الحاء والباء

عصمت شاهين دوسكي

ما أجمل أن يغفو بريق عينيك
على وسادة الشوق يطفو حنينك
تفيق جمرات الروح لهفة
تهوى نظرات الرؤى نظرة 
لا تطفئ في الأعماق نيرانك
ما بالك ترمين الصمت
على جدران الصدر هوت
لا تلهو على حمرة خديك 
أنت لست ككل جميل
ولا خصلة على الوجه تميل
بل يذوب الشهد على شفتيك
تعانق الأنفاس ويمتزج الريق
والأنفاس بالأنفاس لا تفيق 
تلامس تعصر الأيدي راحتيك
أرتجل رغم غياب ملامحك
رغم غياب إيحاءك 
نظراتك ، تنهيدة ناهديك
تجردي من كل شيء كالريح
كبلسم ترسو على قلب جريح 
فلا قيود على ناظريك
كنسمة هاربة من خلف الجدران
تعشق حرية الزمن والمكان
تبحثين في الظلام عن كورة نهريك
كهمسة محرومة من الحب
تنبض حياة من نبضات قلب
تحترق شوقا لقرمزية قمريك
صدرك المرمري كالثلج
والتمثال الوثني يلج
يعصر الألم بين أنامل يديك
خصرك العاجي الجميل
يميل على كأس لا يميل 
يداعب  في رؤى ناظريك
تزدادين لهبا على لهب
والعرق يحرق كل صخب
رعشة  تحرق ما بين قدميك
***********
لا أصف النساء 
ولا سراب في البيداء
فلا السراب سراب
ولا كل النساء … نساء 
طار النوم من جفوني 
هام الأرق في عيوني
فلا أفرق بين نهار ومساء
حضن الأنثى متعة 
حضن الحياة دمعة
آه من سهر الحاء والباء
تمردي … تجردي .. 
كوني أنثى توسدي
حطمي كل قيود الداء
كوني وطنا بلا قيود
كوني كالشمس تضيء بلا حدود
تلمس الأرض والسماء
نامي قريرة العين
على فراش الوصال أو البين 
 للصبح عيون نجلاء
الفجر يقبل بالقُبَل
وإن أقبل على مهل
ضياء الفجر كلوحة بيضاء
أين محرابك غرفتك 
نوافذك ستائرك 
وسادتك التي تشتاق لأنفاس حراء ؟
لا تقيدي معصميا …. يديا 
فأنا في زمن أنهك ما لديا 
قَبِلي جراحات كل الأجزاء
لا تهربي من حرماني
ولا من صمتي وجنوني 
كقشة على صخب الماء
أرهقيني جرديني 
على خريطتك شتتيني 
ما دامت لمساتك دواء
هذا بعض بياني تجلى
كطوفان بين مُرِ وأحلى 
دمار وحياة بين الحاء والباء

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…