ا . د . قاسم المندلاوي
الكاشيون الكورد او”الكاسيون” هم من الشعوب هندو- اوربية سكنوا جبال زاكروس ” منذ الالاف السنين قبل الميلاد وكانوا يعملون في الزراعة وتربية الخيول وكانوا متقدمين في العمران والفنون الصناعية وفي الكتابة والخط “طه باقر” مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ” بغداد 1973، وقد حكموا البابليين لقرون عديدة وحققوا نجاح كبيرفي بناء حضارة متطورة ومشرقة وامتازوا بالشجاعة وقوة بدنية وروح قتالية عالية، ولحبهم للحرية والاستقلال لم يصبروا عل تحكم الاشوريين بهم، ففي عام 1270 ق م تمكنوا من طردهم من بلادهم وتنصيب القائد الكاشي ” رام شوم اوسور” ملكا على بابل ” وامتد حدود امبراطوريتهم حتى سواحل البحر الابيض المتوسط،
وكان لهم علاقات سياسية وتجارية كبيرة مع فراعنة مصر، ففي خرائب ” تل العمارنة – مصر “عثر بين آثار الفراعنة على الكثيرمن الرسائل السياسية والتجارية باللغة المسمارية ” البابلية ” والهيروغلوفية ” المصرية ” المتبادلة بين ملوك الكاشيين مع ملوك مصر ” امنيوفيس – امنحوتب الثالث وامنحوت الرابع اواخناتون تتعلق بالمصاهرة بين البيتين المالكيين وتبادل الهدايا ” يرجع تاريخها الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وهي اليوم موجودة في المتحف المصري في القاهرة، وفي محافظة دهوك ” اقليم كوردستان ” عثر مؤخرا على قطعة اثرية فرعونية ترجع للفترة 1333 – 1324 ق م تدل على العلاقة الحضارية بين الكورد والمصريين الفراعنة ويؤكد المؤرخون بان خرائب ” عقرقوف ” الواقعة في غرب بغداد، هي بقاية مدينة كاشية وقد بناها احد ملوك الكاشيين عام 1410 ق م وقد وجد علماء الاثار في هذه المدينة على الكثير من الات ومخطوطات ترجع للحضارة الكاشية، وفي قرية ” حسن آوه ” قرب مدينة ” سنندج ” شرق كوردستان تم العثور على جثة ملك محنطة اثناء شق الطريق الى تلك القرية وكان يطوق جيد الجثة بحزام ذهبي اضافة الى العديد من المجوهرات والاحجار الثمينة عثرعليها في قبر الملك .. كما ان الاثار المكتشفة في ” تخت خان ” في ” ابدانان ” من صالات وقبور جماعية وجد فيها الرجال مدفونون بكامل اسلحتهم ومعداتهم والنساء مدفونات مع حللهن الثمينة كالقلادات والاساور والخواتم بالاضافة للمواد الغذائية والمشروبات وهي في اواني من الطين الخام المنقوش اواواني خزرفية ملونة بالوان مختلفة وعليها نقوش هندسية اوصور للحيوانات، ومن خلال ما جاء انفا عن الاكتشافات الاركيلوجية نجد اوجه التشابه بين الحضارة الكاشية الكوردية وحضارة مصر القديمة .. الكاشيون استخدموا الخيول قبل “2000 ق.م ” في جر العربات وفي ساحات المعارك والقتال وفي صيد الحيوانات البرية وفنون الالعاب والمبارزة ويؤكد المؤرخون بان الكاشيين هم اول شعب استعمل الخيول في الحروب وفي سحب العربات وحمل الاثقال وهم الذين ادخلوها الى بلاد ما بين النهرين، وكانوا يطلقون على الخيول اسم “الحمار الجبلي” وفي الحفريات والتنقيبات الاثرية التي اجريت في كهوف مضيقي “ميرملاس وهميان” وجد اثار يعود الى الالف الثاني قبل الميلاد يظهر بان الكاشيين كانوا يستفيدون من الخيول في الصيد ايضا واثناء الحفريات التي اجريت في مدينة ” سوسة ” تم العثور على اواني من المرمر الابيض منحوت عليها بعض الصور، كما عثر ايضا على مزهريات من الفخار والواح طينية مكتوبة عليها بعض الحروف ويقارن العالم الاثري “دومركان” هذه الاواني الطينية والحجرية المكتشفة في “سوسه” بمثيلتها في مصر ويعتقد بانها تعود في قدمتها الى ” 8000 عام ق م … لقد استفاد الكاشين خلال حكمهم لبابل من الحضارة والكتابة البابلية كما اقاموا روابط سياسية وحسن الجوار مع اقوام ودول المجاورة لامبراطوريتهم وخاصة مع الفراعنة في مصر ومع الاثيوبين وغيرهم وقد استفادوا من المنابع الطبيعية والامكانات المادية والزراعية لبلادهم في تنشيط العلاقات التجارية والاقتصادية مع تلك الدول، ويذكر ” دياكونوف. م 1978 بيروت ” … الكاشيون كانوا ماهرين في الزراعة وتربية الحيوانات وصناعة الاواني والادوات الفخارية والاسلحة والالات المستخدمة في الصيد والحروب، ويؤكد العالم الامريكي ” روبرت جون بريدوود ” ان الزراعة وتطوير المحاصيل قد وجدتا في كوردستان منذ 12 الف سنة ومنها انتشرت في ميزوبوتاميا ثم الى غرب الاناضول والى الهضبة الايرانية السفلى والهند ثم وصلت الى شمال افريقيا واوربا .. ويضيف بريدوود قائلا ان كثيرا من المحاصيل التي نعرفها الان كالقمح والذرة والشعير ..الخ قد انطلقت من كوردستان ” ويستدل من الاثار المكتشفة في مصرعلى الارتباط القائم بين مدينة ” سوسة ” عاصمة الكورد الايلاميين وبلاد مصر الفرعونية، والكاشيون جلبوا معهم علم بناء الاهرام لانهم كانوا سباقين الى بناء الاهرامات وهناك الاهرامات الكاشيين في موقع عقرقوف الاثري والذي يقع قرب مدينة بغداد … لقد عرف المصريون القدماء من خلال الكورد الهكسوس الذين انتقلوا الى مصر واستقروا بدلتا النيل الساحلية واتخذوا مدينة ” افاريس ” عاصمة لهم وحكموا مصر الفرعونية مابين 1750 – 1550 اي ما يقاررب من مئتي عام، على الكثير من الاسلحة الحربية مثل : سلاح القوس المركب، الخناجر المصنوعة من البرونز، السيوف القصيرة، العربات الحربية وابتكارات حربية اخرى فضلا عن طرق جديدة لري المحاصيل والزراعة وابتكارات في صنع عجلات الفخار والخزف واستحداث انواع جديدة من السراميك العالي الجودة وعثر لهم آثار كثيرة تحمل اسماءهم في اماكن عديدة من مصر ومن بينها تماثيل واحجار منقوشة وبعض آثار اخرى مثل الخنجر المصنوع من البرونز ” بيار روباري ” حكم الكرد لمصر في عهودها الثلاثة دام 428 عاما – العهد الفرعوني والاسلامي – الحديث 9 /9 / 2021 صوت كوردستان ” وبذلك ترك الهكسوس آثار حربية وزراعية وصناعية ودينية وعربات حربية للقتال ولاغرض الصيد مع الكلاب، ويؤكد كثير من علماء التاريخ والاثار المصريين بان حضارة مصر القديمة في عهد السلالة الفرعونية الاثنى عشر الاولى نشاة بفضل المهاجرين السومريين من ميزوبوتاميا ومن خلال المشاركة الفعالة في الحضارة المصرية من لدن الهكسوس والكورد الميتانيين وادخالهم عربات الحربية لمصر التي تجرها الخيول وانواع من الاسلحة واساليب حديثة في الري وانواع من المزروعات التي لم يكن يعرفونها المصريين القدماء من قبل وكانت هناك علاقات تجارية فالمصريون القدماء عرف عربات الخيول والاسلحة البرونزية من الهكسوس الكورد ” بيار روباري – نفس المصدر السابق ” لقد اهتم قدماء مصر بالاعداد البدني والقتالي، ويظهر ذلك جليا من خلال الاكتشافات الاثرية التي عثر عليها المنقبون في مقابر ومعابد ” بني حسن، ووادي الملوك، وادفو، وسقارة في تل العمارنة ” حيث عثر على الكثير من الادوات والنقود والرسوم والصور جميعها تدل بوضوح على اهتمام الفراعنة بالاعداد البدني والقتالي والرياضي وكان المصري ينشأ باسلوب يتميز بالنشاط البدني المتعدد وكان يتدرب على استعمال مختلف اسلحة الحرب كالقوس والنشاب والحربة والبلطة الحربية والصولجان والمقالع والدروع وغيرها، وكان يمارس ابضا تمارين بدنية لغرض اكتساب اللياقة الجسدية وقد احتوى البرامج على المشي العسكري والجري والمصارعة والوثب والقفز والرمي فضلا عن صيد الحيوانات البرية والسمك والتدريب على الجري والوثب على شكل منافسات كما هو واضح من الرسوم والنقوش التي عثر عليها في جدار مقبرة ” ماحوتي ” في ” تل العمارنه ” وقد فرض على اولاد الملوك والامراء الجري لمسافة ” ميلين ” تقريبا قبل تناول طعام الفطور، وهناك ادلة واضحة تشير الى ان الملك ” زوس ” كان يجري في عيد ملكة الثلاثين ليثبت للشعب بانه يتمتع بلياقة بدنية عالية، وانه مازال قادر على الحكم رغم كبر سنه ” 70 سنه ” .. وفي ” سقارة ” في قبر ” بتاح حتبا ” عثر على وثيقة تشرح فيها طريقة الوثب العالي في تلك العصور الغابرة، وكان التدريب على رمي الرماح والحراب من التمارين الاساسية حيث كانوا يرمون رماحهم القصيرة على دوائر مرسومة على قطعة مستطيلة من الخشب، وكان الرمح يستخدم ايضا في صيد الحيوانات البرية مما دفعهم الى ممارسة التدريب عليه بقصد دقة التصويب والرمي لمسافات بعيدة . ان قدماء مصر اهتموا ايضا بالمصارعة ووضعوا لها اسس وقواعد قبل 4000 عام ق .م كما تدل نقوشهم الاثرية وعنهم اخذها الاغريق واقاموا لاجلها الشعائر والابيات الشعرية وجعلوها جزءا لا يتجزء من مهرجانات العابهم الاولمبية .. من جانب اخر اهتم قدماء المصريين ايضا بالتربية الخلقية، وخصصوا ساعات لتدريسها ضمن التربية البدنية .
المصادر والمراجع
1 – طه باقر ” مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ” 1973 بغداد 2 – محمد امين زكي ” تاريخ كرد وكردستان ” بغداد 1961 3 – ارنولد توني ” تاريخ البشرية ” الجزء الاول ترجمة نيقولا زيادة 1988 بيروت 4 – احمد محمود خليل ” تاريخ اسلاف الكرد ” 2013 اربيل 5 – نيقولا جريمال ” تاريخ مصر القديم ” ترجمة ماهر جويجاتي 1991 القاهرة 6 – صلوات كرلياموف ” الكرد من اقدم الشعوب ” ترجمة اسماعيل حصاف الطبعة الاولى 2011 هولير 7 – جيمس ميلارت ” اقدم الحضارات في الشرق الادنى ” 1990 دمشق 8 – احمد فخري ” مصر الفراعنة ” 2012 القاهرة 9 – جليل الفيلي ” اللور الكورد – الفيليون في الماضي والحاضر ” 1999 السويد . 10 – اصل الكاشيون – المرجع الالكتروني للمعلوماتية 2 / 12 / 2016 11 – وكيبيديا – الموسوعة الحرة . 12 – كوكل .