قبور هذه البلاد

إبراهيم محمود

ما أكثر القبور المجوقلة في هذه البلاد
ما أكثر أكثرهم هؤلاء الموتى الدابّين على اثنتين في هذه البلاد
ما أكثر أكثر أكثرها هذه البلاد التي تدشّن قبورها المجوقلة في المناسبات الدورية
البلاد بقبورها ترسم حدودها بأمواتها تحرس حدودها
قبور تتناسل ذاتياً ولا تفي الموت حاجتَه
الحياة ذيل الموت في هذه البلاد التي تكرّم أمواتها بقبور إضافية مفاخرَ وطنية
الحياة لا تدخر جهداً، وقد أُخضِعت لدورات تأهيل سفلية في تأمين الطلب المتزايد
على أحياء متبرعين بأرواحهم المشتعلة بكوابيس الظلام
القبور المجوقلة تتوتر من هؤلاء المسجلة أسماؤهم المتنافسة في خانة قبور مهندسة
قبور مراتب طبعاً
قبور ألقاب طبعاً
قبور وجاهات بالتأكيد
قبور تتعدى ظلالها الرطبة حدود البلاد دفعاً للشبهات وطمأنة للأعداء أن الموت في غاية الديناميكية
ثمة قبور تتلهف إلى أجسام أشخاص دون سواهم 
قبور مشخصة 
أموات قبوريون أو مستطيلون على هيئاتها
ولم يموتوا بعد
قبور لا تتطلب تحضير جنازات لأجلها بداية
قبور بين الأرض والسماء دون دفْن معلوم
دون تلقينات
يخرجون من قبر لحمي تجاوزاً
إلى قبر بحجم أحلامهم المصدأة
عيونهم المفقوءة
ألسنتهم المعقودة إلى الخلف
قلوبهم المتآكلة الخردة من الدرجة الأولى
قبورستان..قبورستان 
هي هذا الاسم النوعي لحدود منزوعة المراقبة
تُرى من فيه شغف مخالطة الموتى وإن لم يكونوا هم 
من تؤاته الجرأة ليبدل أرضاً بحجم خصية مصحرة
فضاء بحجم تينة متيبسة
بفتحة مسدودة حتى منخريها ؟
قبور…قبور
أنّى اتجهتَ ثمة أحاديث عن القبور
حكواتيون مثابون على اختلاق قصص بشر يتحركون في قبور مفتوحة
إعلاميون يهزون الأرض بخطابات مجهزة لموت أعظم
جوائزيون على جبهاتهم محفورة صور لقبور مزخرفة
أغاني طرب حول الموت في قبور تتلقف موتاها الأحياء على مدار الساعة
أئمة أطهار تبعاً للتعليمات المحروسة يحثون على طلب الدخول في ذمة القبور
حيوات مستحدثة
أجندة مجهزة بكل القوى المطلوبة لبلاد 
تتنفس طي هواء بالكاد يُشَمُّ
وفق معايير قبورها
سلاماً لبلاد تنأى بنفسها عن كل حرب
سلاماً على حرب هانئة بذاتها
حيث القبور المجوقلة تشد إليها كل الطرق في البلاد
إزاء حياة في نزْعها الأخير
سلاماً 
وعلينا كامل السلام

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مصدق عاشور

مصلوبةً بخيوطِ شمسِ محبتك

يا من كشفتِ لي

سرَّ التجلّي

ووشمَ الحنين على جبينِ الانتظار

أنتِ ميناءُ روحي

قولي: متى؟

قولي: لِمَ البُعادُ

في حضرةِ ثالوثِكِ السرّي؟

رياحُكِ تعبرُني

كأنّي فرسُ الطقوس

وفي قلبي

تخفقُ فراشةُ المعنى

قولي لي متى؟

قولي إنكِ

فراشةُ رؤياي

وساعةُ الكشف

أرسِميني في معموديّتكِ

بقداسةِ روحكِ

يا من نفختِ الحياةَ في طينِ جسدي

حنينٌ

كمطرٍ أولِ الخلق

كموجِ الأزمنةِ الأولى

يتدلّى من ظلالِ أناملكِ

 

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…