في حضرة الشاعر أحمد الحسينيّ 2

عبداللطيف الحسيني. برلين.

“من يُصابُ ببصيرتِه لن يرى جمالَ الحياة ،أمّا مَن يُصاب ببصره سيرى
ببصيرتِه جمالَ ومحبّةََ الكون كلِّه” .
لكلٍ شيطانُه يأتي إليه طارقاً…..داخلاً فسحةَ أحلامِه، شيطان أحمد
الحسيني هو أحمد خاني.
أحمد الثاني يفِد على أحمد الأوّل على هيئة كتابٍ ممزَّقةٍ هوامشُه، و
سيظلُّ أحمد يغرفُ منه ومن ملاي جزيري بدءاً بفتوّته إلى ما يشاؤه.
أ تلك ميزةُ الأدب البهيج الذي باتَ كنزاً لأحمد؟، لا يستهلكُه دفعةً
واحدة لينهيه ، بل يأخذُه بأصغريه ويديه ليمتحَ منه متى نادتْه صبواتُ
الفَقد. وما أكثر ما فَقَدَه أحمد: توفّيت والدتُه فوقَ زندِه أوّلاً ،
ثم تتالت الانكساراتُ علينا ـ نحن آل بيته ـ وعليه، فأحمد أتى من بيتٍ
ممزوجٍ بالكرديّة والعربية : ديوان ملاي جزيري يعانقُ فتوحات ابن عربي،
كَتَبَ بالكرديّة و دَرَسَ ودرّسَ بالعربيّة الفلسفةَ التي منحته روحَ
التأمّل ومحاولةَ النظر إلى العالم بعينين مغسولتين.
:”لماذا لا نكتبُ بالكرديّة بهذه الجمالية” ؟ سؤالُ النّجوى الذي طرحَه
أحمد الحسيني على نفسِه بعدَ أن استمعَ إلى قصائد الشاعر محمد نور
الحسينيّ المكتوبة بالعربيّة ، ثم تتالت السنواتُ و تشظّت و تردّد أحمد
قبلَ أن يتلو قصيدتَه الأولى على أخيه سعيد ريزاني الذي أشادَ بها
واستحسنها و لحّنها …ثم غنّاها.
….
ما بالُكم تُصَابون بأبصارِكم؟ فردّ على السائل: وأنتم تُصابون ببصائركم.
 “من يُصابُ ببصيرته لن يرى جمالَ الحياة ،أمّا مَن يُصاب ببصره سيرى
ببصيرته جمالَ ومحبّةََ الكون كلِّه” .
 ـ المقطع الصوتيّ لأحمد:

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…