إبراهيم محمود
نهود تشرئبُّ
قمم جبال تستلطفها النجوم
تطوف حولها..
في جنباتها الحدودية الغيومُ
تترفرف في مدارها علوم …
تمضي وتقوم علوم وعلوم …
نهود في طموح لا يُحدُّ
في خيالات ساخنة لا تُعَدُّ
في جموح من وراء ستار
ما يقلق الستار
يجعل الحياة تشرب نخْبها
بها تصل ما بين عدمها العضوي…
إلى محتدمها الوجودي العتيد
نهودٌ
حدودُ أعالي الجسد وأسمى
منارات تزيد في حرارة سفن الرغبة
في ملوحة المحيط
في سوسحة الهواء
مرجحة النار النشوانة
نهودٌ
جماليات غواياتها التي لا تُردُّ
مقاماتها
ذبذباتها
تحبس الأنظار في مؤق العيون
وتوتر الأيدي
نهودٌ
تعلّم دروس الكوكبية والكرة الأرضية
دورة الأفلاك عن قرب
مسرّات أعمار في حساب مجهول الاسم أو معلومه
نهودٌ
تمثيلاتها …
مهلاً:
تحضر الأخت
الحبيبة
العشقية
الصديقة
النظيرة في حياة ٍ ناقصة مبنى ومعنى من دونها
نهودٌ
مصلى أبعد من المرئي
تنتحر على وقع رجَّتها القصائد
لتموت شهيدة المرئي فيها
لتكون قد أكملت دورتها الحياتية وتسرمدت
بها تشرئب الحياة
وبها تُعَدُّ
ولا تصَدُّ
***
أثداء… أثداء
سهول تنبسط في محيط الرغبة السائلة والصلبة ومزيجهما
أثناء تصرّف نهوديتها في مقام حيوات تعنى بها
حدائق تمتلىء فواكه
بساتين تصدح بخضارها وونباتاتها
أمواهاً تفرج عن مكبوتاتها في جريانات شتى
والأرض تطرب لكل هذا الثراء المتدفق فيها
أثداءٌ
قد انتقلت بنهودها إلى ذروة المتفاعل أرضياً
أي حياة بيضاء تمطرها حلماتها…
تلقم الأفواه الغضة مؤثرات حيوات قادمة
لها صبابتها
بها رحابتها
فيها مهابتها
أثداءٌ
تتواضع في انخفاضها
تعلّم النجوم كيف تستحيل سوائل في جسوم تستحيل مآثر حياة
أثداءٌ
شبَّت عن طوق كرويتها
عن طوق اشرئبابها
وقد تأهلت لتكون أهلاً لمكرمات الجسد المعزَّز أمومياً
أثداءٌ
ينابيع تتدفق في أفواه تلخص أجسامها في مناقبية اللمس
لمسٌ فموي، مدخل لا بد منه لتخرج الحياة من خاصيتها الطبيعية إلى خاصيتها الحيوية الأكثر طربَ معنى، ومسرد مباهج في انتظار الآتي
أثداءٌ
لا لبس في قوامها الذي يفترش مساحة لافتة من أعلى الصدر وما دونه ترجمانَ حياة يخفق لها القلب..
تشرق بها الروح
أثداءُ ..
يا للأمومة ذات الكرَم المتفاني في تأكيد حيويته السائلة البيضاء
أثداءٌ
تحيل إليها ملائكة الرحمن، سهولة مشبعة بالضوء والماء، مآثر طفولة تتنفس زمنَها الدائر في فلكها، لمسات رضاعة تنمّي في الجسد التام غضاضة أرواح كائنات في انتظاره، كيانات محتملة، تتشكل في حمَى ذلك المكور الجلدي- الغضروفي المعبَّأ بالحياة والمعلَّق جناناً وحناناً وطرب روح متفانية تستقطر من روح الأمومة، وليس مجرد ما هو سائل، ما يسهم في بناء كائن ينتظره اسمه، موقعه، شخصيته
أثداءٌ
تمارس تحويراً مفصلياً في النهود التي لها زمانها، دون أن تغفل عنها، وفي كل منهما حياة تدعونا إلى الانسكان بها:
نهودٌ
رغبات، شهوات، تطلعات، هيئات، عناقيد متَع لا تنضب تبث خياراتها النافذة الأثر بصرياً، وتزوبع الروح صحبة النظر، تزوبع اليد بكامل أناملها لملامسة الدائر فلكياً طيَّها، كما هي مآثر الحياة، مواقع الاعتبارات فيها، حدائق المتخيل المعلقة فيها، استنهاض قوام معان نفاثة..
أثداءٌ
تنتظر ساعة دخولها في الخدمة وقد عبَرت نطاق الموقوف على ما هو رغبي، شهوي موقوت، مدار خيالات جامحة واستنساخ تصورات جامحة رماحة مدوخة هنا وهناك، إيقاظاً لمشاعر وأحاسيس تتلبس كامل الجسد المرتقب بقواه الموجهة هنا وهناك، لتكون لها نقلتها، وقد أمضت عمرها المختلف والعضوي اعتبارياً، والدلالي اعتباراً، وقيّض لها في لحظة زمانية ومكانية أن تسلخ عنها اسمها الذي كان وتذوّبه في الذي يفصَح عنه لحظة التحول الزوجية
أثداءٌ
في اكتفائها الذاتي
تمتص خاصيتها النهودية وتؤهّلها لتكون رغبات محروسة ومنتظرة بالمعطى منها في حاضنة أمومة، وفي حمَى مجتمع أمومي، عبر ولادة وأخرى
أثداءٌ
مجتمعات، قيم تتلون وتتغذى بالتوازي بما هو حليبي
أثداءٌ
شوامخ الروح، ومعابر أرواح مستولدة وحيوات لها وجوهها وأنواعها ذكوراً/ إناثاً، وبالعكس طبعاً
أثداءٌ
فنون مخصبة في طقوس ومناسبات في مرئيات مغايرة لعهودها السابقة
أثداءٌ
يُحتفى بها أكثر قابلية للنظر المباشر فيها، وقد تجاوزت نطاق الستار، اقتراناً برغبات وظيفية، كما هي لائحة المسجَّل باسم كائن يراهَن عليه عائلياً..
نهود..أثداء
معابر أزمنة لا تجارى
منابر ترسل إشارات متباينة هنا وهناك
مدارات أصوات تتلخص في حيوات بصرية وقلبية
رجال يستعيدون طفولتهم في ظلها
يتنفسون حيواتهم الغامضة مذ كانوا رضَّعاً
هشاشة عالمهم الجسدي وهم في ذمتها
يتنقلون في تخيلاتهم بين كونهم مأهولين بسخونة الأولى وأمثولة الأخرى
يتقلبون بين هذه وتلك
نسون يحرّرن السماء من أعلى ذراهن الصدرية
يخصبن الأرض من لاتناهي خصوبتهن الكونية
نهود.. أثداء
سبحان الذي أخرج الثدي من النهد وصهره فيه
أتبعَ الثديَ بالنهد
أشبع الواحد بالآخر
سبحان سبحان سبحـ…ان
سبحان الذي جعل القمة الساطعة بفتنتها هيئة ثدي يحوّل الخارج إلى الداخل بأمومته
سبحان الذي خفّض من مقامه، ليسمو به في قوامه في نقلته النوعية
سبحان الذي هندسه كوكبياً وقَوعده حسابياً وأمَّمه اجتماعياً وقيمياً
تواريخَ لمجتمعات ما كان لها أن تبصر نفسها إلا عبرها
ملاحم تتشكل أغان وحكايات ومواويل في ضوء مشهيات تترى
أنوثات تبرع في نسج نصوصها
ذكورات لا قوام لاسمها
لا قيام لرسمها
إلا في إقامتها بين هذين المعْلمين اللذين يحملان بصمة الإلهي بجلاء
لأختتم مستهل قولي:
نهودٌ….
تستغرق سماء وطن تعرفني جيداً
أثداء …..
تستغرق أرض وطن تعرفني جيداً
وأنا بينهما أصوغني شعراً ونثراً بهما
وأُطلِقُني في الأبدية
كلّيَّ النسَب والحسب فيهما
….