القادمة معلومات جديدة حول هذه الفترة القديمة في تاريخ المنطقة والمدينة .
• النصوص الكتابية (28):
من اهم الآثار التي تم اكتشافها في موقع تل قصر شمامك ، هي النصوص المسمارية ، وهذه النصوص هي عبارة عن كتابة مسمارية مكتوبة على وجه أعداد كبيرة من اللبن المشوي (الطابوق) الذي شكل جزءًا من البناء المعماري لمدينة كيليزو لاسيما ضمن جدران الأبنية ، والقصور الملكية والمعابد وبهذه الطريقة فإن اسم الملك الذي قام بإشادة هذه الأبنية بقى خالداً ، وهذه النصوص تكون عادة قصيرة جداً وتكرر معلومات أولية ، ان اغلب النصوص التي تم العثورعليها من قبل الباحث ا.ﻫ. لايارد و ج. فورلاني يعود تاريخها بشكل أساسي إلى العصر الآشوري الحديث (911 – 612 ق.م ) وهي معروفة ومنشورة منذ فترة طويلة.
واثناء التنقيبات الفرنسية تم العثورعلى العديد من الكتابات المسمارية تحمل معظمها نصا يذكر فيه لقب الملك سنحاريب ذاكرا بناء ‐ إعادة بناء سورين للمدينة و بناء قصر في المدينة. لكن خلال التنقيبات الفرنسية تم العثورعلى نصوص مسمارية تعود لعصور أقدم كالعصر الآشوري
الوسيط (1500- 911 ق.م) وقد عثرعلى هذه النصوص في المنطقة A وB وقد اعطت هذه النصوص معلومات أكثر حول المراحل الأبكر لأمتداد سلطة الملوك الآشوريين في هذه المنطقة ، وهذا يعتبر هام جدا ، لأن الحملات العسكرية للملوك الآشورين في العصر الآشوري الوسيط في هذه المنطقة ليست موصوفة في المدونات الملكية لهذه الفترة بنفس الغزارة والدقة التي عليها الحال فيما يتعلق بالحملات المتجهة إلى مناطق غرب سورية وبلاد الرافدين.
عثر أيضاً في الموقع على نصوص مسمارية ، تشير هذه النصوص إلى وجود قوة سلالة حورية – ميتانية إبان فترة البرونز المتأخر في الموقع ، مباشرة قبل السيطرة الآشورية ، إحدى النصوص وهي عبارة عن ( لوحة تأسيسية ) مكتوبة باللغة الأكدية تذكر اسم الملك آريشتني إيني ، وهو اسم حوري – أكدي ، تحتوي تقدمة ﻠ (رب العاصفة ) المحلي مخلدة ذكرى بناء سور المدينة من قبل ملكها آريشتني إيني شيريني ، ملك مدينة توءي Tu””””e في بلاد كونسيه Kunsihhe ، المدينة التي أحبها إشكور ( أدد أو ربما تيشوب ) إله العاصفة المحلي.
وبعد دراسة رقيم مسماري عثرعليه أحد المزارعين في قرية ترجان (29)القريبة من الموقع ، من المفترض ان مكانه الأصلي هو تل قصر شمامك ، اكتشف الباحثون أن الأسماء نفسها الواردة فوق هذا الرقيم المسمى ( رقيم ترجانة). موجودة فوق كسر اللوحات المسمارية المكتشفة في تل قصر شمامك ، نص ترجان وهو نص تأسيسي يبدأ ﺒ ” الإهداء إلى المعبود إيشكور سيد توءي Tu””””e من الملك آريشتني إيني شيريني ملك مدينة توءي وبلاد كونسيه Kunsihhe الذي قام بترميم أسوار مدينة توءي “.
والجدير بالذكر هنا هو العثورعلى آجر( طابوق ) حجري خارج السياق ، في تل كبير مرتفع تعتبر مقبرة لقرية تدعى باستام (30) تبعد حوالي 20كم إلى الشمال من مدينة كالح / نمرود الاثرية ، يقع على الضفة الشرقية لنهر الزاب الأعلى ضمن الحدود الإدارية لقضاء خبات التابع لمحافظة أربيل ، دون عليه نص مسماري يعود للملك شلمنصر الأول (1274 ـ 1245ق.م ) كتب فوقه ” قصر شلمنصر الأول ، ملك الكون ، إبن أدد نيراري ، ملك الكون ، أيضاً ، إبن أريك دين إيلي ، ملك بلاد آشور ، العائدة لمعبد الإله شمش ، ملك ، من مدينة كيليزي“.
ولفهم المكتشفات الجديدة والهامة في هذه التلة سألت د.نائل حنون حول موقع مدينة توءي Tu””””e ومعناها وقد أجابني مشكوراً ” موقع مدينة توءي Tu””””e مجهول ، نعرف فقط أنها ذكرت في نص مع مدينة كربائيل ، وقد تكون أقرب كلمة إلى اسم Tu””””e هي tu””””u أو du””””u في الأكدية 6 DU في السومرية ومعناها الدكة أو الأرضية المرتفعة التي تحمل عرش المعبود في المعبد ولكن من الصعب إيجاد دليل على صلة هذه الكلمة مع اسم المدينة ، إن دليلنا الوحيد هنا هو ورود الكلمة ، ومنطقة أو إقليم Kunsihhe لا نعرف عنها شيء حتى الآن “.
وقد سألت د.ماريا غراسيا عن منطقة أو دولة كونسيه وهل كونسيه Kunsihhe نفسها كونشوم Kunšum ؟ وقد أجابتني مشكورة ” نعم ، سيكون Kunsihhe شكلًا لاحقًا ، مشتقًا من نصوص فترة الأمورية القديمة Kunšum ، عاصمة ولاية Itabalhum أيتابالخوم توروكو / الحورية ، على الأرجح ، التي ربما كانت موجودة خلال فترة العصر البرونزي الوسيط الثاني والثالث ، وراء سهل رانيا حتى شواطئ أرومية Urmia ، يظهر الاسم الجغرافي Kunzuhhu أيضًا في نصوص نوزي “.
وحول الملك الجديد آريشتني إيني شيريني الذي لم يكن معروفا لنا ذكرت د.ماريا ” تم إثبات صحة وجود الملك آريشتني إيني بالفعل من بين العديد من الالواح التي تعود للملك أداد نيراري الأول عثر عليها في آشور، من الممكن أن تكون هذه الالواح قد وصلت إلى آشور كمواد من نهب مدينة توئي Tu””””e ، خلال الفتح الآشوري والتدمير المحتمل لقصر الملك آريشتني إيني شيريني في مدينة Tu””””e “ .
وعن النصوص الجديدة المكتشفة في الموقع وعن كتبتها ذكرت د.ماريا غراسيا ” لقد وجدنا ألواحًا / شظايا ( رواسب أساسية ) لملوك سلالة حكمت المدينة (مدينة Tu””””e) قبل اندماجهم في الإمبراطورية الآشورية الوسطى ولهؤلاء الملوك أسماء حورية ، لكن النصوص مكتوبة باللغة الأكادية ، في بعض هذه النصوص القديمة تم اقتباس أسماء الكتبة الذين كتبوها ، كل هذه الوثائق قيد الدراسة وسيتم تحريرها ونشرها قريبًا ، مما يمكننا رؤيته ، يتضح أن مدينة Tu””””e ، التي أطلق عليها الآشوريون اسم كيليزو، كانت مهمة ، مع قصر، ومستشارية ، ومن المحتمل مكتبة أيضاً ، ومدرسة للكتبة المحليين ، حتى عندما لم يتم دمج المدينة بعد في الإمبراطورية الآشورية ، اتبع جميع كتبة المنطقة نفس القواعد ، نفس التقليد في الكتابة ، حتى لا يكون هناك تغيير كبير، كانوا جميعًا ينتمون إلى نفس الثقافة “.
وعندما زرت مقبرة باستام شاهدت العديد من القطع الفخارية المنتشرة وقد سألت د.نائل عن الطابوقة المكتشفة للملك شلمنصرالأول والفخار المنتشر فوق التلة وقد أجابني مشكوراً ” كرأي شخصي أنا استبعد قيام الملك شلمنصر (الأول) بنشاطات عمرانية ، وخصوصاً تشييد معبد ، في تل باستام الذي اتوقع ان يكون الفخار الموجود عليه اشورياً حديثاً وليس وسيطاً ، وإذا صح توقعي هذا فلا بد أن يكون الآجر المنقوش قد نقل ( قديماً أو لاحقاً ) من تل قصر شمامك ، كما لا يوجد ذكر لمعبد آخر لشمش في المنطقة “.
• الأثار المكتشفة في تل شمامك :
في ثلاثينات القرن الماضي تم ايداع نصف المكتشفات في المتحف العراقي في بغداد ، بينما تم إرسال النصف الآخر إلى إيطاليا وتم حفظها في المتحف الأثري الوطني في فلورنسا(31) ، حسب الاتفاق الساري في ذلك الوقت كانت البعثات لها حق في اخذ نصف ما يعثر عليه خلال التنقيبات ، ومن خلال ارسال أعضاء من البعثة الفرنسية إلى بغداد تم تحديد بعض المواد الأثرية المودعة من قبل البعثة الإيطالية التي نقبت في تل قصر شمامك عام 1933.
أن القطع الأثرية التي تم العثور عليها خلال مواسم التنقيب تم حفظها في متحف أربيل الحضاري ، وفيما يلي استعرض أهم اللقى المكتشفة للموسم السابع 2018 التي تم عرضها في مؤتمر صحفي للبعثة الأثرية الفرنسية :
– اللقى العائدة للعصر البارثي : في حفرة بئر في قرية ترجان عثرعلى جزأين صغيرين من تابوت(32) من الآجر تعرض مشاهد نباتية تعود للعصر البارثي تشابه تلك التي عثر عليها ج. فورلاني سنة 1933 حيث توجد واحدة منها محفوظة في متحف فلورنسا وأخرى في المتحف العراقي في بغداد. كما عثر في سطح التل على رأسٍ صغير لتمثال أنثى ، ويرجح أنه من الفترة البارثية أو الساسانية .
– اللقى الآتية من الطبقة الهيلنستية – الفارسية : من الموقع A عثرعلى جزء من دمية فارس يمتطي حيوانا مصنوعا من الطين المشوي ، ومن الموقع B عثرعلى جزء من دمية مصرية من الجص مغطاة بطبقة مزججة خضراء ، تمثل الجزء الداخلي (الركبتان : ﻠ أوشابتي ) ، في نفس السياق تم العثور على أداة مصقولة على هيئة مدقة من حجر الديوريت أو الأوبسيديان .
– اللقى الآتية من الطبقة الآشورية الحديثة : من الموقع A عثرعلى سراج زيتي مصنوع من الطين المشوي ، مغطى بشكل جزئي بالقار، ومن المدينة السفلى عثرعلى قطعة مايعرف ﺒ ( يد عشتار) ، كما تم العثور أيضاً على طبعة ختم أسطواني يظهر مشهد قتال بين حيوانين حيوان شرس( ثور؟) يقف على رجليه الخلفيتين بينما يهاجم حيوانًا آخر، وهو الغزال (33).
– اللقى الآتية من الطبقة العصر الآشوري الوسيط ̸ البرونز المتأخر : من الموقع A عثر على جزأين من جرة مع تزيين بالرسم ، ماعز جالسة وأوراق أزهار ما يعرف ﺒ (شجرة الحياة ) ، وأحد أكثر الأشياء إثارة للاهتمام هو العثورعلى دمية حيوانية على هيئة بقرة زيبو zebu مما يشير بوضوح إلى أنه كان كائنًا منتشرًا في الموقع ، تعد التماثيل المصنوعة من الطين المجسم من المصنوعات اليدوية الشهيرة في العصور القديمة يمكن أن يكون لها وظائف دينية أو نذرية ، او تم استخدامها كلعب للأطفال.
– طبقة البرونزي الوسيط : المنطقة B العثورعلى مصباح زيت يتكون من جسم ذو قاعدة مسطحة و بيضاوية ، حيث يتم فتح فوهة وفتحة لصب الزيت.
• الاستنتاجات :
استطاعت البعثة الفرنسية لأول مرة تحديد الزمن لطبقات التل والتي تتكون من عدة طبقات مختلفة ، والتي تشمل العصر الاسلامي القديم ، الساساني ، البارثي ، الهيلنستي ، الفارسي ، البابلي الحديث ، الآشوري الحديث ، الآشوري الوسيط ، الميتاني ، وأقدم من ذلك العثورعلى
بقايا مباني تضم ( فخار نينوى 5 ) (34)، وقد كان هذا الاكتشاف في غاية الأهمية ، لأنها للمرة الأولى التي يتم فيها تحديد مباني هذه الفترة في موقع تل قصر شمامك ، مما زاد من أهميتها التاريخية والأثرية .
في الموقع A على المنحدر الجنوبي ، قامت البعثة بدراسة بقايا الجدران والأساسات الآشورية المبنية باللبن / الطوب ، والعائدة لفترة الألف الأول ق.م .والمبنية بشكل أساسي من قبل الملك سنحاريب وقد اكتشف د. أوليفية روو درجاً ضخماً مبني من قبل الملك سنحاريب لربط المدينة السفلى بقصره الشخصي في قمة القلعة ، وقد أعطى هذا الموقع خلال التنقيبات تأكيدا على استمرارية الإستيطان أبعد من فترة البناء العائد إلى الملك سنحاريب ، وخلال دراسة الطبقات الأثرية المتأخرة ، الساسانية ، البارثية ، الهيلنستية – الفارسية ، تم الكشف عن بقايا مدينة سكنية ، موضحة بأن الموقع لم يكن فقط قلعة محصنة و إِنَّما مكان سكن وعمل لمجتمع بأكمله ، وفي الموقعB في الجهة الشمالية تم تحديد طبقتين تابعتين لفترة العصر الآشوري الحديث ، وفي نفس الموقع تم الكشف عن بقايا قصر الملك الآشوري الوسيط أدد نيراري الأول ، وقد اظهر هذا الموقع تتابع مراحل البناء ومراحل الهدم والهجران بالنسبة للأبنية الإدارية ، والسكنية والمساحات المستخدمة للحرف الصناعية.
كما اتاحت اعمال البعثة الفرنسية الفرصة لمعرفة جزء هام من مراحل بناء القلعة التي كانت في الاصل ميتانية اعتبارا من قاعدتها مع اعادة بناء و إضافات آشورية وسيطة وحديثة ، على الرغم من ان الملكين الآشوريين أدد نيراري الأول والملك سنحاريب أعلنوا عن طموحاتهم ومآثرهم البناءة في المدينة ، فقد كانت بالأحرى توسعات واعادة هيكلة للمنشأت الميتانية السابقة التي سيطرعليها التوسع الآشوري . اكتشاف نصوص مسمارية تحمل معلومات أنه قبل فترة الملك أدد نيراري الأول مباشرة ، لم تكن المدينة تسمى كيليزو ، ولكن توءي ، كان يحكمها ملك يحمل اسماً حوريا ً، فتح هذا الاكتشاف امام لجنة التنقيبات فرضية جديدة لدراسة تاريخ مدينة كيليزو، ليس كونها حاضرة آشورية ملحقة وتابعة ﻠ (أربيلا) ولكن أيضا كأقدم مركز مرتبط بالحضارة الأمورية – الحورية في شمال بلاد الرافدين ، والتي أصبحت آشورية لفترة قصيرة نسبيا من تاريخها الطويل ، وقد غير هذا الاكتشاف الصورة التقليدية لتل قصر شمامك باعتباره موقعًا آشوريًا بالكامل ، تم تحديده لفترة طويلة باسم كيليزو.
الاكتشافات الجديدة هذه ستساعد الباحثين على فهم أفضل كيف ان الثقافة الآشورية نشأت وتطورت منذ بدايات التقائها بالتقاليد المحلية لشمال بلاد الرافدين ، وان نتائج التي توصلت اليها البعثة الفرنسية لها اهمية كبيرة لمستقبل البعثة والمهتمين بدراسة تاريخ كوردستان و الحضارة الآشورية .
• الذهاب إلى تل قصر شمامك..
لست أدري ما الذي شدني إلى هذا التل بكل هذه القوة ، وكل هذا الحماس ، فقد راودني هذا الحلم منذ زمن بعيد وهو ان اكتب موضوعا عن هذه التلة ، وان اشاهد الالواح المسمارية المكتشفة في هذا الموقع وان اجمع معلومات عن كتبة تلك الالواح ، لهذا تابعت نتائج التنقيبات الفرنسية عن كثب وبعثت بإلحاح أسئلة مختلفة لرئيسة المنقبين د. ماريا غراسيا ، واعضاء في البعثة الفرنسية ولولا اجاباتهم على اسئلتي لما استطعت كتابة هذا الموضوع ، واثناء كتابتي لهذا البحث قررت القيام بزيارة ميدانية للموقع حتى اجمع معلومات اكثر ولأكون عين القارئ المحب للمواقع الأثرية في كوردستان .
في البداية توجهت مع ركاب المدينة إلى موقع الباصات ، بعدها ركبت أول باص يتوجه إلى قرية ترجان حيث يقع بقربها تل قصر شمامك الأثري ، وفيما كان الباص يتوجه إلى قرية ترجان تذكرت رسالة من العصر الآشوري الحديث اكتشفت في مدينة كالح تبين هذه الرسالة ان الرحلة من مدينة كيليزو إلى مدينة كالح تستغرق يوما واحدا وهذه الإشارة تتناسب مع موقع تل قصر شمامك ، لم يعلم هذا الشخص الذي كتب الرسالة المسمارية بأني سأقوم برحلة مماثلة بعد الآف السنين من مدينة أربيل إلى مدينة كيليزو ذاكره فحوى رسالته ولو كان يعلم بأني سأتحدث عن رسالته لربما كتب لي تفاصيل أكثر ، وفيما كنت افكر في هذه الرسالة ازدحم الطريق فجأة ..علمت بأننا قرب علوة أربيل ، بعد ذلك رحت اسجل اسماء القرى المتواجدة على جانبي الطريق ، مر الباص من قرية سويري وبعدها قريتاغ وعرب كند إلى ان وصل إلى اكبر قرية في هذه المنطقة وهي قرية بنبيرزي حيث تقع في الجهة اليمنى من الطريق وقرية جمكه في الجهة اليسرى وبعد ان قطعنا مسافة قصيرة وصلنا إلى قرية لاجان ، في الماضي كانت هذه المنطقة تضم العديد من التلال الاثرية لكنها تحولت في العصر الحديث إلى قرى صغيرة تتوزع على طول الطريق ولوسرنا في اي قرية من هذه القرى لعثرنا على كسر فخارية والواح مسمارية ، يوجد أيضاً على طول الطريق العديد من مصافي النفط والعديد من المعامل ، وبينما كنت ادون ملاحظاتي توقف الباص فجأة في قرية ترجان اخر نقطة يصل اليها وقد استغرقت رحلتي 40 دقيقة .
بعد نزولي الباص على يسار الطريق العام الذاهب إلى مدينة الكوير ، كان يتوجب علي ان اسلك طريقا غير معبد يبلغ طوله تقريبا كيلومتراً واحداً حتى اصل موقع التلة (35)، سرت في هذا الطريق وبعد ان قطعت نصف المسافة ظهرت التلة من بعيد بعدما شاهدتها غمرتني السعادة كثيرا ، انها اكبر مما توقعت بيضاوية الشكل وعلى يمينها تلة صغيرة ، اسرعت في خطواتي إلى ان سمعت خرير المياه وعلمت انه نهر شيوازور الذي يمر من امام التلة وقبل ان اعبر جسرا صغيرا على هذا النهر توقفت التقط العديد من الصور وحيثما كنت أمدّ ناظري كنت ارى الخضار يلف المنطقة وبعدما انتهيت من التصوير، عبرت الجسر واستمريت في السير إلى ان وصلت الموقع ، صعدت التلة الصغيرة ، التي وضع فوقها لوحة كتبت عليها معلومات عن تل قصر شمامك ، بعد ان اكملت قراءتها ، ودونت محتوياتها نزلت متوجهة للجهة اليمنى حيث يقع الجزء الشرقي من التلة ، كانت هذه الجهة شديدة الانحدار ، اخذت التقط الصور لكل جزء منها إلى ان وصلت موقع التنقيبات الفرنسية شاهدت آثار مجرى ماء طويل وعميق ينزل من أعلى التل يقسم التلة تقريبا إلى قسمين متساويين (36)، ربما كان مجرى الماء هذا في الماضي طريقا ملكيا يمر منه الملوك ورَأَسَةُ المعابد والكهنة وربما الزوار المهمين ، وقد كان مجرى الماء ينتهي اسفل التل بحفرتين كبيرتين ربما كانتا موقعا لأحدى البوابات الداخلية للمدينة . صعدت بعدها من الطريق الملكي ورحت اتنقل بين اطلال القصور الملكية قصر الملك أدد نيراري وبقايا جدران قصر الملك آريشتني إيني شيريني(37) ، كنت اقارن صور التنقيبات الفرنسية التي في حوزتي مع الآثار المتبقية لهذه القصور مع الأسف لم يبق منها سوى الحفر وبعض الجدران المتهدمة ، ذكر المنقبون ان القصور الملكية كانت في غاية الجمال والروعة ، وقفت هناك أتأمل قرية ترجان ونهر شيوازور وهو يمر قريبا من التلة انه جمال خيالي لايوصف ، علمت الآن لماذا اختار الملوك هذه الجهة لبناء قصورهم ومعابدهم ، تابعت تنقلاتي بين حفر التنقيبات والجدران المتبقية وبعدما انتهيت من التقاط الصور للموقع من كل الجهات تابعت صعودي إلى سطح التلة تعثرت كثيرا وكدت أسقط لعدة مرات وما ان وصلت سطح التلة حتى بدأت أركض يمينا ويسارا كنت اريد ان تطأ قدماي كل جزء منه ، كنت اريد ان اسير على خطى عشرات الملوك والكتبة والتلاميذ الذين عاشو فوق هذه التلة ، ركضت داخل الخنادق العسكرية ورحت ادخل حفر القنابل العميقة واخرج من اخرى ، بعد ان انقطعت انفاسي ، وقفت لبرهة اتخيل ما كانت عليه التلة في الماضي وما هي عليه الان وقفت كل التعابير عندي .. قلت في نفسي ..هذا هوا الزمن عندما يريد ان يمحي الحضارات ، تمنيت لو كانت في يدي عصا سحرية تعيد التلة إلى ما كانت عليه في الماضي وبعد الكثير من التخيلات التي لاتنتهي … بدأت اتجول فوق التلة وأدون ملاحظاتي .. كان سطح التلة مسطحا تماما ولا يتميز الا بالخنادق والحفر التي خلفتها المنشآت العسكرية كانت الخنادق تطوق حافة التل من كل الجهات (38)وفيما كنت اتنقل للجهة الجنوبية من التلة شاهدت ثلاث قبور حديثة متبقية لا غير بعدها وقفت على حافة التلة شاهدت اثار التنقيبات الفرنسية في الأسفل ، كانت هذه الجهة تطل على الأراضي الزراعية القريبة من المدينة السفلى وقرية سعداوة ، جلست انظر لجمال المنظر كانت حقول الحنطة والذرة تلف التلة من كل الجهات علمت الآن سر المثل القائل ” ان كنا جائعين في بغداد ، في شمامك نحتفل “ كنت وأنا أرى هذه الأراضي الزراعية أتذكر القبور الهيلنستية التي عثر عليها المنقبون فقد كانت تضم رفاة اشخاص ظهرت عليهم قلة الغذاء والفقر الشديد ! فماذا حل بأهالي المدينة في تلك الفترة لم اجد تفسيرا لذلك بعد ، كانت هذه الجهة قبل الآف السنين تضم قصر الملك سنحاريب ، وكبقية مشاريعه العمرانية كان الملك سنحاريب يتابع بنفسة النشاط العمراني للتلة ، بدليل ان شخصا يدعى بيلقيشا كتب للملك يخبره عن انهيار بيت سيدة القصر في مدينة كيليزو ، ولا أعلم لماذا أختار الملك سنحاريب هذه الجهة لبناء قصره فيما بنى الملوك السابقون قصورهم في الجهة الشمالية وهذا سر لم يتوصل اليه المنقبون بعد ، لكن كرأي شخصي هو لأخفاء قصر أحد الملوك الميتانيين الذين عاشو فوق هذه التلة مثلما فعل الملك أدد نيراري الأول ربما التنقيبات القادمة ستكشف لنا ذلك ، بعد ذلك بدأت النزول من الجهة الجنوبية للتلة كانت اثار التنقيبات الفرنسية في كل مكان كنت اشاهد الكثير من الحفر في جدران التلة وكانت قطع الطابوق والفخار (39) منتشرة كثيرا في كل أجزاء التلة وفيما كنت اقوم بكتابة ملاحظاتي اسفل التلة لاحظت منحدرا (40)سهل الصعود لقمته ربما كان يصل إلى البوابة الخارجية للمدينة في جهة الجنوب حيث بنيت جزئياً قرية سعداوة فوق أنقاضها ، رحت افكر في هذا المنحدر ولا أعلم لماذا خطر ببالي ان يكون هذا المنحدر الطريق الذي كان يسلكه كتبة المدينة لصعود التلة حيث كان يتلقون دروسهم التعليمية وربما التنقيبات القادمة ستكشف لنا اسرار كثيرة بخصوص كتبة المدينة الذين فاقت شهرتهم ابعد حدود .
وفيما كنت ادون ملاحظاتي لمحت شخصا يخرج من قرية سعداوه متوجها نحو التلة علمت انه الأستاذ محمد سامي حارس التلة سلمت عليه ، تبادلت معه الحديث عن التلة اخبرني بأنه من اهالي قرية سعداوة أبا عن جد . وقد سمع من جده بأن سكان التلة كانوا من اليهود الاثرياء واضاف ان المزارعين في هذه المنطقة يعثرون اثناء الحراثة على الكثير من اللقى الاثرية خاصة المصابيح الزيتية وقد أكد لي ان الجهة الشرقية من التلة اهم بكثير من التلة نفسها لأن المزارعين يعثرون على الكثير من اللقى الاثرية التي لا يهتمون بها بل تتحطم تحت المحاريث وسألته اليست الجهة الشرقية من محرمات التلة فكيف تتم الزراعة فيها ؟ وقد اجاب ان اصحابها من الأغوات الأثرياء ولا يتم منعهم وقد اخبرني بأنه تعرض شخصيا للكثير من المضايقات والتهديدات اثناء منعهم من الحراثة .. بعد ذلك سرنا نحو الجهة الغربية التي تطل على أراض زراعية واسعة ، والذي لفت انتباهي اثناء تجولنا الطبقات السفلى من التلة الصغيرة التي تقع يمين تل قصر شمامك كانت تظهر تحتها سماكة التلة بوضوح ، ربما هذه التلة الصغيرة كانت جزءا من التل الرئيسي لقصر شمامك وانفصلت عنها بمرور الزمن ..
بعد ان انهينا جولتنا توجهنا إلى داخل قرية سعداوة التقيت هناك بأمرأة مسنة وعندما سألتها عن التلة اخبرتني بأنها سمعت من والدتها بعودة بعض اليهود لأستخراج الذهبيات القديمة من داخل التلة ، مع الأسف الهياكل العظمية التي عثرعليها في التلة كانت مجزأة جدا لم تساعد البروفسور جاسيك تومكزيك في معرفة طريقة الدفن رغم ان جميع اهالي القرية تحدثو عن تواجد اليهود هنا ، كما أضاف الأستاذ زرار بوجود نفق يربط موقع قريب يسمى بيت فرانكوا بتل قصر شمامك وبعدما انهيت كتابة هذه الملاحظات سألت مختار القرية لماذا سميت قريتكم بسعداوة .. صمت مبتسما ..ربما لأنه لم يعرف الجواب .. بعدها ودعت اهالي القرية بحرارة ، عدت من نفس الطريق السابق ، وأنتابتني موجة من الأسى حين شاهدت العديد من احواض تربية الأسماك كانت على مقربة من التلة وقطيعا كبيرا من الخرفان متوجها إلى موقع التل دون رقيب ، ركبت باص العودة إلى أربيل ، حاملة معي الكثير من الأسئلة وأشارات الاستفهام التي ظلت معلقة في عقلي ونفسي ، ولأني حصلت على موافقة د. ماريا غراسيا لمشاهدة الآجرات المسمارية المكتشفة في الموقع توجهت لمتحف أربيل الحضاري وبحضور ممثل الآثار الأستاذ قدري علي وأمين المتحف الأستاذ أحمد جودت تمكنت من مشاهدة الآجرات المكتشفة في تل قصر شمامك كانت السعادة تغمرني وانا انظر إلى تلك الآجرات مررت بإصبعي على إحدى الآجرات التي تعود للملك سنحاريب وتمنيت لو كنت اعرف قِرَاءَتها ، بعد ذلك بدأت أصور الآجرات من كل الجهات (41)، فقد تحقق حلمي الذي طالما إنتظـرتــه ها انا ذا بين الآجرات المسمارية المكتشفة في تل قصر شمامك ، تمنيت لحظتها استرداد القطع الأثرية المكتشفة في التلة من المتاحف الإيطالية والغاء القوانين التي تحول دون استردادها فهي اثارنا فنحن أولى بها ، بعد ذلك ناقشت العديد من الاسئلة مع الأستاذ قدري حول تل قصر شمامك وكيفية ايقاف التجاوزات على محرمات التلة وهل من طريقة تجعلنا نسترد الآثار المكتشفة من المتاحف العالمية ، بعد طرح كل هذه الاسئلة غادرت المتحف تتنازعني حيرة كبيرة ، وألم أكبر ، أن يكون لدينا هذه التلة وهذه الاكتشافات الهامة ، مع ذلك هي مهملة ، منسية ، متروكة لا أحد يعرف عنها أي شيء ، لقد اكتشفت البعثة الفرنسية عشرات الرقم المسمارية في الموقع .. حتى الآن نحن لا نعلم نتائج ترجمة هذه الألواح ولا حتى الالواح القديمة التي باتت منسية ، وقد كنت اتمنى حقا ان ارى ترجمة كل الالواح القديمة والحديثة في مجلد كبير بين ايدينا ، كنا من خلالها سنعرف الكثيرعن الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية في تلك الفترة .
في نهاية البحث اطلب من الباحثين والمهتمين بالآثار الكتابة عن هذه التلة وترجمة عشرات البحوث الاجنبية التي تم نشرها من قبل لجنة التنقيبات ، فذلك سيساعدنا على فهم أفضل ،
فهناك الكثير الكثير من الأسرار التي تخفيها هذه التلة والتي لم تكتشف بعد ، ان الآثار التي تم اكتشافها في هذا الموقع اذا تم استغلالها على الوجه الصحيح ، ستكون بمثابة مناجم ذهب ومصدر دخل تتضاءل أمامها كل موارد البلاد وبكافة مصادرها ، هي فقط بانتظار التفاتة متواضعة من اصحاب القرار.
……………………………………………………………………………………………
* في ذلك الوقت كانت تعرف باسم كلزي ، ولكن الآن القراءة الصحيحة كيليزو.
– بالغ الشكر والتقدير إلى د. نائل حنون الذي أجابني على جميع الاسئلة المتعلقة بتل قصر شمامك طوال اعدادي هذا البحث .
– أشكر متحف أربيل الحضاري وإدارته المميزة والمتعاونة ، وجميع الأساتذه الذين تعاونوا على اسئلتي حول تل قصر شمامك.
– I thank Prof. Maria Grazia and Dr. Stefano Anastasio – and all the members of the excavation committee who have provided me with many valuable sources, helped me translate many papers written in foreign languages, and answered all my questions throughout the years of preparing this research.
– In my name and in the name of lovers of the antiquities of Kurdistan, I extend my thanks to Dr. Stefano Anastasio for his efforts in following up studies and research on Qasr Shamamuk, which we are proud of.
المصادر والمراجع :
1- أدي شير ، تاريخ كلد وآشور، مجلد1، مكتب الاستاذ (سركيس آغا جان)2007: 98 ، 150
2- أوليفية روو، م.غ. ماسيتي روو ،2011 ، تقرير البعثة الأثارية الفرنسية في تل قصر شمامك ، أربيل، كردستان العراق ، الموسم الأول للتنقيبات.
3- أوليفية روو، م.غ. ماسيتي روو،2012 ، تقرير البعثة الأثارية الفرنسية في قصر شمامك ، كردستان العراق ، الموسم الثاني للتنقيبات.
4- أوليفية روو، م.غ. ماسيتي روو، 2013 ، تقرير البعثة الأثارية الفرنسية في تل قصر شمامك ، أربيل، كردستان العراق ، الموسم الثالث للتنقيبات .
5- أوليفية روو، م.غ. ماسيتي روو، 2014 ، تقرير البعثة الأثارية الفرنسية في تل قصر شمامك ، أربيل كردستان العراق ، الموسم الرابع للتنقيبات .
6- أوليفية روو، م.غ. ماسيتي روو، د.جان ماكين، جيروم هاكيت، 2015، تقرير حول الموسم الدراسي الذي قامت به البعثة الآثارية الفرنسية في المتحف الحضاري في أربيل .
7- جمال بابان ، اصول اسماء المدن والمواقع العراقية ، مجلة سردم العربي ، السنة 6، العدد 22 خريف 2008 :37
8- زبير بلال اسماعيل ، أهم المواقع والمعالم الأثرية في أربيل ، مجلة الحكم الذاتي ، العدد1987،56: 24
9- زبير بلال اسماعيل ، آثار حضارية في شمامك وكنديناوة وقراج ، مجلة الحكم الذاتي ، العدد5 ، 1983
10- زبير بلال اسماعيل ، أربيل في أدوارها التأريخية ، النجف ، مطبعة النعمان ،1971 : 47
11- زبير بلال أسماعيل ، تأريخ أربيل ، أربيل ، مطبعة الثقافة ، 28:1999
12- طه باقر، فؤاد سفر، المرشد إلى مواطن الاثاروالحضارة ،الرحلة الخامسة ، بغداد، 1966: 7.
13- عامر عبدالله الجميلي ، الكاتب في بلاد الرافدين القديمة ، كلية الاداب ، جامعة الموصل ، 2001: 95،45
14- عبد الرزاق الحسني ـ العراق قديما وحديثا ـ مطبعة العرفان، صيدا، ١٩٥٨م: 239
15- عثمان غانم محمد ، الكتابات المسمارية على الآجر من الألف الأول ق.م (911 – 39ق.م)، رسالة
ماجستير غير منشورة، جامعة الموصل ، كلية الآداب ، 2003: 19،20،78،86
16- فرج بصمه جي ʼʼبحث في الفخارصناعته وانواعه في العراق القديم ʽʽ، سومر، مج4، بغداد، 1948 :15
17- قصي منصورعبدالكريم ، كتابة مسمارية على آجرة من زمن الملك شلمنصر الأول ، مجلة دراسات في التاريخ والاثار ، العدد 34، 2013 : 550-562.
18- م.غ. ماسيتي روو ، أوليفية روو، 2016 ، تقريرالبعثة الأثارية الفرنسية في تل قصر شمامك ، أربيل، كردستان العراق ، الموسم الخامس للتنقيبات .
19- م.غ. ماسيتي روو ، أوليفية روو، 2017 ، تقرير البعثة الأثارية الفرنسية في تل قصر شمامك ، أربيل ، كردستان العراق ، الموسم السادس للتنقيبات .
20- م.غ. ماسيتي روو ، أوليفية روو، د. عمر أحمد محمود، د. نرمين علي محمد أمين ، 2018 ،
النتائج الحديثة للتنقيبات الأثرية في موقع قصر شمامك ، الموسم السابع للتنقيبات.
21- م.غ. ماسيتي روو ، أوليفية روو، 2019 ، تقرير البعثة الأثارية الفرنسية في تل قصر شمامك ، أربيل ، كردستان العراق ، الموسم الثامن للتنقيبات .
22- م.غ. ماسيتي روو ، أوليفية روو، 2018، تقرير خاص بالمؤتمر الصحفي في متحف أربيل والمتعلق بموسم السابع 2018 للتنقيبات الأثرية للبعثة الآثارية الفرنسية في موقع قصر شمامك.
23- نائل حنون ، مدن قديمة ومواقع اثرية دراسة في الجغرافيا التاريخية للعراق الشمالي، الطبعة الأولى ،
244- 274 دار الزمان للطباعة و النشر و التوزيع ،2009 : 247،244.
24- نائل حنون ، أربيل ونينوى وكركوك ومدن آشورية ، بين النهرين ، ع91-92 ، الموصل 1995: 151-168.
25- نيكولاس بوستغيت ، حضارة العراق وآثاره؛ ترجمة سميرعبدالرحيم الجلبي ، دار المأمون للترجمة
والنشرـ بغداد، ط1، 1991: 107.
26- هاري ساكز ، ترجمة عامر سليمان ، قوة أشور، منشورات المجمع العلمي العراقي ، بغداد ،1999: 454،356
المصادرو المراجع الأجنبية :
1-Anastasioù S .2008, « La Missione Archeologica Italiana in Mesopotamia del 1933 e lo scavo di Kilizu (Qasr Shemamok, Iraq) : i materiali conservati a Firenze », Annuario della Scuola Archeologica Italiana di Atene LXXXIII (III, 5), Roma p. 555-592.
-2 Anastasioù S . 2011, « Assyrian Pottery Between the Middle- and Neo-Assyrian Periods: The Case of Qasr Shamamuk Kilizu », in Miglus P. A. & Mühl S. (eds), Between the Cultures: The Central Tigris Region from the 3rd to the 1st Millennium BC. Conference at Heidelberg, January 22nd – 24th, 2009, Heidelberger Studien Zum Alten Orient Band 14, Heidelberg, p. 343-355.
-3 Anastasioù S .2012, « Qasr Shamamuk: storia dello scavo e della collezione fiorentina », in Anastasio S., Conti G., Olivieri L. (eds.) La collezione orientale del Museo Archeologico di Firenze, Volume I. I materiali di Qasr Shamamuk, Roma, p. 5-70.3
4- Anastasioù S.2017, «The Italian Archaeological Expedition to Qasr shamamuk Kilizu, Iraq, 1933. Notes on the Ex cavation Finds at the Iraq Museum in Baghdad», Ash-sharq vol. 1, no. 2, pp. 275–286, Oct.
-5 Bakr Abdullah, « The pottery of Nuzi in the Erbil plain», Proceedings of the International Conference held in Erbil (7-10 April 2014) .Ancient Arbela – Pre-Islamic History of Erbil.
6-Ebeling, Erich, Meissner, Bruno, Weidner, Ernst Friedrich, von Soden, Wolfram, Edzard, Dietz Otto (eds.), 1980, Kilizu , « Reallexikon der Assyriologie und vorderasiatischen Archaeologie»: 6 Klagegesang – Libanon، Berlin – New York, p. 591-593.
-7 Furlani G. « KAKZU-QAṢR ŠEMĀMOK »,Giuseppe Furlani , Rivista degli studi orientali, Vol. 15, Fasc. 2/3 (Dicembre 1934), pp. 119-142 ,Published By: Sapienza – Universita di Roma. https://www.jstor.org/stable/41864549
8- Mahmoud D. «Qasr Shemamok/ Kilizu » Fachbereich Geschichts- und Kulturwissenschaften Altertumswissenschaften, Institut für Vorderasiatische Archäologie, MA Seminararbeit für Archäologische Hermeneutik, Archäologie in Irakisch-Kurdistan .
9- Masetti-Rouault M. G. «Late Bronze and Iron Age Levels from Qasr Shemamok. A First Evaluation of the Impact of the Assyrian Presence in the Region East of Calah», Proceedings of the 11th International Congress on the Archaeology of the Ancient Near East, p.253–264.
10- MASETTI-ROUAULT, M. G and ROUAULT, O., Mahmoud Omar
« LATE BRONZE AND IRON I – II LEVELS IN QASR SHEMAMOK». p346- 366, Proceedings of the of the 2nd International Scientific conference. Archaeology and Heritage of Hawler – Erbil May 8th & 9th, 2018 Erbil.
11- Poli Paola. & Calini I., French Archaeological Mission of Qasr Shemamok « Materials from the site of Qasr Shemamok (Erbil region) the last campaigns (2017-2018) » Proceedings of the 3rd International Scientific conference Archaeology and Heritage of Kurdistan April 29th & 30th, 2019 Erbil Archaeology Department – College of Arts Salahaddin University – Erbil, pp. 695 -711
12- Tomczyk J. ,2013,« Preliminary report on human remains from Qasr Shemamok (Erbil, Federal region of Iraqi Kurdystan) » : season 2012, Studia Ecologiae et Bioethicae 11/3, 173-178.
13-Ur, Jason, Nader Babakr, Rocco Palermo, Petra Creamer, Mehrnoush Soroush, Shilan Ramand, Karel Nováček «THE ERBIL PLAIN ARCHAEOLOGICAL SURVEY: PRELIMINARY RESULTS, 2012–2020 », IRAQ (2021) 83, p 205–243.
Video:
Jehan sherko
2022