مقتطفات من مقالة الأديب كوني رش المنشورة في مجلة ديبلومات

محمد عكو/ المانيا

   كون بناء المقالة او اي دراسة مصغرة عن أي موضوع تتحكم فيها حجم المادة وعدد الكلمات من قبل دار النشر لذلك الكاتب في هذه الحالة يلاقي صعوبة كبيرة في بناء الكامل وإعطاء التشخيص التاريخي أو التحليلي عن المادة المراد تقليصها بما يتوافق مع حجم ومساحة المتاحة له من قبل دار النشر.. رغم ذلك، هذه المقالة أو هذه الدراسة المصغرة من قبل الكاتب (كوني رش)، تخطى هذه الإشكالية تماما بل العكس، تمكن من سرد مفاصل التاريخية والجغرافية وحتى اللغوية بشكل علمي ومهني مع نكهة لغوية كوردية سلسلة ومرنة.
 حيث يبدأ: الوجود التاريخي والمجتمعي في بدايات عامودا، كونها تعتبر ام المدن الكوردية التي تأسست قبيل نشوء المدن الكوردية الأخرى، وكيف كانت ملتقى وواحة الأمان والسلام لكل من لاق وذاق ظلم العثمانيين من الكورد والأرمن والسريان. وإنها كانت بوابة الوصول إلى بر الأمان وكيف كانت الصراع بين المذاهب الفقهية (الحنفية والشافعية)، وايضا دور الشيخ عبيد الله الهيزاني عام 1915، في وأد الفتنة وإيقاف الفرمان بحق المسيحين. وكذلك إبداع الشاعر الكبير جكرخوين في عام 1932، وإلقاء قصيدته الرائعة وهو يمشي في حواري وشوارع عامودا.. وقدوم جلادت بدرخان إلى عامودا قبيل إصدار مجلة Hawar عام 1932. ومبادرة تأسيس اول جمعية كوردية ثقافية في عامودا من قبل الشاعر جكرخوين عام 1937، ومنع من قبل الفرنسيين. ومن ثم الومضة التاريخية حول (طوشا عامودي عام 1937)، بزعامة سعيد آغا دقوري وقصف عامودا من قبل الطيران الفرنسي.. ومن ثم يتطرق إلى الوضع الكوردي بعد الاستقلال عام 1946م، وبدايات الفكر القومي العربي العروبي في محو الشخصية القومية الكوردية السورية، من قبل عناصر المكتب الثاني!! ويتطرق إلى بناء أول تنظيم سياسي كوردي في سورية عام 1957 م، ومن ثم الفترة الزمنية الممتدة بين عام 1958م حتى بدايات عام 1961، زمن حكم العقلية الشوفينية العربية القومية أيام الوحدة بين مصر وسوريا !! وخاصة بعد زيارة جمال عبد الناصر مع عبد الحميد السراج الى القامشلو يوم 12/2/1960م. ودور رئيس مكتب الثاني في مدينة قامشلو المدعو (حكمت أميني)، وخنق الأصوات وكل ما يمس الوجود الكوردي في سوريا.
   ومن ثم التطرق الى حريق سينما عامودا يوم 13/11/1960م،  وتسليط الضوء التاريخي والمعرفي حول حادثة ومجزرة اطفال عامودا.. وكيف كانت أول تظاهرة في أربعينه شهداء اطفال عامودا عام 1960، حيث تجمهر الأهالي في مدرسة الغزالي ومنها إلى مقبرة عامودا وترديد شعارات مناهضة لحكومة الوحدة، حيث تم اعتقال بعض الأهالي. وايضا التظاهرة الثانية في ذكرى السنوية الأولى لحريق سينما عامودا عام 1961م، وتجمهر المئات من الأهالي والوافدين من القرى المتاخمة لمدينة عامودا، مرددين شعارات مناهضة لحكومة الوحدة ومطالبين بكشف الأسرار الغامضة حول مجزرة السينما. حيث تجمع الأهالي أمام جامع الكبير، ومنها إلى القبور.. وربما كانت أولى الشعارات السياسية (تعيش الاخوة العربية الكوردية و..)، ومن ثم الزيارة التاريخية في يوم 28/12/1961م، لممثل الحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا الدكتور نورالدين زازا من أجل دعاية انتخابية لأجل الانتخابات النيابية عن دائرة محافظة الحسكة، والاستقبال الجماهيري من قبل أهالي عامودا له..  حيث تم رفع سيارة دكتور نورالدين زازا على أكتاف أهالي مدينة عامودا ترحيبا به و بفكره القومي الكوردي في سوريا.. ومن ثم تطبيق مشروع العنصري من قبل محمد طلب هلال في يوم 5/10/1962م، الإحصاء، ومن ثم الحزام العربي بحق الشعب الكوردي في سوريا.
   وفي الختام يتطرق الكاتب إلى الموت الغامض للفنان الشعبي (يوسف جلبي) مؤلف اغنية (زعيم سلو)، في احدى الحفلات الخاصة ومن ثم إلقاء جثته أمام داره، يوم 7/5/1962م.. 
   في ختام هذه الأسطر؛ أبدع الكاتب كوني رش متبعا طريقة الصعود الزمني نحو الأفق المعرفي بأسلوب سلسل وبسيط.. إنها مقطوعة موسيقية متناسقة في كافة مقامات التاريخي المتسلسل بأسلوب مكثف وشيق.
المانيا 28/12/2022

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…