مشاهد مسرحية

إبراهيم محمود

 ( يجتمع المؤلف مع المخرج )
المؤلف: لدي فكرة هائلة
المخرج: هاتها
المؤلف:إنها تخص الشعب، وكيف يمكن تقديمها على المسرح
” بالقرب منهما ، ثمة ممثل “
الممثل: أنتما تكذبان، سوف أفضحكما ولن أمثل هذه القذارة التي تريدان تقديمها باسم الشعب
( ظلام على المسرح )
***
( ثلاثة قرود على المسرح )
الأول: هل رأيتما ماذا يفعل هؤلاء الذين يستخفون بنا ؟
أحد القردين: تاريخهم أسود.
القرد الآخر: لأنهم صدقوا أنهم أشرف الخلائق
” ثمة شبح يظهر في الزاوية ، وهو يظهر حاملاً رشّاشاً “
الشبح: نعم، نحن أشرف الخلائق، وذوقوا إذاً.
( يطلق النار على القرود الثلاثة، فتسقط صريعة على المسرح )
***
( أستاذ في شعبة صفّية يشرح درساً عن الديمقراطية لطلابه )
الأستاذ: سيكون درسنا عن الديمقراطية..
” توقف لبعض الوقت، ثم سؤال ” 
أتعرفون ما معنى الديمقراطية؟
” صوت جماعي من الطلاب “: لا .
الأستاذ: الديمقراطية كلمة يونانية تعني حكم الشعب للشعب .
” أحد الطلاب وبصوت مسموع: وأين هو حكم الشعب للشعب ؟ “
” الأستاذ يكبس زراً في الحائط، يأتي رجلان ويدخلان الصف سريعاً.الأستاذ يشير بيده إلى الطالب “:
لقد طوّال لسان على الدولة، خذاه !
***
“( شاب وفتاة  ) ” مشهد أول “
الشاب يحمل وردة ويقدمها لها:
لتعلمي كم أحبك يا ملّاكي، أقدّم لك هذه الوردة وفيها قلبي العاشق ينبض.
الفتاة ” مبتسمة “:
 قبلْتُها منك يا حبيبي ويا أعز إنسان في الكون.
الشاب: حين نتزوج سأُسكنك قلبي إلى الأبد
” الفتاة   مبتسمة “.
الشاب والفتاة نفسهما، وبوجهين متوترين ” مشهد ثان ” حيث الشاب يحمل عصا
الفتاة ” قلقة “: 
أين ذهبت ووعودك يا رجل، أين قلبك الذي وعدتني أنك سُتسكنني فيه، وها قد تزوجنا؟
الشاب ” وهو يهز عصاه ويقرّبها منه، وبوجه متوتر”
:كانت طريقتي الوحيدة لأن أكسبك، وليس لأن أعدَك وأفي بوعدي. تلك حيلتني الوحيدة نحن الرجال في استدراج النساء إلينا، وبعدها نستطيع التصرف بهن كما نريد .
( ثم يرفع العصا على رأسها حيث يعتم المسرح في الحال ) .
***
( شخصان يتقابلان على المسرح، ويحصل بينهما تعارف)
الأول: لقد عرفتك من النظرة الأولى.
الثاني: كان ذلك شعوري كذلك .
الأول:كم مضى على وجودك في أوربا؟
الثاني” يحرك يده ورأسه “: هييه، الكثير الكثير، أكثر من ربع قرن .
الأول” مبتسماً “: ربما أكثر منك بقليل .
” صمت بينهما، لبعض الوقت “
الأول: يا للأيام التي كانت مضحكة، حيث أحدهما كان يدخل في شجار مع الآخر لأتفه الأسباب.
الثاني: يهز رأسه علامة الموافقة .
الأول: وها نحن الآن، نعيش بعيداً عن تلك السخافات .
الثاني: هل لك أن تخبرني بالله عليك عن عشيرتك ؟ فأنا من عشيرة ” كذا “
الأول: ” ضاحكاً “: وأنا من عشيرة ” كذا “
” صمت بينهما “
الأول: لا بد أنك قرأت تاريخهما وما دار بينهما من نزاعات لأسباب تافهة .
الثاني” يتنفس بعمق ويقول ضاحكاً “: تفاهة ما بعدها تفاهة .
الأول:وربما بدأت التفاهة مع عشيرتك ” يقولها وهو يضحك “
الثاني” وقد توقف عن الضحك “: لااا.هذه المرة لم تصب، إنما عشيرتك يا صاحبي.
الأول” محتداً “: لا والله عشيرتك !
الثاني ” منتفضاً “: بل عشيرتك يا تافه ..
 ( يستفزان مندفعين صوب بعضهما بعضاً )
***
( شخص يقف وسط خشبة المسرح، حيث الإضاءة المسلطة عليه من مصباح في السقف، ضعيفة.)
محركاً يديه في الهواء: ألا ما أحمقني وأغباني !
” يتوقف لبعض الوقت “
إنما لم يكن الذنب ذنبي .
” يضع رأسه بين يديه ويضغط عليه “
يا لهذا الرأس المسبب للمشاكل !
” متوجهاً إلى الجمهور “
أتريدون أن تعرفوا الموضوع من أوله إلى آخره ؟
” يتأوه ويحرك رأسه ، وهو يدير ظهره للجمهور”
يا لهذا الزمن الصعب والمعقد، لم يعد أحدنا يعرف رأسه من رجليه .
” يلتفت إلى الجمهور ، وبصوت حاد “
أنتم السبب، لو تحركتم قليلاً، لو رفعتم صوتكم قليلاً، لما حدث ما حدث ..لو …
( يُسمع صوت إطلاق رصاص باتجاهه، ويعتم المسرح، وتصدر صرخة : أخ )
***
( رجل متقدم في العمر، مع شاب في مقتبل العمر ، يظهر أنهما الأب وابنه )
الأب ” موجهاً كلامه إلى الإبن ” : لقد أخطأتَ خطأ كبيراً
الابن ” محتداً “: ولماذا أخطأت خطأ كبيراً ؟
الأب ” وهو يوجه إليه سبابته “: كان عليك أن تحسب حسابك جيداً قبل فعلتك هذه .
الابن ” مستمراً في حدته، وعيناه على أبيه “: كأنك تبحث عن حجة ما لتجرحني ؟
الأب : كما قلت لك، ما كان عليك أن تتصرف ذلك التصرف الأرعن .
الابن” وقد بدا أكثر حدة ونرفزة “: بالله عليك دعني وشأني، ما وجه الخطأ هاه ؟
الأب: أرأيت مدى غبائك وطيشك وأنت لا تعلم إلام أرمي ؟
الابن” يحرك يديه في الهواء، متوتراً “: رجاء رجاء رجاء.. انطق جوهرتك وأرحني .
” الأب ” متوجهاً إلى الجمهور ” : بربكم، ألم يخطىء الخطأ القاتل ؟
الابن” وهو يقترب منه، وبعضبية زائدة”: أوتخبر الآخرين لتؤلبهم علي ؟
الأب” مبتسماً، حيث يده اليسر ممدودة نحو الجمهور، واليمنى نحو ابنه “: بالله عليكم، ألم يخطىء في الذي فعله.. إنه متهم بالسرقة.. وهي سرقة صغيرة .. لو كانت سرقته كبيرة تهز محيطها، وتحيّر من هم حواليه، هل  كان هناك من يتهمه بالسرقة؟ أما كانوا يتقربون منه أكثر؟
( ظلام )

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

نص: حفيظ عبدالرحمن

ترجمة عن الكردية: فواز عبدي

 

جاري الافتراضي كئيب

جاري الافتراضي حزين

جاري الافتراضي يحلب اليأس

يحتسي الوحدة

يبيع الحِكَمَ المكوية برعشة الآلام

بثمن بخس.

 

من نافذة صفحتي

أرى

مكتبه

صالونه

غرفة نومه

مطبخه، شرفته، حديقته

ومقبرة عائلته.

من خلال خربشات أسطره

أقرأ طنين النحل

في أعشاش عقله.

 

جاري الافتراضي

يكتب على جدار صفحته

كلمات مثقوبة بالألم

محفورة بمسامير التنهدات

يمسحها

ثم يعيد…

مروة بريم
لم يسبق لي قطُّ أنْ رأيتُ الجزيرة، تكوَّنت صورتها في ذهني، من قُصاصات مطبوعة في المناهج المدرسية، وما كانت تتداوله وسائل الإعلام. عَلِقت في ذهني صورة سيدات باسقات كأشجار الحَور، يأوينَ إلى المواقد في الأشتية القارسة، تشتبكُ القصصُ المحلّقة من حناجرهنَّ، مع صنانير الصّوف وهنَّ يحكنَ مفارش أنيقة، وفي الصَّيف يتحوَّلن لمقاتلات…

شيرين اوسي

عندما تكون في الشارع وتحمل في احشاءها طفلها الاول

تتحدث عنه كأنها تتحدث عن شخص بالغ

عن ملاك تتحسسه كل ثانية وتبتسم

يطفئ نور عينها وهي تتمنى ضمه

تقضي في حادثة اطلاق نار

رصاصة طائشة نتيجة الفوضى التي تعم المدينة تنهي الحلم

تموت وهي تحضن طفلها في احشاءها

ام مع وقف التنفيذ

تتحسس بطنها

ثم تتوسل لطبيب المعالج

ساعدني لااريد فقد كامل…

إبراهيم محمود

البحث عن أول السطر

السرد حركة ودالة حركة، لكنها حركة تنفي نفسها في لعبة الكتابة، إن أريدَ لها أن تكون لسانَ حال نصّ أدبي، ليكون هناك شعور عميق، شعور موصول بموضوعه، بأن الذي يتشكل به كلاماً ليس كأي كلام، بالنسبة للمتكلم أو الكاتب، لغة ليست كهذي التي نتحدث أو نكتب بها، لتكتسب قيمة تؤهلها لأن…