كونى ره ش
اليوم، بمناسبة ذكرى مرور 39 عاماً على رحيل الشاعر الكبير جكرخوين يوم 22 أكتوبر 1984م، يسعدني ان اقول: التقيت به عدة مرات في منزله المتواضع بالحي الغربي في مدينة القامشلي (حيث يرقد الآن)، واستفدت منه كثيراً.. رغم محاربته سياسياً، كونه كان يميل إلى أحد الفصائل الكوردية ومن رجال الدين الذين اعتبروه كافراً وملحداً.. وبقي يعاني الفقر والحرمان، لم يتزحزح أو يتنازل عن موقفه، لغاية هجرته إلى السويد عام 1979..
جكرخوين هذا الذين سخروا جل حياته في خدمة شعبه وتقدمه، وضحى بالغالي والنفيس من أجل سعادته ورفاهيته، من خلال قول الحق والدفاع عن إنسانية الإنسان بكل ما تحمل هذه الجملة الأخيرة من معان ومدلولات، وذلك عبر الكلمة المبدعة والقصيدة القومية الهادفة. كتب القصائد الشعرية في جميع المجالات الوطنية والإنسانية وكان ملتزماُ بقضايا أمته الكوردية ومصيرها وحريصاً على الكتابة بلغته الأم عبر قوله:
“إذا كتبت بلغة الآخرين فإن لغتي ستضمحل وتموت، أما إذا كتبت بلغتي فإن الآخرين سيحاولون قراءة لغتي وتعلمها”… سيبقى جكرخوين قامة شامخة في الشعر الكوردي، وستظل هذه القامة عالية عبر الأجيال القادمة، وسنتذكره بفخر وكبرياء، كما نتذكر اليوم الشاعر الخالد أحمد خاني وحاجي قادر كوي والجزيري وكوران وغيرهم..
وفي هذه الذكرى، يسعدني ان اذكر ما قاله الأب الدومنيكي الفرنسي Thomas Bois) توما بوا: 1890-1975)، الذي يحتل موقعا متميزا بين المستشرقين بجدارة، بحق شاعرية الشاعر جكرخوين في كتابه (مع الأكراد) أو (معرفة الأكراد)/ 1965م، حيث يذكر الشاعر الخالد (جكرخوين) بهذه الكلمات: “في عهد الجمهورية المستقلة في مهاباد 1946، برز شاعران شابان من خلال شعورهما الوطني وهما : م . هيمن وبالأخص عبد الرحمن هجار المولود 1920م، ولكن من الممكن منح الوسام في هذا المجال الى جكرخوين (Cegerxwîn) ذاته، من خلال ديوانه الأول 1945م، حيث يجري فيه الإلهام الشعري والإحساس بوطنية مضطرمة وان هذا الملا والتارك للملالية تتسلط عليه فكرة وطنه الغائب، حيث يحاول إيجاد هذا الوطن. وفي هذه الاشعار الكلاسيكية غالباً والأكثر حداثة أحياناً يتفنن في اختلاق الأسلحة الضرورية في سبيل ذلك وهي: إخلاص الزعماء للقضية الكردية وإتحاد الكل رغم تشعب العشائر أو الأديان ولا سيما تعليم البنات وكذلك الأولاد بغية خروجهم من الجهل والبؤس..”.
القامشلي 22/10/2023