انهيار الرجولة أم تنمية الرجولة ؟

عصمت شاهين دوسكي

واحدة من الأمنيات الأبوية أن يرى الأب في أبنه من الخير والصلاح والقوة الفكرية والحكمة والهدى والاستقامة والعدل ليكون مثلاً سليما في مجتمعه وصورة مشرفة لبيته وأقربائه يشار إليه قولاً وفعلاً ولكن إن لم يجد الأبناء من يربيهم على هذه المبادئ والسبل الصحيحة على هذه الرجولة ..؟ انهيار المجتمع يأتي من انهيار الأخلاق وتبدأ من الأسرة يعني المرأة والرجل عامة وإن تفاوتت النسب والتأثير بينهما فهي الخلية الأولى في بناء المجتمع فإن تأثيرات التطور والنت والعولمة التي تتخذ سلبيا في الحياة اليومية فكرا وتصرفا وأسلوبا وتعاملاً  قد يكون لها دور كبير في الانهيار الرجولي مثلا أليس من المعيب تمر 12 سنة ” ست في الابتدائية وست متوسط وثانوي ” بعدها يتخرج ولا يمكن أن ترى فيه الرجولة أو تصفه إنه رجل ..؟ اثنتي عشر سنة كفيلة أن تحول هذه الطاقة الإنسانية إلى شعلة من الرجولة والحكمة والعلم والقيادة والتقدم الفكري والعلمي ومن هذا الاستهلال أمر على قرار أصدرته وزارة التعليم الصينية بإعداد منهجاً وخططاً ” لتنمية الرجولة لدى طلاب المدارس ”  لإضافة مادة عن الرجولة في المناهج الدراسية الأولى أي المرحلة الابتدائية هكذا تحذر الصين وتنبه خطورة ضياع وانهيار الرجولة لدى طلاب المدارس حيث لاحظ المهتمين في شأن الدراسة والتربية والتعليم 
 إن جيل هذا العصر أصبحوا مائعين ميالين إلى النعومة والأنوثة وهذه الدراسة أدهشت وأثارت نقاشا حول مهام الجنسين ودورهم الجديد في ظل التطورات السريعة حيث أشارت الحكومة الصينية ” أن خادمات البيوت والمعلمات أفسدن الصبية الصينين في المدارس وقريبا سيصبحون الأولاد خجولين وشاذين ” فيجب اتخاذ حلول وإجراءات سريعة ليس نظريا بل فعليا وجادة لمعالجة هذا الوباء الخطر الشاذ في المجتمع الذي يؤدي بالتالي إلى انهيار الدولة لذلك اعتبروه أمنا قوميا حيث تأنيث الأولاد مستقبلا يهدد أمن وبقاء الصين وتطورها وتنميتها حتى التجنيد العسكري الذي كان سببا لعودة الخشونة والرجولة للشباب لم يعد كافيا لذلك أعدت الجهات المسؤولة المهتمة بتنمية المستقبل الصيني مبادرات مهمة ومؤثرة منها زيادة توظيف الرجال كمعلمين ومدربين في الصالات الرياضية كذلك تشجيع الطلاب على ممارسة الرياضة الجماعية العضلية الخشنة والأهم الابتعاد عن الألعاب الالكترونية ودراسة وبحث مدى تأثير مشاهير الإنترنت الشواذ على أفكار وأسلوب  المراهقين ، هذا الاهتمام جاء بعد أن تجلت أزمة رجولة التي اعتبرتها أزمة وطنية قضية وجود أو لا وجود ، وفي الطرف الآخر بعض الدول تدق المعازف وتنشر العري وتشيع الانحلال والمخدرات والجهل والفساد وتفتح صالات ومكاتب للتدني الأخلاقي وتقيم المهرجانات والمسابقات للرقص الخاص بالرجال وهو خلاصة انهيار الرجولة الذي تضمنه كتاب الطبيب الفرنسي أنتوني كلير محذرا الدول إن الرجال فقدوا خصائصهم الجسدية والفكرية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية وإن الرجل البسيط في الغابة أو الصحراء أكثر رجولة من مشاهير وملوك وأمراء وأغنياء المال والصناعة والتجارة والموظفين الجالسين وراء مكاتبهم إذ ظهرت في هذا العصر إن الرجال أكثر من النساء يذهبون إلى صالات التجميل وعمليات التجميل والتعديل وإن صورة الرجل تتشابه مع صورة المرأة وأصبح مشاهير الشواذ والعري الذين لا يحملون قيم أخلاقية خاصة منهم من يظهر بصورة الأقراط في أذنيه ويلبسون الباروكات ويضعون المكياج ويعلنون زواجهم بالمثليين قدوة للجيل العصري، هل الخطر قادم ..؟ هل انهيار الرجولة سيوقظ الدول المعنية ..؟ هل انقلبت الصورة فبعد أن كانت الصبايا والنساء يقلدن الرجال أصبح الشاب يقلد النساء ؟ هل أصبح الشباب أكثر رقة وانكسارا ..؟ هل فقد الرجل دوره في الأسرة والمجتمع ..؟ كيف ستكون المسؤولية الأبوية في ظل هذا الانهيار الرجولي ..؟ قال الفيلسوف الفرنسي فرانسوا أوشي : ” لا يمكن أن نظل غير مبالين بالتغيير ” الانثروبولوجي ” الذي يظهر أمام أعيننا في عالم لا يبرز ما يدل على أي فوارق بين الرجل والمرأة ..” كذلك قالت الكاتبة الفرنسية لاتيتا بونار  في كتابها ” هل عفا الزمن على الرجال ..؟ ” والذي تضمن تحليلا وتشخيصا دقيقا مؤكدة تراجع ترتيب الرجال مستعينة بدراسات وبحوث فالمرأة مثلا سدت حاجتها من الرجل بفضل التخصيب الصناعي وتقول الكاتبة الفرنسية ” أعتقد أننا نطلب المستحيل من الرجال حيث نطلب منهم أن يكونوا أقوياء وضعفاء في نفس الوقت ، وقساة ومتفهمين وشديدين في الخارج ، ولطفاء ورومانسيين بالمنزل لذلك أصبح الكثير من الرجال يميلون إلى الفرار من الواقع تاركين مسؤولية إدارة العالم للنساء فيزداد الطلاق. وزاد كذلك العزوف عن الزواج ، وكثر العزاب من الرجال والنساء ” وتساؤلات تطرح هل فقد الرجل الشجاعة والفصاحة والفروسية وقوة التحمل والأخلاق والعادات السامية والتقاليد الراقية التي تسمو بمصير الرجل ..؟ لماذا أصبح الشباب فريسة سهلة للانحلال والانهيار والأفكار الخارجية الهدامة ..؟ ولماذا يتسارع الشباب على صالونات وعيادات التجميل ..؟ هل أصبحت الرجولة صورة من الماضي ..؟ كلها أسئلة مشروعة أمام الدولة وأمام المعنيين في إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإدراك وفهم معاني الحرية والمراقبة المجتمعية من رياض الأطفال والابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية وإيجاد الحلول والبدائل فليس البكاء على الماضي حلاً ، والتجربة الصينية شاهد عيان وليس عيبا أن نتعظ ونسخر ونوظف تجارب من سبقونا في العلم والتجربة والتطبيق عمليا حسب الرؤية المجتمعية العصرية في تسارع الأحداث والتطورات فانهيار الرجولة صورة واضحة لانهيار المجتمع والبلد .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيرين خليل خطيب

في أيِّ مجال إبداعي، أو أي حرفة تعتمد على الحس والموهبة، يظهر أشخاص يظنون أن بإمكانهم اقتحام هذا العالم لمجرد أنه يعجبهم أو أنهم يحلمون بالانتماء إليه. لكن الحقيقة المُرَّة التي مهما حاولنا تجميلها، هي أن بعض الطرق لا تُفتح لكل عابر، وأن بعض الفنون تحتاج إلى موهبة أصلية أو حد…

خالد بهلوي

اختُتمت الدورة الإلكترونية لتعليم كتابة سيناريو السينما الكردية، التي أُنجِزت بإشراف الدكتور جاسمي وزير سَرهَدي، البروفيسور في المسرح والسيناريو (الدراما الهوليوودية)، والمدرّس السابق في جامعة صلاح الدين في هولير، والحاصل على عدة جوائز دولية في كتابة السيناريو السينمائي.

قدّم الدكتور الدورة على مدى عشرة أسابيع، تناول فيها موضوع الدراماتورج وبنية القصة الدرامية، إضافة إلى محاور…

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…