التوازن واللا توازن

عصمت شاهين دوسكي

بين صخب الحياة وتناقضاتها المسرعة نسينا في لجة الوصول والركض وراء الأهداف السريعة ناهيك عن الأزمات التي تمر على أيامنا وعمرنا بلا حلول وتسارع الأحداث نسينا شيء أسمه التوازن لا يتصور معظمنا إن التوازن واللا توازن ككفتي ميزان كأرجوحة معادلة بين جانبين ومن المفترض أن نساوي كلا الجانبين وهناك مشاكل كثيرة في حياتنا تعترض وجود هذه المعادلة التوازنية ومنها الوقت والوعي والإدراك وحينما نلغي عامل الوقت يبدأ العقل دوره الكبير في اتخاذ التدابير والقرارات المناسبة فمن الضروري معرفة أهمية التوازن في حياتنا وأهمية الاختيارات قد تكون صعبة ولكنها ممكنة ومنها الأولويات المهمة في حياتنا وترك ما لا يعنينا التي تكون بعيدة عن الأولويات التي تعيننا على المعادلة والاهتمام بالنفس 
فمن لا يهتم بنفسه ورفاهيته لا يقدم شيئا وهذا لا يعني أن نكون بعيدا عن المشاعر الراقية والإحساس النقي والعواطف المشرقة بل التوازن يجعلها أكثر قدرة على الارتقاء والسمو والإبداع وأكثر تعاملا مع الآخرين بصورة سليمة ويمنح نوافذ مفتوحة للحياة وطاقة ونشاطا وأفكارا خلاقة تجدد من خلالها الاستمرار ،فالتوازن الداخلي يخلق أكثر انسجاما وتعاطفا ومودة مع الآخر تدرك منابع الخير ولا تركز فقط على الجانب السلبي تفتح أمامك مساحات واسعة من التعارف والمعرفة أكبر من هيكل العائلة وجهد ودافع كبير للنشاط والعمل بجدية ودقة لا شك حينما يكون الإنسان محاطا داخليا وخارجيا بالقلق والارتباك والتوتر والإحباط واليأس والفقر والضعف وعدم الإدراك وقلة الوعي لا تكون لديه القدرة على التفكير السليم ولا ينتج شيئا مهما له وللآخر بعكس التوازن الذي يكون جسديا وعقليا في حالة من العطاء الخلاق والظهور والتميز والإبداع المطلوب ومن هذا المنطلق يسري الأمر مجتمعا على تحقيق الرضا ومن تحقيق الرضا الذي هو بوابة لتحقيق الذات والسيطرة والتحكم في مسار وتقلبات حياتك ليظهر جليا على الوجه نور السعادة الروحية والفكرية والحسية فالتوازن مرادف جميل للنجاح وليس مرتبط بالاستقرار بل بخلق حياة جديدة وأكثر المجتمعات التي تطبق التوازن تكون أكثر تقدما . حتى هذا الكون الذي نعيش فيه ونراه مترابط ومتماسك ومتناغم مع كل الأشياء الصغيرة والكبيرة بشكل مدهش وهو من الأسباب المهمة باستمرار الكون والبشر ويعتبر أساس وجود الكواكب والمجرات والنجوم والعوالم الإنسانية والنباتية والحيوانية وكل شيء على الأرض والفضاء وقد جاء ذكر التوازن في القرآن الكريم في سورة الطلاق 3 ” ﴿ قَدْ جعلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ ” وقتا ومقدارا ،قدره الذي ينبغي أن يكون عليه ومنها التوازن العجيب بين حركة الأرض والشمس والقمر والحركة المدهشة بين أصغر ذرة وأخرى وقال تعالى في سورة ياسين “40 ” ﴿ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ . كل منا مطالب بالتوازن والاعتدال بعيدا عن الملل والروتين والإحباط والحزن والكآبة والضجر وأن لا نتمسك بجانب ونترك الجوانب الحياتية الأخرى وإعطاء كل ذي حق حقه كما جاء في الحديث الشريف ” إن لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقهُ  ” بعيدا عن السرقة والطمع والجشع والفساد الإداري والثقافي والعلمي والسياسي والاقتصادي والتربوي والزراعي والسياحي ،نراعي الحقوق والواجبات التربية والأخلاق العمل والإبداع الراحة والتعب الجفاء والرأفة الحب والكره الجد والسرور والنقد البناء والهدم ،الفشل والنجاح وقيام العدل والقوانين التي تنظم الحياة الاجتماعية لحماية الحقوق الشخصية للأفراد العدالة المهمة في الحياة إيقاف الظلم والمساعدة في تحقيق العدالة أهم ،الحقيقة والعدالة مسؤولية الجميع لأننا نحيى معا مشاكل الآخرين هي مشاكلنا فيجب أن نقف بجانب بعضنا كما الأرض والشمس والقمر والنجوم تقف بجانب بعض وليس كافيا أن نعتمد على شخص ليدير أمورنا ويقرر بدلا عنا وإذا لم يطعمنا جعنا وإذا لم يسكننا تشردنا ولكن من واجبنا أن نقف مع الآخرين نتحدث باسمهم حينما لم يتمكنوا فكريا وتعبيريا ووعيا وإدراكا أن يتحدثوا فالحديث الصوت قوة نمتلكها جميعا ولكن ليس بإمكان ومقدور الجميع التعبير عنها ، فالكون توازن ،والعدالة توازن وأنت بحد ذاتك توازن ، كن متوازنا يأتيك كل ما تريد والبلاد المتوازنة تراها قمة في التقدم والعطاء والإنسانية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالرزاق عبدالرحمن

عندما قربت مني صورتك

أمعن في زوايا عينيك النظر

تهت…

ضعت…

مثلما النهر إذا ما صب في البحر

عندما قربت مني صورتك

أرسم على خديك القبل

ذبت …

مثلما الثلج إذا ما ألقى على الجمر

وعندما أغمضت عيني أتخيل تلك الليلة

ارتجفت…

مثلما العصفور من بلل القطر

فقطعت صورتك الف قطعة ورميتها

لكنني لم أستطع تقطيع صورتك في فكري

فجأرت إلى ربي ونذرت

إن أنساني هواك

أمضي نصف عمري أصلي

والنصف…

خالد حسو

….. كان يا ما كان في قديم الزمان، أسد عجوز عاش سنوات طويلة سيدًا لغابة مترامية الأطراف، وكان يحكمها بحكمته وقوته. وفي الجوار، كان هناك نمر شاب في مقتبل العمر، طموحه السيطرة على تلك الغابة وفرض نفوذه.

نشب قتالٌ شرس بين الأسد والنمر. كان النمر مليئًا بالطاقة والشراسة، بينما الأسد، رغم خبرته، كان يرزح تحت…

جيلان محمد شريف

إعلامية كوردية، مترجمة، وناشطة في الشأن الإنساني

في عالم يتزايد فيه الاهتمام بالفن والإبداع، تتألق قصص ملهمة لشخصيات تتغلب على التحديات لتصل إلى النجاح. من بين هذه الشخصيات البارزة، تبرز شنو وبوكان، شقيقتان من ذوات الاحتياجات الخاصة، حولتا تحدياتهما إلى مصدر قوة وإلهام. بشغفهما العميق بصناعة الإكسسوارات والأعمال اليدوية، تمكنتا من بناء مسيرة فنية…

بسام مرعي

قبل عشر سنوات من الآن انطلق نادي المدى للقراءة – أربيل بروحِ مفعمةٍ بحب المعرفة وشغف القراءة ليكون منصةً تجمع حولها عشاق الكلمة المكتوبة و الروح المحلقة في سماء القراءة ، ومكانًا يفتح أبوابه لكل من يسعى للحوار والمعرفة .

لان هذا النادي تجاوز اختصار فكرة كاتب يجلس خلف طاولته وناقد يشرح ويفسر والحضور…