مواقف حياتية مؤثرة

كلستان بشير الرسول   

اثناء مشاهدتي لموقف موثر في مسلسل تلفزيوني سوري باسم احلام كبيرة. كان الموقف المؤثر ذاك يتلخص في نشوب خلاف حاد بين اخين على الميراث، مما خلق بينهما خصام وصل الى حد القطيعة. 
بادر الاخ الأكبر، الذي انكر حق اخيه في الميراث لإزالة تلك القطيعة بينهما، والتي دامت لأكثر من عقد من الزمن، وذلك من خلال محاولاتة  المتكررة لزيارته له والاطمئنان عليه وقد ابدى له ندمه على ما فات. ألا أن الاخ الأصغر كان يرفض رفضا باتا مسامحته وقبول الصلح معه. وفي اخر محاولة له لإصلاح الوضع بينهما دخل فجأة الى مكان عمل اخيه ليضعه تحت الأمر الواقع. تقدم نحو اخيه ليصافحه ويحضنه بعيون ملؤها الندم الا ان اخاه انسحب فورا وغادر المكان، دون أن يرد عليه بكلمة تشفي غليله أو يرد سلامه وعناقه.  بقي الأخ الأكبر للحظات في مكانه اغرورقت عيناه بالدموع مسحها بطرف كمه ثم غادر المكان خائبا مكسور الخاطر بعد مرور اسبوع تفاجأ الاخ الأصغر بزيارة ابن أخيه له في منزله، لم يطرده هذه المرة بل رحب به. اخبره ابن اخيه ان سبب زيارته له هو تبليغه لحضور جلسة مع المحامي لقراءة وصية والده. 
هنا تسمر الأخ في مكانه وصدم حين سمع من ابن أخيه كلمة وصية ادرك حينها ان اخاه اي والد الشاب قد توفي. خطر في باله زيارته الأخيرة له في المحل ورغبته الجامحة في احتضانه والسلام عليه، يبدو انه كان يريد ان يودعه ويصفي كل خلافاتهما. أحس الأخ بالندم وتأنيب الضمير لانه لم يمنحه المجال للصلح بينهما ضرب الأخماس بالأسداس ولكن بعد فوات الأوان. وأثناء حضوره في جلسة المحامي تبين له صدق نوايا أخيه المرحوم من خلال تنازله له عن كامل حقوقه لابل بأزود من حقه بكثير. استحضرني هنا موقف لأحد زملائي المدرسين حين ذهبنا لتعزيته بموت أخيه ويبدو أنه مر بموقف مشابه لأحداث هذا المسلسل حيث كان على خلاف مع أخيه نتيجة مشاحنات عائلية ورغم محاولات أخيه المتكررة لفض الخلاف بينهما، الا انه لم يعطه المجال للصلح معه، فكانت الصدمة عليه بموت اخيه قاسية وشديدة، حيث خاطبنا وهو يتحسر ندما على ما فات قائلا: “ان كل أموال الدنيا لا تساوي لحظة ود و محبة بين الاخوة ” كان يقول ذلك وهو يعض اصابعه ندما لعناده وعدم مسامحته لأخيه.
نعم اخوتي واخواني علينا ان نتعظ من الاخرين لان الحياة قصيرة ونحن ضيوف فيها والموت لنا بالمرصاد، قد يخطف احدنا في اية لحظة وهو اقرب لنا من رمش العين “. سامحوا واصفحوا عمن اذاكم ولا تقاطعوا صلة ارحامكم مهما كانت الاسباب وان لم تسامحوا ستندمون يوم لا ينفع الندم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

في لحظة ثقافية نادرة، يتصدّر الموسيقار الكوردي هلكوت زاهير المشهد الموسيقي العالمي بعدد أعمال معتمدة بلغ 3008 أعمال، رقمٌ يكاد يلامس الأسطورة. غير أنّ أهمية هذا الحدث لا تكمن في الرقم نفسه، بل في ما يكشفه من تحوّل جذري في مكانة الموسيقى الكوردية ودورها في المشهد الفني الدولي.

فهذا الرقم الذي قد يبدو مجرّد إحصاء،…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

صبحي دقوري

يضع كتاب أزمة العالم الحديث لرينيه غينون قارئه أمام أحد أعمق التشخيصات الميتافيزيقية لانحدار العصر الحديث، تشخيص لا ينطلق من داخل الحداثة بل من خارجها، من أفقٍ تقليدي يرى العالم لا من زاوية التاريخ بل من زاوية المبدأ. غير أنّ هذا التشخيص لا يكتمل فهمه إلا إذا وُضع في موازاة جهود مفكرين كبار واجهوا…

ناصر السيد النور *

يدخل الروائي السوري (الكردي) والطبيب في روايته الصادرة مؤخراً عن دار رامينا اللندنية -هذا العام- إلى تجاويف سردية غائرة بدلالاتها السيكولوجية في تعبير جريء وشاخص لشخصياته روايته التي اتخذت مساراً سردياً يغلب عليه التفصيِّل في شمول سردي يتخطى أحيانا المساحة (الفضاء السردي) المتاح. بافتراض أن التطابق ما بين احالات النص السردي وقيمة…