«ذا حقلٌ آخر للمراوحة» باكورة إصدارات الشاعر مقداد خليل

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن مجموعة شعرية هي الأولى للشاعر الكردي السوري مقداد خليل. وجاءت المجموعة في مئة صفحة من القطع الوسط. 
تحتوي المجموعة على نصوص وقصائد كتبت خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.. يتأمّل الشاعر في دقائق الأشياء والأشخاص والمجريات اليومية والذاكرة والأحلام بذات مستنفرة عارية، جرى خلالها استخلاص مادة الأدب من كل شيء بلغة أرادت تجاوز المألوف، وبكسرٍ للغة هنا وتصليد لها هناك.. ربما يمكن أن توصف هذه المجموعة بأنها سيرة ذاتية للمشاعر والأشياء الظليلة.. 
كتبت النصوص كلها أثناء إقامة الشاعر مقداد خليل في مدينته عامودا، وحيث أتيح له الانعزال والتفرغ لمتابعة الذات والأشياء المنعزلة من تلقائها، وكان على الكتابة أن تكون مغايرة وتنطق عن محيطها. 
تحضر في النصوص أقرب الأشخاص والكائنات، كالأم والأخت، وحشرات الباحة ونباتها، داخل زمن بطيء وبيئة تكون مزيجاً من الأحلام واليقظة المنبهرة بالمنظورات. 
ثمة تعدد في الأسلوب الكتابي؛ نظراً لامتداد زمن كتابة النصوص على مدى عقد من الزمن، تخللته فراغات وتحولات على أصعدة عديدة.
تعريف بالشاعر:
مقداد خليل. مواليد خرزه، التابعة لمدينة عامودا، سوريا (1973). درس الأدب العربي في جامعة حلب، كلية الآداب. عمل وما زال في مجال المراجعة والتدقيق اللغوي. يعيش في مدينة ماردين، تركيا.
من المجموعة: 

ألعاب أبي
“لن تُمنَحَ أمي
ولا تظنن بأني قد تعبت وتراخيت من ألعابكَ
الممتعة التي قذفْتَنا إليها”
صرختُ في أبي الذي مات بعد سنوات عديدة.
علَّمنا أبي لعبةَ الولوج والخروج من وكر الثعلب الطويل
ولعبةَ الموت في قبر الفُرَش والوسائد
ولعبةَ السقوط معها على الأرض، والمعاودة.
ولعبةَ الانبطاح أمام القنديل الفضي وسط الغرفة
لمشاهدة الفراشات المتشبثة بقميص الضوء.
الأثواب في الأعلى
الأثواب في الأعلى معلَّقة، دون أصحابها. راقدون، وعلى وشك.
في كل قرية تتكثَّف بأحد المباني بيتٌ يقظان، سقيمٌ أو ماجنٌ أو غريب.
الطيور تختفي، حتى الظلامية منها.
الفتى في فانيلة قصيرة يترقب بعينٍ ملتهبة منذ أمس.
يخترق عجوزان السكينةَ هناك، المتاخمة.
الكهرباء تنفرج من مطبخ رجل يتسلل إلى غده، 
جسمه يريب. أين مكمن الآفَّة في ذا اللحم المر؟
يعمل مذياعُه في تلفاز جاره.
كأن الولد في الشرفة على الحيال لبَّى نداءَ حسرة الرجل العليل، 
صاح: خيارةً يا أمي،
والنبتةُ المسحورة في أصيصها شهقتْ بالشباب المحسود.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيرين خليل خطيب

في أيِّ مجال إبداعي، أو أي حرفة تعتمد على الحس والموهبة، يظهر أشخاص يظنون أن بإمكانهم اقتحام هذا العالم لمجرد أنه يعجبهم أو أنهم يحلمون بالانتماء إليه. لكن الحقيقة المُرَّة التي مهما حاولنا تجميلها، هي أن بعض الطرق لا تُفتح لكل عابر، وأن بعض الفنون تحتاج إلى موهبة أصلية أو حد…

خالد بهلوي

اختُتمت الدورة الإلكترونية لتعليم كتابة سيناريو السينما الكردية، التي أُنجِزت بإشراف الدكتور جاسمي وزير سَرهَدي، البروفيسور في المسرح والسيناريو (الدراما الهوليوودية)، والمدرّس السابق في جامعة صلاح الدين في هولير، والحاصل على عدة جوائز دولية في كتابة السيناريو السينمائي.

قدّم الدكتور الدورة على مدى عشرة أسابيع، تناول فيها موضوع الدراماتورج وبنية القصة الدرامية، إضافة إلى محاور…

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…