وفرة احتياطية هائلة

ابراهيم البليهي

إن تجهيزات جسم الإنسان الحيوية قائمة على مبدأ الوفرة الاحتياطية ….
وعلى سبيل المثال فإن دماغ الإنسان الأيمن هو تكرار للدماغ الأيسر ويترتب على هذا التكرار بأنه يمكن لحياة الشخص أن يعيش حياة طبيعية بعد إزالة دماغه الأيمن بأكمله بشرط أن يتم ذلك قبل بلوغ الشخص السنة الثامنة من عمره حيث ثبت أن الأطباء أزالوا جراحيًّا الدماغ الأيمن لطفل فعاش حياة طبيعية تمامًا ولم يتعثر لا في التعلم ولا في ممارسة أي شيء يمكنه أن يمارسه بالدماغين ….
وتعرض أحد الأشخاص لانفجار انتزع جزءًا كبيرًا من دماغه فلم يتأثر ذكاؤه ولا قدرته على التعلم ولا مهاراته العملية وإنما فقط اختلت عنده قدرة التقييم ….
وأصيب أستاذ جامعي بعطب شديد في دماغه وشلل لكنه بالتمارين وحث الدماغ على النمو استعاد قدراته وعاد للتدريس في الجامعة بل عاد يمارس الرياضة … 
الكبد نموذج آخر على الوفرة الاحتياطية وهذه مزية ذات حدين فهي تجعل الإنسان يستمر في حياته الطبيعية مادام يوجد جزء من كبده سليما لم يُصَب بعطب لكن هذه المزية لها جانب سلبي لأن الشخص الذي تصاب كبده يستمر يجهل مرضه حتى يكتمل العطب فالكبد تستمر في أداء وظيفتها مادام فيها جزء سليم فيفاجأ الشخص بعد اكتمال العطب أن زمن التدارك قد فات وهذه معضلة الوفرة الاحتياطية الخادعة …..
الأكثر وضوحًا في الوفرة الاحتياطية تتأكد في الوظيفة التكاثرية والتلقيح فبينما أن الأنثى لا تُفرز مبايضها سوى بيضة واحدة في كل شهر فإن قذفة واحدة من الذكر تحوي ملايين الحيوانات المنوية وهي كافية لتلقيح ملايين الإناث لكن حيوانًا منويا واحدًا فقط هو الذي يلتحم بالبويضة ويخرتقها ويمتزج بها ومنهما معًا يتخلق كائن جديد ….
هذه نماذج من الوفرة الاحتياطية الهائلة التي يقوم عليها التكوين الجسدي للإنسان ……

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…