المزبلة

إبراهيم محمود 

مزبلة في الساحة الكبرى تتنفس الهواءَ الحر
كيف للهواء الحر أن يتسرب إلى مسامات المزبلة
مزبلة تشد الأنظار إليها بعمق
مزبلة تعرَف بها جهات المدينة الأربع
أين يمكن اللقاء
شمال المزبلة
من أين العبور إلى الحديقة الحديقة
غرب المزبلة
في أي جهة يمكننا اللقاء
شرق المزبلة
إلى أين يمضي الطريق العام
جنوب المزبلة
الخلفية الكبرى لكل الصور الملتقطة
صور العشاق، المتلاقين على عجل، على أخْذ موعد، في أمر هام، بخصوص مشكلة خطيرة
تتنفس المزبلة ليل نهار
هناك من يتنفسونها
إذ يحلّون في جنباتها
ديكة ثقافية
ديكة سياسية
ديكة فنية
ديكة رياضية 
ديكة اقتصادية
ديكة اجتماعية
ديكة إعلامية
ديكة أعرافها عريضة
ديكة ذيولها نصف قوسية من الأعلى
ديكة برؤوس صغيرة
ديكة بصدور تتقدمها
وكلها تكاكي
لا شيء يلهبها نشاطاً كما المزبلة العريقة
تخوض غمار أحماضها الحريفة
ترفرف أجنحتها بكلا جناحيها 
مرزرزة الزبل عالياً سافلاً
تستحم زبلياً
وهي تغوص أحياناً إلى أعالي رؤوسها الظاهرة كالفطْر
أمواج من رذاذ الزبل تتطاير
تعكس أشعة الضوء المتقطعة بتلاطماتها
كما لو أن قوى خفية ترفعها نطاطة إلى الأعلى وتنخفض نزولاً سريعاً
لا شيء يلهب خيالها في توحيد قواها المتنابذة كالتصارع في المدار الزبلي
لا شيء يضاهي صوتها وهي تطلق كامل موهبتها في الصياح
ضاربة أرجلها المخالبية في كتل الزبل  المتناثر خارج نطاق المزبلة
تتواجه الديكة بمقدار ما ترتفع المزبلة
أو تُعرض مكتسحة مساحات من حيث يمر السابلة
من حيث يقف المتفرجون مصدومين بالجاري
تتناقر باشكال مختلفة مستظهرة كل قواها غير عابئة بالناظرين
تتمايل
تتمرجح
تتلولب
كما لو أنها تتزحلق موجهة ضربات مخالبية إلى المقابل
ألسنتها الصغيرة خارج مناقيرها المثقلة بالسخونة
دماء تقطر منها
أجنحتها تلهث جانبيها
رئاتها الصغيرة ينضغط عليها
قلوبها تربكها الزيادة المضطردة في التصارعات
تزرق على بعضها بعضاً
تتهافت على ذيولها متهالكة
وقد اختفى العالم عن أنظارها
الزرق والدم يخالطان الزبل
يزيد سخطُ المزبلة في خميرتها
الديكة تتلبسها ألوان الزبل
العيون المتفرجة تغادر محيط المزبلة
الديكة تتناوب في الصراع
صور مختلفة الأبعاد تعرَض في مواقع مختلفة عالمياً
لم  يراهن أحدٌ على ديكة تتعنون بالمزبلة….!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

يا عازف العود، مهلا حين تعزفه!
لا تزعج العود، إن العود حساس..
أوتاره تشبه الأوتار في نغمي
في عزفها الحب، إن الحب وسواس
كأنما موجة الآلام تتبعنا
من بين أشيائها سيف ومتراس،
تختار من بين ما تختار أفئدة
ضاقت لها من صروف الدهر أنفاس
تكابد العيش طرا دونما صخب
وقد غزا كل من في الدار إفلاس
يا صاحب العود، لا تهزأ بنائبة
قد كان من…

ماهين شيخاني

الآن… هي هناك، في المطار، في دولة الأردن. لا أعلم إن كان مطار الملكة علياء أم غيره، فما قيمة الأسماء حين تضيع منّا الأوطان والأحبة..؟. لحظات فقط وستكون داخل الطائرة، تحلّق بعيداً عن ترابها، عن الدار التي شهدت خطواتها الأولى، عن كل ركن كنت أزيّنه بابتسامتها الصغيرة.

أنا وحدي الآن، حارس دموعها ومخبأ أسرارها. لم…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

فَلسفةُ الجَمَالِ هِيَ فَرْعٌ مِنَ الفَلسفةِ يَدْرُسُ طَبيعةَ الجَمَالِ والذَّوْقِ والفَنِّ ، في الطبيعةِ والأعمالِ البشريةِ والأنساقِ الاجتماعية، وَيُكَرِّسُ التفكيرَ النَّقْدِيَّ في البُنى الثَّقَافيةِ بِكُلِّ صُوَرِهَا في الفَنِّ، وَتَجَلِّيَاتِها في الطبيعة ، وانعكاساتِها في المُجتمع، وَيُحَلِّلُ التَّجَارِبَ الحِسِّيةَ، والبُنى العاطفية ، والتفاصيلَ الوِجْدَانِيَّة ، وَالقِيَمَ العقلانيةَ ،…

إبراهيم اليوسف

الكتابة البقاء

لم تدخل مزكين حسكو عالم الكتابة كما حال من هو عابر في نزهة عابرة، بل اندفعت إليه كمن يلقي بنفسه في محرقة يومية، عبر معركة وجودية، حيث الكلمة ليست زينة ولا ترفاً، مادامت تملك كل شروط الجمال العالي: روحاً وحضوراً، لأن الكلمة في منظورها ليست إلا فعل انتماء كامل إلى لغة أرادت أن…