من الديوان الجديد «قصائدُ فاطمة» يا المرأةُ الضوءُ

فراس حج محمد| فلسطين

حاذري فيّ قليلاً قليلاً وتسلّلي برفقٍ إليَّ
وتشرّبي جسدي المعتم كي يراكِ
لا تفرّي مثل شمس هاربةْ
واستوطني لغتي وأرضي
واستبيحي كلّ شيءٍ في دمائي
حاذري كلّ قصيدةِ حبّ لا أقول بها: “أحبّكِ” 
وحاذري النيل المتكسّر في ضلوعي 
صاغ من ولهي ضَياعي
أو مثل أشتاتي بقافية اقتلاعي
أو مثل أغنية السرابِ أو الصراعِ
يبكي عليّ النهرُ نهراً معْ مصابيح الشراعِ
يا امرأة الضوء احذريني 
وتمدّدي فيّ دخولاً عنيفاً 
واستلذّي فيّ مثل عرجون النخيلِ
واقطفيني على تلك المساحة مرّتينِ
كأنّني فيك معي على الليلِ الطويلِ
تضيء فيّ، فيكِ، رائحةُ الدليلِ 
كلّ شيء أنتِ لي
كلّ حلم أنت فيهْ
كلّما هلّ شعاع من جنون أرتضيهْ
كلّ قَطْر باح في الدنيا اسمعيهْ
هو قطرة الدفَق المولّهِ فاحتويهْ
يا المرأة الضوء المسافر في اغتنامي حدّديهْ
لملميني 
فاكتنازي مثل ضوئك شاسعٌ مثل الرياحْ
واستقبليني موجة ولهى
تردّ الضوءَ في مدّ البراحْ
تعيد بوحكِ كلّما شرب الصباحُ من فيروزه لحن الصباحْ
يا المرأة الضوء 
مذاق الأشعة أنتِ
وابتهالات الألقْ
برّحيني باشياقي 
يا اكتمالات الومقْ
لستُ إلّا بعضَ خيطٍ 
أمطريني بالودقْ
همي مثل لوني، مثل برقي، مثل أنفاسِ الشفقْ 
حرارة نشوى تذيب العتمة الأخرى 
يا المرأة الضوء 
حرّريني في شعاعٍ منطلقْ
نحوكِ الكليّ كيما أنطلقْ
واتّصلي بمائي الحيِّ حتّى يُسرّ الكونُ
يبتسمَ الحبقْ
يا المرأة الضوء 
لن أحاذر بعدها شيئاً 
ألا يكفي جنوني كلّ ليلي في القلقْ؟
يا المرأة الضوءُ، هل تحبّ الضوءَ ذاتُه؟
هل تحبّ الذاتَ ذاتُهْ؟
كم ستلقى في المرايا ذاتنا، فتذوبُ ذاتُه؟
وعلت شفير الموجِ ذاتُه
 والبحر ذاتُ البحر ذاتُه
هل يفصل الذاتَ عن كلّ ذات الذات في الضوء ذاتُه؟
لا تبرحيني
وامكثي فيّ ضياء سرمديّاً
يا المرأة الضوء 
يكفيني التماعكِ كلّ حينِ
كي لا أعود كما بدأت أبحث عن حنيني
فارتحالي كاملٌ
واليوم فاض بي بعض أنيني 
فاعذريني… واعذريني…. 
ألفُ ألفٍ… فاعذريني…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد جميل محمد

في وظيفة اللغة والكلام

لا تخلو أيُّ لغةٍ إنسانيةٍ من خاصّيةِ المرونةِ التي تجعلها قابلةً للاستخدام ضمن جماعةٍ لغوية كبيرة أو صغيرة، وهي خاصيّة تعكِس طواعيةَ اللغةِ، وقدرتَها على التفاعل مع المستجدات، بصورة تؤهّلها لأن تُستخدم في عملية إنتاج الكلام بيسر وسهولة، متوسِّلةً عدداً من الطرائق التي تَـزيدُ اللغة غِنىً وثراءً، ويمكن أن تتمثل…

عصمت شاهين الدوسكي

 

لَنْ أعُود إلَيك

لو رُوحِي بَينَ يَدَيك

لَنْ أعُودَ إلَيك

إنْ بَكَيتُ العُمر عَليك

كُنْتَ في المَاضِي شَهْداً

وَالأمَل فِيكَ رَغْداً

وَالآنَ كًلُ الألوان لَدَيك

أمْضَيتَ بَين الشِفَاه رِيقاً

كَأنَ رِيقَكَ عَقِيماَ فِيك

****

لَنْ أعًود إليك

لَو مَرْهُون فِيْك الأمَل

لَنْ أعود إليك

لَو حَياتِي فِيكَ عَسَل

الفَرقُ كَبيرٌ

بَيَنَ الوادِي والجَبَل

شَتانَ بَينَ الحب وَالظِل

****

لَنْ أعود إليك

أنْ عُدْتَ مَعَ الأحْلام

وَإنْ كَانَتِ الأحْلام رَهْن الكَلام

لَنْ أتَوَسَل مِنْكَ أنْ…

إبراهيم أمين مؤمن

ثماني سنوات مضت، تحوّلت خلالها الرحلة إلى صراعٍ صامتٍ بين الإنسان والفضاء. في أعماق اللاشيء، كان جاك يحدّق في اتساع الكون أمامه، حيث قطع حتى الآن 80% من المسافة نحو هدفه المستحيل: الثقب الأسود.

الشراع، ذاك الهيكل المعدني العائم، يمضي في طريقه بثبات، موجّهًا بحساباتٍ دقيقة من مختبر الدفع النفاث، حيث يجلس العلماء خلف…

غريب ملا زلال

عمران يونس، حكاية تشكيلية لا تنتهي، نسمعها بصريًا دون أن يراوغنا بمنطق اعتيادي. حكاية نتابعها بشغف “شهريار” لـ”شهرزاد”، وهي تسرد حكايتها كل ليلة. ولكن هنا، مع يونس، نحن أمام مدىً للعمق الإنساني الموجع حتى نقيّ الروح. لذلك، نجد مفردات الموت، الوحش، القتل، اللاإنسان، الخراب، القساوة، الجماجم، والقبور تفرض ذاتها في…