إطلالة في ديوان (وجهك صار وشماً غجرياً ) للشاعرة السورية المغتربة ماجدة حسان

نصر محمد / المانيا 
( من ورود القلب، كل الحب )
– بهذه الكلمات أهدتني الشاعرة ماجدة حسان مجموعتها الشعرية ( وجهك صار وشماً غجرياً ) عندما حضرت لها امسية شعرية في مدينة كولن الألمانية مؤخرا، سعدت جداَ بقراءتها وكان لي هذه القراءة المتواضعة .
– تكتب قصيدة النثر والهايكو، تعتمد على التكثيف وعبق وعمق الجملة، تعشق الحياة، تحترم الإنسان، أياً كان، بغض النظر عن دينه او لونه او عرقه، تعشق الوطن وتعشق الأدب وتراه فوق المزايدات العرقية والطائفية . 
– الشعر لدى ماجدة حسان هو منطلق للتحليق مع فضاءات السحب المفتوحة التي لايستقر لها مكان في هذا الكون، كأنها طيور ماء،في زفة عرس اسطوري على الشطآن الخضراء .يتمسز بالعاطفة المشحونة برومانسية عالية .
( – وجهك صار وشماً غجرياً ) للشاعرة ماجدة حسان، هو ديوانها الشعري الاول، الصادر عن دار البلد للطباعة والنشر والتوزيع السويداء / سوريا، لسنة 2021، تصميم الغلاف رهام حرب، توزعت نصوصه على امتداد 112 صفحة من القطع المتوسط .
– تتوزع القصائد بين الطول والقصر، ومتنوعة من حيث شكلها الشعري فمنها مايمكن اعتباره قصدة نثر وهايكو ومنها مايدخل حيز الخواطر الشعرية .
– تستهل الشاعرة ماجدة حسان ديوانها ( وجهك صار وشماً غجرياً بهذا الإهداء 
الى من تقمصت قصائدي روحه ( ابي ) 
الى إمرأة أرضعتني عنفوانها وجموحها ( امي ) 
الى روحي المتجددة وقلبي العاشق ( نوار وآرام ومارسيل ) 
الى هدية القدر ودفء الروح ( زوجي حكمت ) 
– اصررت ان اورد الإهداء على نحو كامل، لأنه يكاد ان يكون العتبة الثانوية الاكثر اضاءة لعالم نصوص المجموعة،  
– تقول : في قصيدة مؤثرة جدا عن الأب الغائب بعنوان ( ماذا لو لم نلتق ) 
ماذا لو لم نلتق 
هل ستكون الحياة إكثر جفافاً ونمطية ؟ 
أم ستمد امامنا طرقاً جديدة 
وعوالم أكثر إثارة وجنوناً 
ماذا لو لم نثر على جلادنا ؟ 
هل ستكون عيشنا أكثر أماناً وهدوءاً ؟ 
أم سنموت وكأننا لم نكن 
ماذا لو لم نهاجر ؟ 
هل سنعرف كم فقدنا أجزاءاً منا 
تركناها معلقة على جدران دمشق ؟ 
أم اننا كنا سنحترق في شوارعها أحياء . 
ماذا لو تمت يا أبي ؟ 
إكنت احتضنت كل مخاوفي 
وأجبت عن أسئلتي الوجودية 
بقبلة دافئة وجملة واحدة ؟ ؟
(( عيشي يابنتي كل لحظة وكأنها عمر 
وتصالحي مع ذاتك ومع الحياة 
بحلوها ومرها ))
هذه ال ماذا تقتلني ياابي 
وتحييني كلما تعربشت روحي ..
– تظهر العناوين التي تختارها الشاعرة ماجدة حسان بأمانة وحرفية عالية، وعشق واضح يجعلك مندفعاً بكل هواجسك لتقرأ المضمون، ومن ثم تأخذك التفاصيل لعوالمها التي تشبهنا، وتتقاسم معنا تفاصيل حياتنا . تقول في قصيدة بعنوان ( امرأة أنا )
امراة أنا 
املك كل شجون الكون 
وأسير شامخة الجبين 
امرأة أنا 
ألد مم رحمي عشقاً وعوسجاً وسنابل 
أعزف كل صهيل خلق الروح والبلابل 
امرأة أنا 
احصد كل نجوم السماء برفة عين 
واصنع منها بيارق نصرٍ لكل الجداول 
لكل عشاق المعاول 
امرأة أنا 
أعشق الشعر والتحليق في المدى 
وأغني وارقص على كل البيادر 
امرأة انا 
ولن اتخلى عن كبريائي أو أجادل .
– الشاعرة ماجدة حسان انبهرت باللغة، ففتحت لها العربية المجال واسعاَ لتبحر في بحار الشعر، ببراعة ومهارة وإقتدار، وكان حصيلة هذا الشغف ان كتبت نصوصا بجمالية فنية، واسلوبية ذات بصمة مميزة، 
– تقول : في قصيدة بعنوان ( يؤرقني شغفي ) 
ليس مهماَ ان تكتب لي قصيدة 
ولا اريد جرعات من الحنان 
ولست راغبة بدفء صدرك هذه الليلة ايضاَ 
لم يعد يعنيني ان كنت وهماً او حقيقة 
إن كنت حلماً أو سراباً ..
ولا أشتهي سماع صوتك كل ليلة 
كل ما يؤرقني شغفي بتلك الدمعة في عينيك 
كل ما يشغلني ضعفي 
أمام خطوط وجهك التي تروي حكايا واسراراَ 
مايعنيني انك تورق من جديد 
بعد كل حفلة بكاء على صدري 
– وتتعامل الشاعرة ماجدة مع الأدب والثقافة وكشغف وحاجة روحية فنجدها تكتب عن العشق، الشوق، الغياب، عن الزوج 
– تقول في قصيدة بعنوان ( ليتك مجنون مثلي ) 
ليتك مجنون مثلي 
كي نمشي على الماء 
ونفك ازار السماء،
نرتق ثقب الأوزون 
ونزرع الأرض حكايات 
كلها قبلات 
ليتك مجنون مثلي 
كي نمارس الحب على غيمة 
وننجب الف الف بنت 
كل مساء 
ليتك مجنون مثلي 
كي نربح الجائزة الكبرى كل يوم 
ونوزعها على الفقراء ..
– تحتضن ديوانها ايضا عن قصائد عن هموم الوطن وشهدائه وقصائد تدين الحرب وتداعياتها، 
– حيث تقول : في قصيدة بعنوان ( أردت ان اضيع ذاتي ) 
اردت ان اضيع ذاتي 
مرة 
سلمتها لجنادل 
حلم 
وحملتها لتاريخ 
وطن 
ووشمتها بعشقي 
الحرية 
وقلت لها ارحلي 
للبعيد 
انا ماعدت قادرة على حمل 
كل هذه الإنكسارات في زحمةٍ 
الألم 
وحدة الروح وانهزام لحظات 
الفرح 
مع كل قضمة من سني 
الزمن 
سامحيني ياذاتي لأني 
فقدتك 
في عاصفة حرب 
احرقت ذاكرت عاشق 
اتعبته هموم حب 
مجنزر 
على جدران السجن 
– تكررت مفردة الروح اكثر من 25 مرة في القصائد، بل حتى في عناوينها مثل ( يتسرب خيالك في ضلوع الروح ) ( روح الوقت ) ( عندما تتوه بوصلة الروح ) ( عشق الروح الجامحة )، وتكرار هذه المفردة لا تمنحها رتابة، أو تقيد تأويل معانيها،  
– تقول في قصيدة بعنوان ( عندما تعثرت بقلبي ) 
عندما تعثرت بقلبي يوماً 
لم أجد سواك 
حاملاَ لثقلٍ 
ارتطام – الروح 
بذاك الجسد 
عندما تهوي – الروح 
تلقفها وأرحها 
على وسادة 
القلب …
– على الغلاف الأخير للمجموعة تقتبس الشاعرة قصيدة من قصائد الديوان – تقول في قصيدة بعنوان ( نكابر كي لا ننسى ) 
نكابر كي لا ننسى 
ذاك الوقت اللذيذ 
الذي حملنا بين أذرعٍ 
خلقت من تكاثف القبل 
نكابر كي يبقى 
طعم اللقاء حاراَ 
كلما زادت المسافات ببننا 
نزرع الف أمنية 
في أصيص الحلم 
ونكابر كي تورق 
دالية الروح لحظة انهمار 
دموع الشوق والشجن 
وننسى اننا خلقنا 
لنكابر ونكابر .. على جراحٍ 
تكفنت بسقوط وطن ..
– في الختام : 
هذه هي ماجدة حسان، وهذا موقفها الذي ترجمته عبر عنوان ديوانها وعبر قصائدها، التي رسمت ملامح كل عاشق . – وكما قال : الشاعر المرحوم زياد النبواني في تقديمه للمجموعة ( لا اريد أن اسرق منكم روعة السفر بين تلك الحروف، فقط اقول لكم ارحلوا معها، لأنها لا تتكرر )
– ماجدة سلمان حسان
مواليد دمشق ١٩٧١ 
تحمل اجازة في العلوم الانسانية قسم تاريخ ودبلوم تأهيل تربوي
عملت كمدرِسة تاريخ في سورية 
وتعيش الأن في النروج وتدرس اللغة العربية للمبتدئين 
تكتب الخواطر الشعرية الهايكو والقصة القصيرة
صدر لها في ٢٠٢١ ديوان ” وجهك صار وشماً غجرياً”
عن دار بلدنا في سورية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…