العشق المتجدد

ابراهيم البليهي

يتلاشى كل حب وينطفئ اتقاده بعد المعايشة إلا الشغف بالمعرفة ومعايشة الكتب فإنها تزداد اتقادًا مع طول المعايشة فما من شيء أو مجال يتنامى حبه ويزداد اتقادًا كلما طالت مدة التعايش معه إلا حب المعرفة والشغف بالمزيد من الفهم فإن الارتباط بالكتب يتحول إلى عشق عميق متجدد ومتعة عظيمة متجددة ….
من حُرم من الاستمتاع بالمعرفة فقد حُرِم من أهم مباهج الحياة وأشدها قابلية للاستمرار والتجدد …
والأسوأ أن يتسبب القسر التعليمي في غرس النفور من المعرفة وكُرْه الكُتُب إن هذه هي النتيجة المأساوية للتعليم القسري إن اضطرار الملايين إلى مواصلة التعلُّم كُرْهًا أو اضطرارًا من أجل الشهادة والوظيفة حيث يخلق هذا التعلُّم القسري انسدادًا للأذهان وانطفاءً لغريزة حب الاطلاع ونفورًا من الكتب ومقتًا لكل ما يرمز إلى مصادر المعرفة المنظمة ….
يتكرر الاستشهاد بالعقاد دليلًا بازغًا على تميز الأفراد الذين نجو من عقابيل التعلُّم اضطرارًا فبقيت قابلياتهم مفتوحة وشغوفة بالمعرفة ولكن هذا التركيز على اسم العقاد قد يوهم بأنه حالة استثنائية أما الحقيقة فهي أن الذين ارتبطوا ذاتيا بالمعرفة هم الذين أمدوا الإنسانية بذخائر الإبداع ….
أغلب المبدعين العرب قد علموا أنفسهم: العقاد والرافعي والمنفلوطي ومارون عبود وحنا مينه والجواهري وغيرهم ….
  وعلى المستوى المحلي: حمد الجاسر وحسن عواد ويوسف الكويليت وعلى العريفي وعبدالله جفري وعبدالله باجبير ومحمد الرطيان وفهد الأحمدي هذه مجرد نماذج من الأسماء اللامعة من الأفراد الذين علموا أنفسهم بشغف متجدد لأنهم نجوا من نتائج التعليم القسري …..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…