دموع الملائكة أو السعادة المطلقة ( الخليط الساحر من الحكايات السوريالية والشعر والحكم والنفحات الصوفية والشذرات المصفاة وتسبيحات الحب والحكم والأمثال)

محمد نور الحسيني 

قبل أن أتحدث عن الكتاب، أتحدث عن طبائع صاحبه وجلها جميلة رقيقة ودمثة!فعدا عن زهده وعفويته وحبه للطبيعة وتفاصيلها الدقيقة؛تدهشني  ثقته بالحرف والكتاب وتدوين مايمليه عليه العقل والقلب من خطرات وحرصه على توصيل ذلك إلى من يتوسم فيهم من عشاق الكتابة والكتاب ولربما وجدني أحدهم فأهداني كتابه الثاني للعام الثاني على التوالي وذا موضع تقدير ومحبة فائقين؛ ليس لأني من هواة جمع الكتب! بل لأنه ربما يعدني ممن دأب على رفع راية الكتاب قبل أية راية أخرى وإيثار صحبته على أية صحبة أخرى؛ فكل كتاب غنيمة حقيقية لاأقصدامتلاكه بل تذوقه ومحاولة اقتناء مافيه من هوى ونسائم روحية ومصافحات وجدانية ثرة وذا من فيوضات عبدالرحمن عفيف المتدفقة في ثنايا وبواطن كتابه الفريد الجديد (كتاب دموع الملائكة أو السعادة المطلقة) الذي شدني من ألفه إلى يائه وأصغيت إليه كما يصغي الصديق إلى الصديق فبيننا وشائج الحرف وقدسيته قبل أية وشيجة 
وكان هذا الإصغاء ممتعًا غاية الإمتاع حتى أوشك أن يشارف على السعادة المطلقة لولا دموع  الملائكة التي بها ومن خلالها يحيك عبدالرحمن أجزاء كتابه الذي أوشك أن يناهز ال٣٠٠ صفحة دون أن يخالجني ملل من المتابعة ولو أنه جاء بمثل هذه الصفحة مددًا لقرأتها بمتعة وابتهاج واكتشافات لاتنتهي جلها من بديع ذاكرة المبدع الذي يذهلك بتذكر أدق تفاصيل  عن ذكريات يعيد إحياءها نضرة مزيلًا عنها غبار أصياف ووحول شتاءات من  الشمال الشرقي الكردي السوري بين عامودا وقامشلي خاصة وأحيانا الحسكة وأبعد إلى حلب وفي هذه الجغرافيا الصلدة الشظفة القاسية غالبًا ما ينتصر الكاتب للهشاشة وللرقة والجمال؛ لابثا بحب عند محطات ومواقف وأشخاص عديديين متفحصًا كل ذلك بذكاء وجيشان وفطنة المتصوفين وعذوبة اجتراحاتهم وتحليلاتهم المتسامية لا بمعنى الهروب من الوقائع لكن بتصعيدها وتصفية ما علق بها من أوضار التباغض والتنافس اللئيم والتزاحم الفظ عند ذوي الفكر المتخشب! ورغم أن كثيرًا مماورد في الكتاب البديع نسبه الكاتب إلى عماد الحسن الذي كان أحد الهائمين بالشعر والكتاب وصديقًا حميمًا للكاتب من قرية بريفا إلا أن عمادًا في الحقيقة ليس سوى عماد يسند سقف النص بين فينة وأخرى إذ سرعان ما يتحرر منه المؤلف منطلقًا من بريفا الى آشيعلاوي أو معسكر ثانوية المعري شرقي عامودا أو عبر باصات الجمعية التعاونية متسكعا في شوارع قامشلي وإذا انتابته خيبات عشقية عاطفية من رؤية المحبوب فلابأس بتل شرمولا حقيقة أوعبق أشجار الزيزفون على درب المقبرة أو استدعاء تل موزا خيالًا مجنحًا؛ مثل هذا الكتاب الخلاب يأخذ بلبي ومجامع قلبي لأسباب عديدة لعل من أبرزها هذا الخليط الساحر من الحكايات السوريالية والشعر والحكم والنفحات الصوفية والشذرات المصفاة وتسبيحات الحب والحكم والأمثال؛مضافًا إلى ذلك جل الأشخاص الذين نعرفهم ونكن لهم الوداد وكذلك الأماكن التي مابرحت تلاحقنا في المهاجر والمغتربات.
وكي لا أميط اللثام عن كل مشاعري الحارة وهي جمة وغزيرة المحبة تجاه  هذا الكتاب الأثيري الروحاني سأختم بتحية هذا المبدع المثابر الجميل وأقول له مرحى يا عبدالرحمن! فقد مسست شغاف القلب بقوة وشكرًا لكل البهجة التي وهبتنا! وما انتابنا فهو كثير كثير من شآبيب السعادة المطلقة حتى ولو بمباركة من دموع ملائكة حرى! 
مرحى من القلب!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تقرير صحفي: شهدت جامعة النجاح الوطنية يوم الخميس الموافق 20/11/2025 إنجازاً أكاديمياً لافتاً، تمثل في مناقشة رسالة الماجستير المقدمة من الطالبة رجاء رشيد محمود الحلبي في برنامج اللغة العربية وآدابها، جاءت الرسالة تحت عنوان: “روايتا “الحاجز” و”حب في منطقة الظل” للكاتب عزمي بشارة دراسة تحليلية في المضمون والفن”، وقد أعلنت اللجنة نجاح الطالبة وحصولها على…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

 

يَا لَيْلُ

أنَاجِي الرُّوحَ وَهِيَ بَعِيدَةٌ

تَلْهُو فِي صَمْتِي الْمَجْرُوحِ

آهٍ يَا لَيْلُ

صَمْتِي كَحَرِيقٍ فِي صَدْرِي

وَجُدْرَانُهُ تَكْتُمُ قَدَرِي

آهٍ يَا لَيْلُ نَوَافِذُ مُغْلَقَةٌ

وَأَبْوَابٌ صَامِتَةٌ

كَتِمْثَالٍ جَمِيلٍ

أُنَادِي وَكَأَنَّ السَّمَاءَ تَسْمَعُ صَوْتِي

وَلَا أَهْجُو أَحَدًا

بَلْ أَهْجُو كُلَّ النِّدَاءَاتِ

يَا لَيْلُ كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الظَّلَامُ

كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الْخِصَامُ

كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الْحُسَامُ

الَّذِي يَقْطَعُ شَرَايِينِي

يَا لَيْلُ لَا أُعَزِّيكَ

وَلَا أَثْرِي بِكَ

وَلَا أُعَزِّي إِلَّا نَفْسِي

مُرَادُكَ…

عبدالجابر حبيب

 

خارطة

جلبوا الأطلس؛ دليل إثبات وجودهم على أرضهم، بحثوا عن دولتهم التائهة في عمق الجغرافيا، احتد النقاش بينهم، اختلفوا حول التفاصيل الدقيقة، اشتد الصراع بينهم حول الكرسي،

 

حسرة

بعدما عثروا على جذورهم الراسخة في دهاليز التاريخ،

أخبروهم أن الشرق الأوسط الجديد لا يضم سوى الأسماء الموجودة سابقاً على خريطة العالم

 

إنسانية

كتب المؤرخ: الحفاظ على الكائنات المهددة بالزوال….

خالد حسو

… في حياتنا اليومية، نصادف أناسًا يطغى صوتهم على كل حديث، وكأنهم يخوضون سباقًا للكلمات، حيث لا يتركون مساحة للآخرين للمشاركة، ولا يمنحون أي مجال للحوار الحقيقي أن يتنفس. يقفزون من فكرة إلى أخرى، ومن موضوع إلى آخر، دون أن يتمهلوا لإغلاق ملف، أو الاستماع بإنصات إلى رأي يخالفهم …

تكمن المشكلة هنا…