حادثٌ عرَضيّ مؤسف

فراس حج محمد| فلسطين

سيبدو كحادثٍ عرَضيٍّ
عندما تزورين المدينة لإلقاء النظرة الأخيرة على جثتيَ المحنّطة
إيّاك أن نبكي كما فعلنا أوّل مرّة
واحذري من لفظة حبّ هاربة من بقايا الشعرْ
وتمرّدي بهدوء “المرض العضالِ” بأضلعي
ولا تلتقطي ليَ صورة
عند قارعة المساءِ بين الورد والأضواءِ
الصُّحبةِ العابرةْ
سيبدو كأمر تافه جدّاً لو شربنا كأس شايٍ
وتبادلنا ما تخمّر من دبيب أهدابِ القمرْ
لن تبعثي لي بعدها صورة صدرك الـ (كان) يرقص فيه طيران ملتهبان عند اللمسة الأولى ليدي الوحيدة إذ تلقفتِها خلال السير في الطرقاتْ
سيبدو الأمر عاديّاً لو جئتني عند الصباح على قلق القفولْ:
“الدرب بعيدة 
والنهار قصير 
والظرف لا يسمحْ
والكلّ يرقبني
فكنْ على حذَرٍ، ولا تجلسْ إليَّ دون مسافة معقولة؛ 
ياردتين باردتين بل أكثر
ولا تنبش قبور القلب”
سيبدو الأمر عاديّاً طبيعيّاً كحادثٍ عرَضيٍّ 
وكلّ شيء سيزول بعد الصدمة الأولى/ الأخيرةْ
سيبدو الأمر عاديّاً والملامح ساكنةٌ، محايدةٌ 
والقلب عاديٌّ 
ولا يتوقّع المفاجأة التي كانت هناك تنتظر اللقاءْ
والعينان ساجيتان كموجٍ متعبٍ من حمله البائسْ
والقلبُ منقوعٌ بحزنٍ قاطعٍ متخمْ
تبدو المدينة يائسةً 
مسافرة بلا شيءٍ من الذكرى
وتنام نومتها الأخيرةَ جامعة الهواجس في كلّ ليل بعدما تأتين ثاكلة الحنينْ
ومشبعة الخطا المعوجّة الحركاتِ
كأنّ شيئاً لم يكنْ
أيلول 2022

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…