ساسة التجويع

 أحمد مرعان

كان صغيري في المهدِ يصرَخ 
أسكتّهُ ، لم يَرضخ 
حَملتُه على صدري ، فلم يبرح 
أرضعتُهُ ، استكان وأغمضَ عينيه 
يحلم كطائرٍ 
يروحُ بَطانا ، ويغدو خَماصا
ما أشبه اليوم بالأمسِ 
والغد أتوقعه الأسوأ !!
غريزةُ الجوعِ منا دوما قد تفلح !!
ما لي أرى الساسةَ 
يبحثون عن فتحِ الجروحِ حتى تتقيّح 
يمتلكونَ كل أنواعِ الضمادِ
رغم هذا يتباهَون ..يتنافسونَ 
من يضعُ للجرحِ الملح أكثر 
يغرزونَ سكاكينهم في الصدورِ 
ويتظاهرونَ بالبراءةِ !!
قد أفلحَ الطاغونَ 
من كانت طعنته أعمقُ وأجدر 
كل الحوانيتِ
 غلتْ بأسعارِها 
إلا حانوتَ أبي قد أقفل 
كي لا يغورَ بالعوزِ أكثر !!
ما كنتُ أبغي من بقايا الذُلِ العذول 
إلا الصدقَ !!
تقنّعوا بوشاحِ الملوكِ 
ترصّعوا بزخرفِ الحُلَّي تزيُّناً
يُساومونَ على أكتافِ من تيقَّنوا
بأنَّ جِنانَ الدنيا ستدنو من قاماتهم
فيستلهِمون !!
فما لَبِثتْ أحلامُ الغافلينَ 
حتى تمكن الساسةُ 
ونهلوا من كاساتِ النديمِ 
حتى الثمالةَ
نخبةٌ على ضحاياهم 
فاستمالوا بسكرتهم يمنةً ويسرة 
يفتخرونَ بالكذبِ وبالدّجالةِ !!
استفاقَ صغيري من غفوتهِ 
يمدُ يديهِ إلى صدرٍ حنونٍ يحتويهِ
يحتَلبهُ !!
الصدورُ بدت خاويةً 
من جوعٍ ومن عطشِ
لا تستحلبُ قطرةٍ 
من هياكلِ عظمٍ حانيةَ !!
تداعتْ علينا أمةٌ ، بل أممٌ
فما وجدنا في وعائنا 
إلا الغُثاءَ والحسرةَ والندم !!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي

ما عرفتك

بعدما رجعت من الحفلة منهكاً، وخلعت ملابسي كمن يتخلص من تهمة، فقد كان جسدي يئن تحت وطأة الرسميات.. وقبل أن أقفل التلفون وأذهب إلى فراشي، رن جرس الهاتف، نظرت فإذا هي صديقة قديمة لم أرها منذ مجيء حفيدها الأول قبل عشر سنوات..

تذكرت بشرتها الحنطية بلون حقول الجزيرة، وعينيها البنيتين كقهوة الصباح…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

 

يُعْتَبَرُ الكاتبُ المِصْري نجيب محفوظ ( 1911 _ 2006 / نوبل 1988 ) أعظمَ روائي في الأدبِ العربي على الإطلاقِ . تُعَدُّ أعمالهُ سِجِلًّا حَيًّا للتَّحَوُّلات الاجتماعية في مِصْر .

كَتَبَ في فَترةِ التَّحَوُّلاتِ السِّياسية والاجتماعية العَميقة في المُجتمعِ المِصْرِيِّ ، مِنَ الاحتلالِ البريطاني إلى ثَورة…

شكل كتاب “الأسوار والكلمات- عن أدب باسم خندقجي” للكاتب فراس حج محمد، الصادر عام 2025، إطاراً نقدياً ومعرفياً شاملاً لأدب الكاتب الأسير الذي أمضى أكثر من عشرين عاماً خلف القضبان، ويُمثل هذا العمل محاولة للانتقال بدراسة أدب خندقجي من سياق التضامن السياسي والعاطفي إلى سياق التحليل الفني والفكري العميق، وقد خلص الكتاب إلى مجموعة من…

ديلان تمّي

 

أريدُ وردةً حيّةً،

تجعلُني أثملُ في ثوبي الربيعيِّ الأصفرِ،

تلملمُ بقايا أنوثتي المغبرَّةَ في جيبِ المسافاتْ،

وترقّعُ رقصتي الأحاديةَ بخطواتِها الثلاثِ إلى الخلف،

كأنّني بجعةٌ شقيّةٌ، تراقصُ وَهمَها أمامَ المرآة…

بلا خجلْ.

 

أريدُ وردةً حيّةً،

تُعيدُ لي إشراقةَ روحي،

وتطردُ الظلامَ عن ظلِّ وجهي، الذي انزلقَ منّي،

وانصبَّ في خيبةٍ ترفضُ الحياةْ.

 

أريدُها حمراءَ كالدمِ،

لا بنيّةً،

طريّةً،

أخافُ على يديّ إن داعبْتُها،

وعلى الياسمينِ من على كتفي…