إنشاء مكتبة…

حسن خالد

عندما ينوي أحدنا أن يؤسس مكتبة لإقتناء كتب، حتى لو كانت صغيرة، في ركن ما من أركان غرفته.
ما هي عدد الكتب الأنسب توفرها، ليُقال أن فلانا من الناس يمتلك مكتبة؟
وهل توفر الكتب – لمجرد أنها كتب – شرط كافٍ لنقول أنه يمتلك مكتبة!!
أقصد هنا نوعية الكتب؟
في هذا الصدد يقول الكاتب الأرجنتيني: ل.بورخيس: “أنشئْ مَكتبةً ولو مِن ثَلاثةِ كُتبٍ، وسَتقاوم جزءاً مِن قَباحةِ هذا العالم، كُلّ مَكتبةٍ هي صَفعةٌ في وجه العالم الجاهل، وتَرفعُ عَن أُميَّتِهِ وخفِّتِه”.
ولا أجد ضيرا، بل هي خطوة ضرورية أن يكون كتابا واحدا من الكتب الثلاثة السابقة، موجها في رسالتها للأطفال، حتى لو كانت قصة قصيرة مصورة، لأنها خطوة في الإتجاه الصحيح؟
فما هي نقطة البداية لنقول أن فلانا من الناس يمتلك مكتبة؟
أعتقد أن مجرد وجود النية في تهيئة المكان، ومهما كان بسيطا متواضعا، ولو كان متواريا عن الأنظار مع سهولة الوصول إليها، ومهما كانت عدد الكتب لحظة ترتيبها – حتى لو كان كتابا واحدا – يمكن تسميته مكتبة لأنها خطوة في الإتجاه الصحيح..
وأجد أن ما تتخذه بعض “الأسر الميسورة” من اتخاذ المكتبة كديكور مكمل لأثاث المنزل، فيها مثالب كثيرة هي بمثابة لظهور “مشروع قارئ”!!
إن قابلية القراءة قد يُحوّل مقتني الكتب إلى (قارئ نهم) لكن ليس شرطا ان يتحول إلى كاتب!
لكنها فرصة ذهبية أن تتراكم الخبرات والمعارف، بعد ردحٍ من الزمن، فتصبح تلك التجربة مدخلا ليفتح شهية “القارئ النهم” ليخوض شرف الكتابة عن تجربة جديرة في مواضيع هي الأقرب إلى مواضيع تتصدر هموم الناس عامة، وتجنب نخبوية بعض الكُتّاب!
في هذا الصدد يقول جيرارد ديباريو: “الكتاب صديق لا يخون”
ثم إن مفهوم المكتبة لم تعد حكرا على الكتب والمجلات الورقية فحسب، بات الآن يشمل بالإضافة إلى المكتبة التقليدية التي تحتاج مكانا ورفوفا وأموالا أكثر وربما جهدا مضاعفا، المكتبة الإلكترونية أيضا والتي يمكن تسميتها بالمكتبة المتنقلة الأقل وزنا والأقل أموالا، والأقل جهدا، ترافقك في جيبك أو حقيبة في يدك أينما تذهب، لا تحتاج مكانا واسعا، إنما هاتفا ذكيا أو لابتوبا محمولا أو غيرها من الأجهزة الذكية التي تقتني إحداها بحكم الضرورة ومتطلبات التواصل مع حلقتك الضيقة!!
حقا التغيير شمل الكثير من الأشياء التي تحيط بنا، فينبغي أن تشمل هذه المفاهيم خرقا للصورة النمطية التي لازالت تسكن أذهاننا عن مكتبة الكتب…
وفكرة، هل وجود المكتبة في البيت ضرورة، أم أنها بمثابة أثاث مكمل لمقتنيات البيت؟
أجد أن وجود مكتبة مهما كانت متواضعة، عامل يساعد الأطفال على المطالعة والقراءة، وتؤسس تراكميا لمشروع “كاتب المستقبل”؟!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…