قراءة في رواية زفاف الياسمين للكاتبة هالة الفقي

نصر محمد / المانيا 

هناك روايات اقرؤها ولا يمكنني إلا العودة اليها مرة اخرى واحيانا اكثر من مرة، فهي تترك اثراً ما في خبايا الروح، ومن هذه الروايات رواية ( زفاف الياسمين ) للكاتبة هالة الفقي . 
اهدتني الكاتبة والمترجمة السورية ندى محمد الرواية في حفلة 
توقيع رواية ( زفاف الياسمين ) وديوان ( ظلان يشبهان وجهي ) للشاعرة السورية ريما محفوض التي اقيمت في مدينة كولن الألمانية . 
سعدت جداً بقراءة الرواية وتركت بعضا من تساؤلات في روحي واثر ما . 
– رواية زفاف الياسمين رواية مكونة من ( 185 ) صفحة، تصدر الترجمة العربية الأولى عن الفرنسية بجهود الكاتبة والمترجمة السورية ندى محمد عن دار العائدون للنشر والتوزيع في الأردن عام ( 2023 ) , لوحة الغلاف للفنانة ليال دلال 
تقول الكاتبة والمترجمة ندى محمد : 
ترجمة الكتب الادبية تحتاج الى مترجم ابداعي، فالمترجم الأدبي يجب عليه ان يكون ملماً بأخبار الادب ومدارسه النقدية، وان يكون لديه اسلوبا وطريقة في صياغة النص، وان المترجم الادبي عندما يقرأ رواية يرغب في ترجمتها ويجد فيها عوالماً بعيدة جدا عن مخيلته وموقفه، سيسعى جاهداً الى ان يتعلم ويتعرف على تلك العوالم ويصبح لديه فكرة اشمل عن المترجمين الأخرين.  
(طولها ثلاثة امتار وعرضها متران، الزنزانة صغيرة جداً، شعاع صغير من الضوء يخترق النافذة الضيقة، يرافقه نسيم عليل لا يملك ان يتغلب على ثقل رائحة البول، تصلني ضوضاء من بعيد، آتية من شارع بورقيبة . تونس تشتعل في الخارج والنيران تلتهم الأحياء،)
بهذه الكلمات بدات الكاتبة هاله فقي الرواية، تركز على الثورة التونسية 
– الشخصيات الرئيسية في الرواية . 
– شخصية (مهدي) وهو صحفي تونسي شاب لا يعرف ما ينتظره  
فيقول : ( لا ادري ما الذي ينتظرني، لا ادري ماذا سيحل بي على ايدي اولئك الذين احتجزوني في هذه الزنزانة الصغيرة المظلمة التي تفوح منها رائحة البول القذرة )
– مهدي يجهل ماسوف يحل به، وحدها الزنزانة علمت كل شيء،فقد رأى مافعله الجلادون به وبالسجناء السابقين فيقول : 
( امر احدهم الحارس بتجريدي من ثيابي، ثم طلب إلي الوقوف على الأرض المبلطة، حالما صرت عارياَ تماماً، سكبوا على قدمي ماءً ثم سائلاً يستخدم عادة لتنظيف الصحون، بعد ذلك جلسوا بعيداً يراقبوني بكل نذالة وخسة، طلبوا إلي البوح بأسماء شركائي، رفضت، صعقوني بضربات كهربائية بواسطة هراوة إلكترونية، شعرت انني اسحق كحشرة تافهة ترتعش على ارض من المياه المكهربة، لكنني مازلت انزلق في كل الأتجاهات بسبب سائل التنظيف، ارتطمت بكل شي، رأسي تأذى،وكتفي ايضاً ) ص 32
– شخصية اسيا 
اسيا قلقة حيال اختفاء مهدي حبيبها الجديد تقول : 
( لا ادري لما احب هذا الرجل، انه حساس وهمجي في الوقت ذاته، التقيته للمرة الأولى في احدى المكتبات في بداية شهر كانول الأول، كنا نبحث عن روايات في الرف نفسه، كلمة من هنا كلمة من هناك ثم اخذنا نتبادل الحديث، سارعت فطلبت منه ان نشرب شيئا سوياً في مكان ما، تحدثنا عن حياة كل منا وعن رحلاتنا، اقترحت عليه ان نذهب الى الشاطئ الذي غالباً ما يكون مهجوراً في شهر كانون الأول، مارسنا الحب تحت ضوء القمر ) 
– بعدها يختفي مهدي فجأة فتقرر اسيا البحث عنه، فتغادر الى مدينة صفاقس مسقط رأسها، محاولة ايجاد اثر له . تقول : 
( الطريقة الوحيدة للحصول على مزيد من المعلومات، هي الذهاب الى صفاقس، ارض ميلادنا المشتركة، صحيح انني لا اعرف والديه ولا أقاربه ولا اصدقائه، ولكن جدتي ميساء تغرف الجميع هناك ) 
– شخصية ياسين والد اسيا 
يتذكر يوم الاستقلال، بينما تؤلمه قدمه اليسرى تماماَ كما المته حين رحل الفرنسيون عام 1956 . يقول ياسين : 
( برأيي، بورقيبة هو واحد من اعظم الرجال في التاريخ، اتذكر كل عام في العشرين من اذار، وهو يوم استقلال تونس عام 1956 , لقد انقذ هذا الرجل حياتنا، وسمح لنا بأن ننعم بالاستقلال، تمكن من النجاة من الكثير من المخاطر، وقضى اربعة عشر عاما في السجن، حاولوا اغتياله مئات المرات، لذا يحق له ان يفخر بنفسه، وبتجربته ومسيرة حياته ) 
– هناك في الرواية ايضا شخصيات ثانوية مثل ( نورالدين ) ( شيرين ) ( سيرين ) وغيرهم . 
– اغتنت الرواية بعنصر التشويق، الذي طغى على احداث الرواية كاملة، وذلك من خلال السرد الروائي المتسلسل، والحوار الذاتي، والحبكات المتعددة، حيث تجذب القارئ وتشده للنهاية خلال فترة زمنية قصيرة. 
– كتبت هذه الرواية بأسلوب كتابي محكم، تتحدث شخصياتها عن آمالهم، آلامهم، مخاوفهم، هزائمهم، ورغبتهم بتغيير كل شيء او بالأحرى تحطيم كل شيء واعادة بناءه على نحو افضل 
– في الختام تعتبر رواية ( زفاف الياسمين ) للكاتبة هالة الفقي رواية ذات قيمة عالية، حيث راعت معظم العناصر المطلوبة للرواية، لقد حركت الروائية الشخصيات ببراعة في المواقف المختلفة 
– هنيئاً للكاتبة هالة الفقي التي ساهمت في اغناء المكتبة العربية في ابداع جديد، وفي حلة جديدة ..!!
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيرين خليل خطيب

في أيِّ مجال إبداعي، أو أي حرفة تعتمد على الحس والموهبة، يظهر أشخاص يظنون أن بإمكانهم اقتحام هذا العالم لمجرد أنه يعجبهم أو أنهم يحلمون بالانتماء إليه. لكن الحقيقة المُرَّة التي مهما حاولنا تجميلها، هي أن بعض الطرق لا تُفتح لكل عابر، وأن بعض الفنون تحتاج إلى موهبة أصلية أو حد…

خالد بهلوي

اختُتمت الدورة الإلكترونية لتعليم كتابة سيناريو السينما الكردية، التي أُنجِزت بإشراف الدكتور جاسمي وزير سَرهَدي، البروفيسور في المسرح والسيناريو (الدراما الهوليوودية)، والمدرّس السابق في جامعة صلاح الدين في هولير، والحاصل على عدة جوائز دولية في كتابة السيناريو السينمائي.

قدّم الدكتور الدورة على مدى عشرة أسابيع، تناول فيها موضوع الدراماتورج وبنية القصة الدرامية، إضافة إلى محاور…

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…