خالص مسور
هذا الكتاب الموسوم بـ(الجزيرة السورية والحياة الثقافية)، لهو كتاب تراثي ثقافي شامل، أنجزه الباحث باللغة الكردية ويتألف من (218) صغحة من القطع المتوسط، يتناول فيه الباحث (كونى ر ه ش) على شكل بانوراما حقيقية حول آفاق الجزيرة السورية من حيث الموقع، والثقافة، والجغرافية، والتاريخ، والفولكلور الكردي والجزراوي عموما، بكثير من المعاني الموحية والعبارات الثرية بالدلالات الرشيقة والمعبرة، وعن الغلاقة بين الطبيعة الجزراوية والشعوب المتعايشة على أديمها، بحيث لا يستغني عن الكتاب أي باحث يخوض في تفاصيل مثل هذه المواضيع الثمينة عن الجزيرة السورية شعبها وأرضها.
ويبدو أن المؤلف قد بذل جهدا كبيرا في جمع مواد كتابه الأثير، وهو ما يعطينا الحق في القول بأنه لولا هذا الجهد الكبير من المؤلف لكان الكثير من مآثر الكرد وثقافتهم وتراثهم الخالد في هذه الساحة التاريخية في عداد النسيان والإهمال. لهذا، ولا بد للقارئ الجزراوي بشكل عام والكردي بشكل خاص من اقتناء هذا الكتاب الغني بمعارفه ومعلوماته القيمة والشيقة والتي تفتح أماهه كمرآة شفافة كل ما مضى من تراث الكرد وهذه الشعوب ماضيها ومآثرها وتاريخها العريق والتي حاول الحاقدون والأعداء طمسه وتغيب ما فيه، وبالتالي إنكار حقوق شعوبها ومنها الشعب الكردي خاصة في أرضه وتراثه وأدبه وثقافته.
كما يبدو أن المؤلف في كتابه هذا بدأ يتصدى لأعداء الوطن والطغاة، ويثبت بشواهد موثوقة أن الكرد يعيشون على أرضهم التاريخ منذ الأزل وأنهم ليسوا دخلاء وليسوا ضيوفا على أحد، ويفصح عن تلك الثوابت التاريخية بجلاء ووضوح. ويأتي الكتاب كذلك على خصوصيات وتراث المنطقة التي تميزت عن تراث باقي الشعوب بشكل واضح ومميز، هذا وقد اعتاد الباحث (كونى ر ه ش) أن يحلق بمشاهداته وكتاباته الموثقة في فضاءات الجزيرة ذات الموقع الاقتصادي الاستيراتيجي الهام على طريق الحرير الغني بموارده وخيراته ويوثق ما مضى من أحداث من مآسي وأفراح مرت على هذه البقعة المميزة بناسها وشعوبها، وما تركوها من ذكريات ماض لم يمحها الزمن وحاضر يلهج بصمودها وإنجازاتها الكبيرة في هذه البطاح الموسومة بالخصب والنماء.
وبالمحصلة نقول: أن هذا الكتاب يعتبر ثروة قيمة ومادة مرجعية أشبه بموسوعة فولوكلورية وثقافية تحوي عما تركه الكرد بشكل خاص خلفهم من مآثر، وتراث وثقافة، وأدب، وعادات، وتقاليد، يجب حفظها للأجيال القادمة حتى لا تندثر أصالة هذا الشعب العريق أمام رياح العولمة وأصحاب النوايا السيئة، ومن هنا علينا أن نقتني هذا الكتاب ونواظب على قراءته ونلقن ما جاء فيه من تراثنا الآيل للضياع لأجيالنا الناشئة جيلا بعد جيل.