شاعرُ غده، أي ملا أحمد بالو، وكتاب «شهنامه الكرد: اجتماع الخالدين»

 إبراهيم محمود
ماذا يعني أن تكتب عن أديب وشاعر كُردي أمِن على مستقبله، قبل رحيله الأبدي سنة ” 1991 ” وانتظر ثلث قرن، نعم : ثلث قرن، ليشار إليه بهذه الصفة؟ ليتنفس طوع حياة أخرى !
سبب لافت، يوضح هذا التأخير، لأن ليس للشّعر كقيمة من ميزان معلوم، وفي الكردية، على وجه التحديد، يلحق به، أو يوازيه سببٌ ثان، إلى طُرُق تصريف الكردية: من الأكثر تميزاً بها، وهذه لها صلة بما هو ساري المفعول سياسياً، وثالث، لا ينفصل عن توأميْه، وهو اجتماعي.
ضحية مركَّبة، هو الأديب والشاعر الكردي ملا أحمد بالو ” 1920-1991 “. وحين أكتب عنه وفق هذا التصور، فلأن أسباباً ثلاثة، وهي رئيسة تفاعلت مع بعضها بعضاً، وأبقته طي مجهول تاريخ ما كان له أن يضيَّق الخناق عليه هكذا، سوى أن لعبة الأسماء وتزكية اسم دون آخر ليكون له الحضور على حساب غياب أو تغييب آخرين، ما كان يجب الدفع بهم خلفاً، إلا تعبيراً عن هذا الذي يرينا أكثر من تفسير من التاريخ عن التاريخ الكردي في تضعضعه. وللشعر شهادته هنا.
وملا أحمد بالو الكردي، لا يحتاج لأن يقول شهادته. إنه نفسه شهادة بصفته الأديب الشاعر، وهو ما يسهل تبيّنه عند قراءته. وللأسف الشديد، فإنه من أصل تسعة مؤلفات له، كما هي معلومة، ليس هناك سوى اثنين أبصرا النور، وبذلك تكون الشهادة هذه جارحة، من قبل ما صدر باسمه، وما يفصح عن نوعية هذا الجرح. جرح الجسد الكردي الذي يضعنا في مواجهة هذا الغياب الطويل، الطويل جداً، بمقياس التشديد على وجوب تناول ما هو مسطور كردياً، أي ثلث قرن، كما نوَّهت،  لتصبح المأساة مضاعفة: مأساة دالة على التجاهل الذي أحيطَ به في حياته، والظلم الذي تعرَّض له، وإلى الآن بعد وفاته، وهي مأساة ستسمّي أديبها وشاعرها باقتدار هنا مجدداً.
ولعل الذي تفتحت باسمه قريحتُه ذات النشأة الكردية، هو كتابه الجامع بين لغة الشعر الناطقة باسمه، والسرد التاريخي، في منحى تاريخي، اجتماعي، سياسي، وبالكردية:
Mela Ehmedê Palo: Şahnameya kurdan  Civîna nemiran
Amadekar: Mehmet Yildirim çakar – Rêzan Palo-Veysel Başçî- Yakup Aykaç- Nûbihar-Istanbul- çapa yekem: 2022.
أي:
ملا أحمد بالو: شهنامه الكرد: اجتماع الخالدين- إعداد: محمد يلدِرِم جاكار-ريزان بالو- فيصل باشجي- يعقوب آيكاج، منشورات نوبهار- ستانبول، طبعة أولى 2022.
ويقع في 768 صفحة من القطع الوسط والصغير معاً.
هذا الكتاب أعتبره حدثاً، من خلال طريقة عرْضه لفكرته، وهذا الحضور المتنوع لما هو كردي، ليتشكل مجتمعٌ تاريخي، ملحمي، حكائي، مركَّب، وكما أسلس في نسجه خيالُ بالو، وفي عهده، وفي مثل وضعه، دون نسيان نوعية الثقافة القائمة أو المتداولة، والرقابة السياسية لنظام لا يخفي عنفه في مواجهة مواقف وكتابات كهذه، وتحديداً، حين تصبح الكتابة، وباللغة الكردية الأم نوعاً من المقاومة، وتأكيداً على الاستمرارية، حيث إن الماضي يكون داخلاً شاهدَ عيان، من الذاكرة الحية، في إبراز الكرد شعباً، وتاريخاً، وجغرافية وثقافة بالمقابل.
ويكون بناء هذا الصرح الأدبي بطابعه الشعري، تعبيراً عن روح تتمرد على واقعها، وعلى سياسة التهميش الموجَّهة ضد الكرد، وفي الوقت نفسه، عما يجعل البؤس، بؤس شاعر بأساً، وفي هذه النقطة بالذات، ما يلفت النظر إلى فعْل القهر في النفس، وفي الذين يمارسونه ضد شخص أو جماعة، لينقلب مقاومة قولاً وفعلاً .
وإزاء عمل، ليس كأي عمل، في نطاقه الزماني- المكاني، لا بد من إقامة علاقة مع الأثر الشعري النفيس وكاتبه، وحتى الذين أجهدوا أنفسهم، ليكون في مستوى اسمه المعرَّف به: أي من أعدّوه، حيث إن الإعداد ليس أن ترتّب الموضوع، ليس أن تقدّم له، ليس أن تعمد إلى إخراجه كتاباً، ليس أن تكتب مقدمة عن شاعره، ليس أن تولي الشأن الكردي المفصلي في الأثر الشهنامي الكردي المَعْلم اهتماماً، فحسب، إنما هو كل ذلك، كل هذا الجمع وتجسير الفجوات، كما يستحق الموضوع،، وما يمكن أن يضاف، ويسهم بالمقابل، في إضاءة عالم الكتاب، ليمنحه عنصر التجلّي بمقامه، بعد كل هذه العقود من السنين، والتقديم لـ ” مجتمعه ” كما لو أنه حديث تماماً، أي ما يصل ما بين الأمس واليوم، ويمتد إلى الآتي، وهي العلامة الفارقة الكبرى لأدب في مستوى اسمه، أدب لا يكون إلا إذا عاش غدَه، وما يحافظ على فعاليته، ويمنحه حقه في الظهور اعتباراً ثقافياً، رغم قِدَمه النسبي.
ذلك يتطلب النظر فيه من جهات مختلفة، والحديث عن الجهات المختلفة، أبعد من كونه مجرد كتابة سطور، إنما المقصد هو الحفْر عميقاً في النص الأدبي: الشعري، ومعاينته، وكيف ينبض بروح شاعره، ليتسنى لقارئه معايشته كما لو أنه يعرّف بنفسه، بكامل جسده العنفواني، وليس هناك ما هو شبيه بالأدب، وفي الشعر، قبل غيره، أكثر من غيره، لعراقة نسَبه، وفي المنحى الفني، ما يكون مستعداً لأن يعطي المزيد المزيد مما يكوّن نسيجه الداخلي، وينوّع في معانيه، تجاوباً مع عنوانه بالذات، وما في ذلك من شعور قارئه بالتحدي الذي يحفّز قوى النفس المختلفة، شعوراً بمتعة خاصة: متعة معايشة الفن، لأن تنفتح لما هو داخل في نسيج نصه .
أربعة من المسكونين بهاجس الحرف الكردي، بنبضه الاجتماعي، بهاجسه التاريخي، بحراكه القومي، بمؤثراته السياسية، وجانبه الإبداعي، أربعة تشغلهم إلفة الكتابة وروح المسئولية  الكردية المحتوى فيها، يضمهم، بدورهم لقاء موحَّد، أعني ” اجتماع أربعة ” من أجل ” واحد ” أكثر من كونه واحداً، بالمفهوم الحسابي، ” واحد ” يُعَد فيما جاء به، ولو من خلال كتابه هذا” شهنامه الكرد ” مأثرة كردية في التوأمة التاريخية والأدبية كردياً، دون أن يكون لديهم تخصص مباشر يتمحور حول الأدب، وكلٌّ من جهة، وما في ذلك من تنامي الإحساس بالأثر:
محمد يلدِرِم جاكار، من ” وان ” في تخصصه الجامعي” الرياضيات “، وفيصل باشجي، من ” باتمان “، في تخصصه الجامعي ” اللغة والأدب الفارسيان “، ويعقوب آيكاج، من ” وان ” هو الآخر، في تخصصه الجامعي ” الرياضيات “، ونجل الشاعر والأديب الراحل : ريزان بالو، المحروم، رغم وضعه الاجتماعي المادي الصعب من نعمة التعليم، من مواليد قرية ” بَليه ” التابعة لناحية عامودا” 1963 ” وكونه المحروم من الجنسية، لا يستطيع متابعة تعليمه، فيهتم بأمور المعيشة، ومورد رزق له ” الحلاقة “، إلى جانب اهتماماته السياسية والأدبية، وهي الصنعة التي يستوجبها وضع الكردي ، عموماً، وتأكيد الذات ، على وجه الخصوص، ويجد طريقه كغيره إبان انفجار الأحداث في سوريا ” 2011 ” إلى الخروج ” ألمانيا ” مروراً بكردستان الشمالية، ويكون اهتمامه بوالده، على الصعيد الأدبي شاغله، كما هو الأثر المثمر في هذا الجهد، مع من أشرت إليهم. 
بالو، ملا أحمد بالو، لا يخفي منذ البداية، وكما هو مغزى عنوانه، شعورَه بتاريخ مستَلب، وتوقه إلى إنارته، ومن ثم إيقافه على قدميه، ومنحه قواماً على أتم ما يكون من الوضوح والعمق والرحابة، نزيل مخيال فضائي.
الشهنامه: كتاب الملِك، ملِك الكتاب، في التوصيف، ما يسترد اللقب الفعلي باعتباره كردياً وليس فارسياً.
الشهنامه تذكير بما هو كردي، وليس ما هو متداول، إثر ” شهنامه الفردوسي ” قبل أكثر من عشرة قرون.
ولا أدري، ما إذا كان أديبنا وشاعرنا بالو مطلعاً على خلفية شهنامه الفردوسي ومصادرها تلك التي استقاها في منابعها الفولكلورية وجغرافيتها من بيئة ثقافية كردية، حيث تابعتُ ذلك، وعلّقت عليه، من خلال المكتوب في هذا الشان، كما هو الوارد في مقال الباحث الكردي شهاب والي” نظرة عامة حول شهنامه الفردوسي، والشهنامه الكردية ” وبالكردية طبعاً، ضن كتاب: أدبيات الكرد الشعبية” التاريخ، النظرية، المنهج، الأدب…” إشراف: رمضان برتف، منشورات آفستا،ستانبول، 2015، صص275-296. وهو مبحث مهم جداً.
ذلك يضيف إلى مأثرة كتابة من هذه الناحية قيمة جمالية وأدبية وتاريخية تسجَّل باسم بالو.
كتاب ” شهنامه الكرد ” قبل بلوغ البدء بقراءته، هناك ستون صفحة، تتطلب اطلاعاً وقراءة بتروّ، ليكون هناك التأهيل النفسي، التاريخي، الثقافي الذي يمكّن قراءته، دون ذلك، تكون الفكرة غائمة، وأكثر، والمعنى لن يصل.
مثلاً، حين يفتتح معدّو الكتاب المقدمة، بالتالي:
( في المناخ السياسي للقرن العشرين، كان هناك مطلب القضية القومية الكردية- رغم الفرص القليلة- مترافقاً مع القتال والنضال، ضد النفي، الإنكار، الصهر القومي، والتنكّر للكرد، جرّاء التجزئة القائمة والمطبقة عليهم. في هذا القتال والنضال، في الأجزاء الخمسة لكردستان، كان المثقفون والمتنورون في المقدمة، بالطبع، كان هناك نسبة كبيرة من هؤلاء المثقفين والمتنورين شعراء وأدباء..ص 13 ).
طبعاً يكون بالو من بين هؤلاء تعبيراً عن هذا التجسيد الحي للموقف، وللذات الواعية بالمقابل. حين نعلم، مدى التقابل، والتعارض بين التعريف بالاسم في واقعه الاجتماعي والثقافي المعهود” من رتبة الملا ” الدينية، وفي الوسط الكردي، كما هو معلوم، والاسم الذي يتقدم بعلامته الفارقة القومية وليس الدينية: الإسلامية، هذه المرة، إذ ما كان يدرَك من التدين، ليس نضال الشعب، إنما الجهاد الديني، لهذا السبب، كان علماء الدين المدارس الدينية، كانوا قريبين من هذه المسألة وهم متمكنون منها، سوى أن المثقفين المستقلين، كانوا أكثر حيوية في النضال القومي..)، ليتضح لنا لاحقاً، وكما هو مكتوب أن ( ملا أحمد بالو، كان أحد أولئك العلماء وقد حمل هذه الجمرة” جمرة النضال القومي الكردي ” في راحة يده، حيث كان حامياً للقضية القومية الكردية ضد الأجهزة الدينية، بشكل معتدل.ص 14 ).
وهو ما يشكل تحدياً، لكل المعنيين بالقضية من قبل الآخذين بالدين معرّفاً بهم تفكيراً وتدبيراً، أكثر مما يميّزهم في الانتماء القومي، إلى الآن، مع فارق الشدة والتنوع والاختلاف في طبيعة المتغيرات وسياقاتها الاجتماعية، وفي الوقت نفسه تعبيراً عن تلك الهوية التي تتبلور في واعية الكردي سياسياً أو مثقفاً أو أديباً. وبالنسبة لبالو، يبدو أنه تبعاً للظروف الصعبة التي شهدها في حياته، كان التعبير المباشر عن الهوية مكلفاً والتصريح بها مغامرة، وفي وسط سياسي محكومة بالرقابة الأمنية والعنف، وهو ما يجب أخذه بالحسبان، عند قراءة كل ما يكتب أو يقال بلسان هذا الأديب أو الشاعر الكردي، وبلغته الأم وقتذاك، وحين نقرأ ( عاش ملا أحمد بالو في النصف الثاني من القرن العشرين، وفي ستينيات القرن العشرين وسبعينياته، كتب الكثير من الشعر الملحمي وبكثافة كذلك…)، وهناك ما يضفي على شخصيته كأديب وشاعر، ما يرتقي بمرتبته قومياً، بشفاعة ما عرِف به شاعراً ( مهما قيل عن أنه تربَّى في مدارس كلاسيكية كردية، إلا أنه لم يكن شاعراً من نوع حكواتي، متفقهاً، ولا شاعراً متصوفاً، حيث يكون كاتب أشعار دينية أو عشقية، بالعكس من ذلك، كان شاعراً من هذا النوع، وهو كان يحيط علماً بكل ما تقدم عادات وموروثات، إلى حد ما، سوى أنه في داخله وجِد إدراك عميق، ملحمي وبطولي. ص 15).
وليكون لهذا العمل موقعه الاعتباري جهة الاهتمام به، وهو اهتمام في محله، حيث إن ( هذا العمل الموسوم بـ شهنامه الكرد: اجتماع الخالدين، يشكّل العمل الأدبي الثاني لبالو بعد ” مسيرة كردستان وسيرتها Dewr û gera kurdisanê . هذا العمل النفيس ، هو في طبعته الأولى، بالحرف اللاتيني، وفي طبعة لائقة، يقدَّم للقراء..ص 15 ). 
وجرّاء التعبير عن أهمية هذا الكتاب، يكون الشعور بمتعة إخراجه ليبصر النور، وبتعبير من أعدّوه ( نحن، بنشْر عمل نافذ الأثر لشاعر  له أهميته الكبيرة سعداء جداً. وسعداء مجدداً، كونه بعد جهد طويل ومركَّز وفي تعاون مشترك ومثمر، قد نجا من ربقة جلد دفتر ” مخطوط ” بأوراقه القديمة  المهترئة..ص16 ) .
تلك نقطة في غاية الأهمية، تضعنا في مواجهة تلك المسئولية التاريخية، والصعبة، تجاه أعمال ، لا بد أنها كثيرة، ولها أهميتها بالنسبة لشعب لا يزال يرى تاريخه الفعلي ينتظر حضوره مطبوعاً ومقروءاً، وهو دفين مخطوطات لا تحسَد في وضعها، وفي مكانها، وتحمل من معالم الكردية المقاومة بغية البقاء الكثيرَ، أعني بذلك، ما يذكّر بقولة أحد الباحثين في هذا الشأن: إن موت كل شيخ مسن، كما لو أن مكتبة تحترق. فما الوقْع الموجع، إذا كان هذا المسن وفي مجتمع محكوم بالرقابة حتى على ذاكرته الجماعية، وفي ذاكرته المقاومة، يستقر تاريخ حافل بالمعاناة، وبتبعات الجغرافية الممزقة، وينتظر لحظة التعبير عن مكنونه خارجاً ؟!
إن ” تحرير ” ذاكرة جماعية ” لها خصوصيتها التاريخية والاجتماعية، والقومية في الواجهة، ليس بالأمر السهل طبعاً، حيث يتوازى مع أي عمل مسخَّر في خدمة تأكيد هوية الكردي أرضاً وسماء، بالصوت والصورة.
وحين أدرجتُ اسم ملا أحمد بالو في نطاق عنوان ” شاعر غده ” كان تأكيدي على مثل هذه الخاصية ذات الدمغة النضالية وأهليتها لأن ينظَر في أمرها، ويجري اقتفاء أثرها، حيث ذاكرته تمتد إلى غده المأمول، ويعنينا أيضاً بالتأكيد ..!
…يتبع 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…