عندما تتحول صورة لصديقين الى جريمة قومية

نصر محمد / المانيا 
كاتب كردي يعيش في المانيا لم يلتقِ بصديق له، هو باحث عربي منذ ثلاثين عاما، يلتقيان في مقهى، يكتب أحدهما منشوراً صغيراً على صفحته في الفيسبوك مرفقاً بصورة لهما، وذلك في يوم الصداقة العالمي، الى هنا وكل شيء على مايرام .أما أن يكون أحدهما حليم يوسف روائي وكاتب كردي، ويتموضع على الضفة الأخرى، حيث الباحث والكاتب العربي محمد جمال باروت، و أن تنشر الصورة على مرآى ومسمع أجواء سورية، فهذا ما لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام .
وقد أوقفني حجم الاحتقان السياسي والاجتماعي، الذي يسود هذه الأجواء، وخاصة ردود الأفعال العنيفة والقدرة البارعة على التنمر والمزاودة التي تغص بها وسائل التواصل الاجتماعي،
لكي ابتعد عن العموميات، سأتطرق الى منشور الدكتور محمود عباس، وكأن هذه الصورة كانت بمثابة هدية من السماء له لإظهار حليم يوسف بائعا للمبادىء وللقضية وأهلها، حيث فتح باب الجحيم على صاحبها من خلال هذه الصورة، دون الالتفات الى ما لمح إليه يوسف في منشوره من اختلاف في الرأي بين الرجلين
وهنا أودّ تكثيف المشهد من خلال قراءة سريعة للتعليقات تلقاها الدكتور بإعجاب كما يبدو، وهذه نماذج بعضها 
_ حياك الله دكتور، غيور على قومك، مخلص للقضية، قلم ذهبي و فكر نير، فاضح الحاقدين ( باروت ) والمأجورين ( يوسف )، ذخيرة الوطن 
_ دكتورنا الغالي يضع نفسه في خدمة القضية وحليم يوسف يضع القضية في خدمته، 
_ ما أكثر أمثال حليمو ( وهنا يقصد حليم يوسف (( حليمو )) استصغاراً من شأنه )، مين حليم يوسف حتى تعطيه هذه الأهمية… 
ويوزع الدكتور اللايكات على تعليقات الذين يصفون حليم يوسف بأبشع الصفات ( كل ذلك من خلال الصورة بالطبع )
_ المدهش في الأمر أن هذه الصورة كشفت المستور وأزاحت الغطاء عن حقائق مذهلة اكتشفها أصدقاء الدكتور، منهم من كان مخدوعاً بحليم يوسف كشخصية عامة و كان يعتبره عملاقاً في الرواية والآن انكشف أمره .
وقد راودتني حالة من الاندهاش منذ البارحة و أنا أتابع هذه الزوبعة الإلكترونية، جراء نشر تلك الصورة البسيطة لصديقين التقيا بعد زمن طويل . 
وبدأت اتساءل حقاَ عن مدى انحدار الحالة الثقافية والسياسية و الاجتماعية التي نجد أنفسنا، شئنا ام أبينا، جزءاَ منها، 
أن تحدث صورة عابرة كهذه، كل هذه الجلبة، كل هذا الضجيج، 
وأن تفجر هذا الكم الهائل من مخزون التنمر المدفون في دواخلنا، فهذا دليل أخر على أننا لسنا بخير .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خلات عمر

ليست الحكاية حكاية هرفين وحدها فقط، بل حكاية آلاف الأمهات في مجتمعاتنا. امرأة تعبت كثيرًا، حملت أطفالها تسعة أشهر في بطنها، ثم حملت همومهم سنوات طويلة على كتفيها. سهرت ليالي طويلة بجانب أسرتهم في المرض، تركت أحلامها لأجل أن يكبروا، وقفت وحدها في وجه الحياة كي لا ينقصهم شيء. لكن ما أن يشتعل أول…

غريب ملا زلال

هادي ضياء الديني من الأسماء المهمة في المشهد التشكيلي الكردي، وإن تناولته الصحافة الكردية وأجهزتها الإعلامية بوقفات مخجلة، فهو يستحق أن يكون تحت الضوء أكثر من ذلك بكثير.

هادي ضياء الديني من مواليد سنندج /كردستان إيران عام 1956، غني عن التعريف، لا يحتاج أن نقدمه كثيراً فهو يقدم نفسه بقوة، ومعروف جداً كردستانياً وعربياً…

أحمد جويل

أنتِ البنفسج
وأنا قطعة من قضامة…
ينهشني ضرسك بلهفة عاشق.

أنتِ ياسمينة
وأنا مجرد بواب
أبحث عن مفتاح
لصدر الحديقة…

أختلس من زيزفونها
باقة من الخمر،
لأشعل فورة قلبي
بثلجكِ الصيفي…

أنتِ طفلة المراجيح
في أعياد الأضحى
تأتي النسوة لغسل أرواحهن
في مراجيحكِ
وأنا الناسك
أمرّ عبر طقوس الذكرى
والدفاتر المنسية
على أدراج النخب
دون طباعة…

أنتِ بحر من الصفاء
تغسلين وجع الشمس بدمعة
نازفة من شفاه اللوز
وأنا…!!!
العنكبوت في باب المغارة
أسِدُّ عنكِ
بطاقة بحث
لدورة تدريبية
في حارات الشام…

ماهين شيخاني

كان طفلاً صغيراً يجلس في الصفوف الأولى، يراقب معلمه وهو يرسم الخرائط بخطوط من طباشير بيضاء.
كل خطٍ كان يشبه نَفَسَ حياة، وكل دائرة ترسم مدينةً تضيء في مخيلته ككوكب.
أحب مادة الجغرافيا كما يُحب العطشان قطرة الماء، وحفظ الجغرافيا والوطن العربي كما لو كان نشيداً يردده قلبه الصغير.
طاف بخياله في مدن بلده وقراه، حتى صار…