قراءة في رواية «جنوب قلعة بدليس» للروائي:«رستم محمود»

علي ملا 

كانت لعنوان الرواية أثرها الأكبر عليّ حين قرائتها ، في هذه الرواية التي يبلغ عدد صفحاتها 271 صفحة من القطع المتوسطة وبطبعة جميلة، يروي لنا الروائي ” رستم محمود” التاريخ الفاجع لشعوب المنطقة، متمثلةً بالكرد، والأرمن، والسريان، الذين عاشوا زمناً صعباً في تلك المظالم والنفي القسري لتلك الشعوب في فترة الحرب العالمية الأولى أثناء انهيار الدولة العثمانية.
يأخذنا الروائي في طرقاته الوعرة إلى جنوب قلعة بدليس و بحيرة وان التي وقعت فيها أحداث الرواية وما حصلت لعائلة “سلطانة” في التنقل والبحث عن الاستقرار، ” سلطانة” التي كانت لها أسم آخر هي ” غزالة” كانت عيناها تشبهان عيون الغزلان.
هذه الرواية هي حكاية عائلة من ثلاثة أجيال متتالية عاشوا في تلك الامكنة في تحولاتها الاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية، والصراعات السياسية المتمثلة بالظلم والاضطهاد، وظروف حياتية قاسية مثقلة بالسجون والأمراض، والجوع، والبرد، والإهانات، والضرب، والاغتصاب، والترحيل القسري حتى حدود مدينة ديرالزور، رحلة معاناة رهيبة لتلك المجموعات البشرية، انها مساحة للخوف والآلام التي تلاحقهم في تلك الأمكنة بتفاصيلها الكثيرة. وقد استند الروائي على مراجع تاريخية و فضاءات جغرافية واضحة المعالم، أنها إضافة للروايات التاريخية، هذا رأيّ كقارئ. رواية مشوقة تحمل أفكاراً عميقة، تعزز الجانب الإنساني في خياله وأفكاره وتخميناته الإبداعي تكون لها تأثيرها الأدبي على القارئ، وتفتح عوالم جديدة في عقولهم، أنها تحمل في طياتها الفنتازية Fantastiskt.
يكتب الروائي ” رستم محمود” بروح مميزة وبأسلوبه المهني يحرك شخصياته الروائية في تضاريس متنوعة الأحداث، وتحمل الكثير من المشاهد التاريخية والجغرافية وتعدد أمكنتها. يصطحبنا في تلك الطرقات الملتهبة في ممراتها الصعبة التي لا أمل لأحد من أبطالها في النجاة أو الوصول إلى بر الأمان. 
رواية ” جنوب قلعة بدليس”مكتوب بإتقان وتشويق وبلغة سهلة، وهي أجمل الروايات التي قرأتها في الآونة الأخيرة.
رواية «جنوب قلعة بدليس» للروائي:«رستم محمود
طبعة عام: 2022 منشورات المتوسط، إيطاليا.
تصميم الغلاف والإخراج الفني للناصري 
————–
Västerås 2023
السويد 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…